يمر المراهقون في مرحلة حرجة من حياتهم، وهي المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى النضج والبلوغ. خلال هذه الفترة من حياتهم تحصل تغييرات هرمونية وجسدية ونفسية كثيرة ويعانون من ضغوط من أقرانهم، وتأثير وسائل الإعلام، فضلا عن التأثيرات الخارجية الأخرى.
في هذه المرحلة الهامة من حياتهم يصبح المراهقون بحاجة كبيرة إلى آباء يدركون ما يمرون به ويعاملونهم كأصدقاء بدلا من الدور التقليدي للوالدين كمصدر للأوامر والقرارات التي يجب على المراهق تنفيذها. إنهم في حاجة إلى الشعور بوجود المساعدة والدعم طوال هذه المرحلة من حياتهم.
من المهم أن ندرك أنه خلال هذه المرحلة يسعى المراهقون باستمرار إلى الاستقلال عن آبائهم في جميع الجوانب من حياتهم ويسعون إلى أن يتم التعامل معهم كبالغين. كما أنه تبدأ رغباتهم الجنسية بالتطور. كذلك تتعمق وتتشكل الجوانب الروحية والدينية، وهم في بحث دائم عن هوياتهم، ومحاولة إيجاد أنفسهم.
يشعر كثير من الآباء أنهم يواجهون صعوبة في علاج مشكلات أولادهم المراهقين؛ لذلك يشعر الأبوان بالقلق والاضطراب فيطلبان دعم المختصين ونصيحتهم فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع الأبناء المراهقين وكيفية حل مشكلاتهم. وهذه بعض النصائح التي ستساعد الآباء على التعامل مع المراهقين بشكل أفضل :
1- منحهم الحب والتسامح والدعم المستمر عندما يواجهون الفشل.
المراهقون بحاجة إلى التأكد من أنهم عندما يخطئون، سوف يجدون من يبين ذلك لهم ويساعدهم على منع حدوثه مرة أخرى. فمن واجب الوالدين والأصدقاء الوقوف بجانبهم مهما كان حجم الخطأ وتوفير الدعم النفسي وتطمينهم أن الأهم هو التعلم من الأخطاء وعدم تكرارها.
2- اجعل له مجالاً للعودة
وذلك بتقبله بعد التغيير، ونسيان ما كان منه، وكما قيل: “ الوالد المنصف هو الذي تتغير نظرته عن ابنه كلما تغير ابنه “، وبفتح المجال لذلك عند الحديث معه عن ما يراد تغييره.
3 - تعزيز الجانب الديني لديه والدعاء له بظهر الغيب، وأمامه بأن يغيره الله إلى ما هو أفضل.
4- الاستماع إلى همومهم وتلبية احتياجاتهم.
من المهم أن يكون هناك تواصل دائم بين المراهق ووالديه. بحيث يشاركونه همومه ومشاكله بدون حواجز الخوف من العقاب أو النظرة السيئة أو إعطائهم محاضرات طويلة تجعلهم يشعرون بأنهم مهملون وليسوا على قدر المسئولية. تحدث إليه بنفس الطريقة التي تتحدث فيها مع صديق يطلب النصيحة ويشاركك همومه. وينبغي عند الحديث معه مراعاة عرض المشكلة وبيان خطرها، ومدى حرصنا على حمايته، وإمكانية سماعنا منه، واحتمالية سماحنا له عنها.
5- توضيح القواعد والحدود التي تضعها لهم باستمرار.
يعمد كثير من المراهقين إلى اختبار القواعد والحدود التي توضع لهم من قبل الوالدين وتحديها. وينصح هنا بعدم وضع ضوابط صارمة جدا أو المبالغة في حمايتهم وذلك لان المراهق يريد أن يشعر ببعض الحرية في التصرف واتخاذ القرار ولأنة أحيانا نتعلم من أخطائنا وتجاربنا في الحياة أكثر مما يقال لنا. يجب ألا نجعل المخاوف الخاصة بنا سببا في المبالغة في حمايتهم والخوف عليهم فالوقوع في الخطأ من طبيعة البشر.
6- اسمح لهم باتخاذ بعض قراراتهم بأنفسهم.
حاول السماح والقبول بأكبر قدر ممكن من طلبات المراهق، واعطاءه الفرصة لاتخاذ القرار بنفسه قدر الإمكان. مثل السماح لهم باختيار ما يناسبهم من الهوايات والملابس والأنشطة لأن هذا يمنحهم الشعور بالهوية والحرية وخلق روابط أقوى بينك وبين ابنك المراهق كما أن إعطاءهم الفرصة على اتخاذ القرار يساعدهم مستقبلا على الاعتماد على أنفسهم وتحمل تبعات اختياراتهم.
ان شعور المراهق بالرقابة المستمرة والصارمة على حياتهم من شأنه أن يؤدي إلى التمرد والعناد وعصيان الأوامر.
7- كافئهم وأثنِ على صفاتهم الحسنة وقراراتهم الجيدة.
وضح لهم دائما شعورك بالرضا والفخر بقراراتهم الحكيمة وصفاتهم الجيدة كما يفضل كذلك استخدام أنواع متعددة من المكافآت مثل الحوافز المادية أو العينية أو السماح له بالخروج مع أصحابه أو غيرها من المكافآت، هذا سوف يساعدهم على بناء الثقة بالذات والاستقلالية كما يعزز التواصل بينكم ويشجعه على الاستمرار على نفس النهج السليم.
8- لا تقارنهم بالآخرين.
لا تقارن بين ابنك المراهق وأشقائه أو المراهقين الآخرين. هذا يثير غضب المراهقين ويخلق مزيدا من العناد والتمرد. كما يخلق أيضا المنافسة والغيرة السيئة. حاول دائما أن تثني على صفاتهم المتميزة عن الآخرين وشجعهم على الاستمرار.
9- عاملهم باحترام دائما
احرص على الاستئذان قبل دخول غرفتهم وتحدث معهم باحترام أمام الآخرين، وهذا سوف يعزز من الروابط بينكم كما يشجع على الاحترام المتبادل.
10- الترفق به وخاصة عندما نوجه له أي نقد لسلوكياته.
ولعل من المفيد أحيانا أن نتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم عند النقد للمراهق (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا). أي أن نستخدم التلميح لا التصريح عند علاج بعض سلوكيات المراهق الخاطئة.
بالطبع خلال هذه المرحلة سيكون لديهم نزعه التمرد. حاول أن تكون على استعداد لتقبل حصول بعض الأخطاء وحاول ان تسيطر على غضبك تجاه أفعالهم وأن تعالج الموضوع بحكمة وروية. تذكر أن تعاملهم كصديق متواجد باستمرار وحريص على مساعدتهم على تصحيح الأخطاء وإرشادهم إلى الطريق الصحيح.
أبناؤنا ووسائل الإعلام
قامت العديد من الدراسات والأبحاث على فرضية ما لوسائل الإعلام من تأثير إيجابي على العنف لدى الأطفال والمراهقين، فقد كانت الفرضية تتساءل هل العنف غير المبرر في الأفلام خصوصاً قد يخلق لنا جيلاً عنيفاً دموياً .... وغيره من الفرضيات في هذا السياق، ولكن الدراسات جاءت بنتيجة أخرى، فالعنف في وسائل الإعلام لم يكن ليؤثر في الأطفال والمراهقين، بقدر ما تؤثر فيهم البيئة المحيطة والمجتمع الذي يعيشون فيه .
إن وسائل الإعلام قد تسوق الكثير من الأفكار الهدامة وتمررها دون أن يشعر المراهق بدورها مستقبلاً، وهذا موجود في كل العالم وليس مختصاً بعالمنا العربي، ومن أمثلته تلك الإيحاءات الجسدية التي تجدها في بعض الاعلانات، ويدخل ضمن تمرير مثل هذه الأفكار ما تقوم به بعض الأفلام العربية سواء عن قصد أو عن جهل بإظهار لحظات التدخين وتعاطي المخدرات وتغليفها بهالة من الفضيلة مثل ضابط الشرطة الذي يدخن كثيراً ليفكر جيداً فهو يحمي المجتمع من أخطار الجريمة والمجرمين .
هل يعني ذلك أن يقوم الأهل بمتابعة ما يعرض في وسائل الاعلام للحرص على أبنائهم، هذا وارد ولكن الأسلم من ذلك هو التوعية المستمرة على شكل معلومات وحوارات شفافة مع أبنائنا لحمايتهم من مختلف الأفكار الهدامة بما يتناسب مع عقيدتنا وقيمنا وتقاليدنا العربية الأصيلة .