قال أبو مسلم الخولاني : ( أريتم نفساً إن أنا أكرمتها ونعمتها وودعتها ، ذمتني غداً عند الله ، وإن أنا أهنتها وأسخطتها وأنصبتها وأعملتها مدحتني عند الله غداً ؟ قالوا : من تيك يا أبا مسلم ؟ قال : تيكم والله نفسي )
فمن الوسائل التربوية لتهذيب النفس وإصلاحها ، والأخذ بها في السير إلى الله التربية بمعرفتها، لأنه كما يقول الإمام ابن القيم :
( من لا يعرف نفسه كيف يعرف خالقه )
ومن هنا فهم جيل التابعين خطورة الجهل بالنفس ، وأهمية معرفتها ، وأن معرفتها خطوة ضرورية في طريق الإصلاح ، كما يقول وهيب بن الورد : ( إن من صلاح نفسي ، علمي بفسادها ، وكفى بالمؤمن من الشر أن يعرف فساداً لا يصلحه )
إن هذه النفس لها ميول وتطلعـات ومطالب ، والذي خـلقها ـ سبحانـه وتعالى ـ اقـتـضت حكمته وسنته في خلقه ألا تستقيم هذه النفس ، ولا تنضبط إلا إذا سارت على طريق مدروس ، وضعه من له علم بخفايا هذه النفس وأسرارها .
والمستهدف من معرفة الإنسان لنفسه أن يقف على عجزه وضعفه وجهله ، وأن يشعر بافتقاره إلى كل ما يقيمه ويصلحه ، فيتيقن حاجته لربه . كما أنه بمعرفة نفسه ، وحقيقتها من حب للفجور والظهور ، والطغيان والغلو ، يدرك أنها لو تركت لما أقبلت على أي طاعة ، وما تركت أي معصية .
( فإن عَرف منها ما تُجِنُّ ، وتصور منها ما تُكِنُّ ، ولم يطاوعها فيما تحب إذا كان غـيّا ، ولا صرف عنها ما تكره إذا كان راشدا ، فقد مَلَكَهَا بعد أن كان مُلْكِهَا ، وغَـلَبَهَا بعد أن كان في غُـلْبِهَا )
والمستهدف من معرفة الإنسان لنفسه أن يعرف ما تسعى إليه ، للحصول على حظوظها وشهواتها ، وأن يعرف حماقتها ورعونتها وجهلها ، وأنها أمارة بالسوء ، فلو ترك لها الزمام ، وأُحسِن بها الظن كان حتفها وهلاكها ..
يقول الإمام أبو حامد الغزالي : ( اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ، وقد خلقت أمارة بالسوء ، ميّالة إلى الشر ، فرارة من الخير ، وأمرتَ بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها وخالقها ، ومنعها من شهواتها ، وفطامها عن لذاتها ، فإن أهملتها جمحت وشردت ، ولم تظفر بها بعد ذلك )
يقول الإمام ابن القيم : ( ويفيد نظره إليها ـ إلى النفس ـ أموراً منها : أن يعرف أنها جاهلة ظالمة ، وأن الجهل والظلم يُصْدِرُ عنها كل شيء قبيح ..... )
وقال يحيى بن معاذ : ( من سعادة المرء أن يكون خصمه فَهِماً وخصمي لا فهم له قيل له : فمن خصمك ؟ قال : خصمي نفسي ، لا فهم لها ، تبيع الجنة بما فيها من النعيم المقيم والخلود فيها ، بشهوة ساعة في دار الدنيا )
ولذلك كانت وصيتهم لنا أن نعرف أنفسنا ، كان سفيان الثوري يقول : ( إذا عـرفت نفسك ، لم يضـرك ما قـال الـنـاس ) وكان سفيان بن عيينة يقول : ( ليس يضر المدح من عرف نفسه )
فلا يضرك ما قال الناس لك ما دمت تعرف أنت نفسك ، فتزكية الناس لك ما هي إلا شباك نصبها الشيطان ، ولكن كل منّا أدرى بعيوب نفسه التي سترها الله عن أعين الناس .
وكان عون بن عبد الله يقول : ( إذا عصتك نفسك فيما كرهت ، فلا تطعها فيما أحبت ، ولا يغرنك ثناء من جهل أمرك )
وكان دعاؤهم الدائم كما يقول يوسف بن أسباط : ( اللهم عـرّفني نفسي ، ولا تقـطع رجاءك من قلبي )
فإن في النفس من الأسرار والخفايا ما لا يكشفه سوى عون من الله لنا ، فإن معرفتها كما يقول سهل التستري : ( معرفة النفس أخفى من معرفة العدو )
أي أن عيوبها تتستر وتموه أمرها كما يتستر العدو ويخادع ، ولكنه خفاء لابد من اقتحامه واستجلائه إذا أردنا تزكية النفوس .
والمستهدف أن تفهم أن لك نفساً واحدةً ، يجب عليك رعايتها ، فليس هناك مجال لأن تُــعْـوّض بغيرها ، يقول أبو حفص الجزري : ( كتب أبو الأبيض إلى بعض إخوانه أما بعد ، فإنك لم تكلف من الدنيا إلا نفسا واحدة ، فإن أنت أصلحتها لم يضرك إفساد من فسد بصلاحها ، وإن أنت أفسدتها ، لم يضرك صلاح من صلح بفسادها واعلم أنك لن تسلم من الدنيا حتى لا تبالي من أكلها من أحمر أو أسود )
والمستهدف من التربية على معرفة النفس عند التابعين أيضا ، أن يعرف كل منَّا أصله الذي خلق منه ، وهو التراب الذي يمشي عليه ، وأن بداية خلقه نطفة ، لو نظرها بعينه لتقزز ، ومن هنا وجب عليه ألا يأخذه الغرور والكبر والفجور .
مر المهلب بن أبي صفرة على مالك بن دينار يتبختر في مشيته ، فقال له مالك : أما علمت أن هذه المشية تكره إلا بين الصفين ؟ فقال له المهلب : أمـا تعـرفني ؟ فقال له مالك : أعرفك أحسن المعرفة ، قال : وما تعرف مني ؟ قال : أما أولك فنطفة مذرة ، وأما آخرك فجيفة قذرة ، وأنت بينهما تحمل العذرة ، فقال المهلب : الآن عرفتني حق المعرفة )
وهذا بكر الشبلي يوقظنا أن نفطن لمعرفة النفس بهذه الصورة والكيفية ، فيقول :
( إذا أردت أن تنظر إلى الدنيا بحـذافـيرها فـانظر إلى مزبلة فهي الدنيا ، وإذا أردت أن تنظر إلى نفسك ، فخذ كفا من تراب ، فإنـك منه خلقت ، وفيه تعود ، ومنه تخرج ، وإذا أردت أن تنظر من أنت ، فانظر ماذا يخرج منك في دخولك الخلاء ، فمن كان حاله كذلك فلا يجوز له أن يتطاول أو يتكبر ) فإذا شمخت بأنفك فعد و تفكر ما تحمل في بطنك .
ومن المستهدف لمعرفة النفس أيضا ما لمحه أبو الفرج بن الجوزي ، فلفت الأنظار إليه ، وهو أن نعرف قدر هذه النفس عند الله : ( ويحك لو عرفت قدر نفسك ما أهنتها بالمعاصي ، إنما أَبْـعَـدْنَا إبليسَ لأنه لم يسجد لك ، فيا للعجب كيف صالحته وهجرتنا )
والمؤمن يعرف قدر نفسه ، في غير كبر ولا عجب ولا غرور .... صانها عن الرزائل ، وحفظها من أن تهان ، ونزهها عن دنايا الأمور وسفاسفها في السر والعلن ، وجنبها مواطن الذل ، بأن يحمّلها ما لا تطيق ، أو يضعها فيما لا يليق بقدرها ، فتبقى نفسه في حصن حصين ، وعز منيع ، لا تعطي الدنية ، ولا ترضى بالنقص ، ولا تقنع بالدون .
فـاللهــم عـــرفـني نـفــسي ، ولا تـقـطـع رجـاءك مــن قـلـبـي .
فمن الوسائل التربوية لتهذيب النفس وإصلاحها ، والأخذ بها في السير إلى الله التربية بمعرفتها، لأنه كما يقول الإمام ابن القيم :
( من لا يعرف نفسه كيف يعرف خالقه )
ومن هنا فهم جيل التابعين خطورة الجهل بالنفس ، وأهمية معرفتها ، وأن معرفتها خطوة ضرورية في طريق الإصلاح ، كما يقول وهيب بن الورد : ( إن من صلاح نفسي ، علمي بفسادها ، وكفى بالمؤمن من الشر أن يعرف فساداً لا يصلحه )
إن هذه النفس لها ميول وتطلعـات ومطالب ، والذي خـلقها ـ سبحانـه وتعالى ـ اقـتـضت حكمته وسنته في خلقه ألا تستقيم هذه النفس ، ولا تنضبط إلا إذا سارت على طريق مدروس ، وضعه من له علم بخفايا هذه النفس وأسرارها .
والمستهدف من معرفة الإنسان لنفسه أن يقف على عجزه وضعفه وجهله ، وأن يشعر بافتقاره إلى كل ما يقيمه ويصلحه ، فيتيقن حاجته لربه . كما أنه بمعرفة نفسه ، وحقيقتها من حب للفجور والظهور ، والطغيان والغلو ، يدرك أنها لو تركت لما أقبلت على أي طاعة ، وما تركت أي معصية .
( فإن عَرف منها ما تُجِنُّ ، وتصور منها ما تُكِنُّ ، ولم يطاوعها فيما تحب إذا كان غـيّا ، ولا صرف عنها ما تكره إذا كان راشدا ، فقد مَلَكَهَا بعد أن كان مُلْكِهَا ، وغَـلَبَهَا بعد أن كان في غُـلْبِهَا )
والمستهدف من معرفة الإنسان لنفسه أن يعرف ما تسعى إليه ، للحصول على حظوظها وشهواتها ، وأن يعرف حماقتها ورعونتها وجهلها ، وأنها أمارة بالسوء ، فلو ترك لها الزمام ، وأُحسِن بها الظن كان حتفها وهلاكها ..
يقول الإمام أبو حامد الغزالي : ( اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ، وقد خلقت أمارة بالسوء ، ميّالة إلى الشر ، فرارة من الخير ، وأمرتَ بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها وخالقها ، ومنعها من شهواتها ، وفطامها عن لذاتها ، فإن أهملتها جمحت وشردت ، ولم تظفر بها بعد ذلك )
يقول الإمام ابن القيم : ( ويفيد نظره إليها ـ إلى النفس ـ أموراً منها : أن يعرف أنها جاهلة ظالمة ، وأن الجهل والظلم يُصْدِرُ عنها كل شيء قبيح ..... )
وقال يحيى بن معاذ : ( من سعادة المرء أن يكون خصمه فَهِماً وخصمي لا فهم له قيل له : فمن خصمك ؟ قال : خصمي نفسي ، لا فهم لها ، تبيع الجنة بما فيها من النعيم المقيم والخلود فيها ، بشهوة ساعة في دار الدنيا )
ولذلك كانت وصيتهم لنا أن نعرف أنفسنا ، كان سفيان الثوري يقول : ( إذا عـرفت نفسك ، لم يضـرك ما قـال الـنـاس ) وكان سفيان بن عيينة يقول : ( ليس يضر المدح من عرف نفسه )
فلا يضرك ما قال الناس لك ما دمت تعرف أنت نفسك ، فتزكية الناس لك ما هي إلا شباك نصبها الشيطان ، ولكن كل منّا أدرى بعيوب نفسه التي سترها الله عن أعين الناس .
وكان عون بن عبد الله يقول : ( إذا عصتك نفسك فيما كرهت ، فلا تطعها فيما أحبت ، ولا يغرنك ثناء من جهل أمرك )
وكان دعاؤهم الدائم كما يقول يوسف بن أسباط : ( اللهم عـرّفني نفسي ، ولا تقـطع رجاءك من قلبي )
فإن في النفس من الأسرار والخفايا ما لا يكشفه سوى عون من الله لنا ، فإن معرفتها كما يقول سهل التستري : ( معرفة النفس أخفى من معرفة العدو )
أي أن عيوبها تتستر وتموه أمرها كما يتستر العدو ويخادع ، ولكنه خفاء لابد من اقتحامه واستجلائه إذا أردنا تزكية النفوس .
والمستهدف أن تفهم أن لك نفساً واحدةً ، يجب عليك رعايتها ، فليس هناك مجال لأن تُــعْـوّض بغيرها ، يقول أبو حفص الجزري : ( كتب أبو الأبيض إلى بعض إخوانه أما بعد ، فإنك لم تكلف من الدنيا إلا نفسا واحدة ، فإن أنت أصلحتها لم يضرك إفساد من فسد بصلاحها ، وإن أنت أفسدتها ، لم يضرك صلاح من صلح بفسادها واعلم أنك لن تسلم من الدنيا حتى لا تبالي من أكلها من أحمر أو أسود )
والمستهدف من التربية على معرفة النفس عند التابعين أيضا ، أن يعرف كل منَّا أصله الذي خلق منه ، وهو التراب الذي يمشي عليه ، وأن بداية خلقه نطفة ، لو نظرها بعينه لتقزز ، ومن هنا وجب عليه ألا يأخذه الغرور والكبر والفجور .
مر المهلب بن أبي صفرة على مالك بن دينار يتبختر في مشيته ، فقال له مالك : أما علمت أن هذه المشية تكره إلا بين الصفين ؟ فقال له المهلب : أمـا تعـرفني ؟ فقال له مالك : أعرفك أحسن المعرفة ، قال : وما تعرف مني ؟ قال : أما أولك فنطفة مذرة ، وأما آخرك فجيفة قذرة ، وأنت بينهما تحمل العذرة ، فقال المهلب : الآن عرفتني حق المعرفة )
وهذا بكر الشبلي يوقظنا أن نفطن لمعرفة النفس بهذه الصورة والكيفية ، فيقول :
( إذا أردت أن تنظر إلى الدنيا بحـذافـيرها فـانظر إلى مزبلة فهي الدنيا ، وإذا أردت أن تنظر إلى نفسك ، فخذ كفا من تراب ، فإنـك منه خلقت ، وفيه تعود ، ومنه تخرج ، وإذا أردت أن تنظر من أنت ، فانظر ماذا يخرج منك في دخولك الخلاء ، فمن كان حاله كذلك فلا يجوز له أن يتطاول أو يتكبر ) فإذا شمخت بأنفك فعد و تفكر ما تحمل في بطنك .
ومن المستهدف لمعرفة النفس أيضا ما لمحه أبو الفرج بن الجوزي ، فلفت الأنظار إليه ، وهو أن نعرف قدر هذه النفس عند الله : ( ويحك لو عرفت قدر نفسك ما أهنتها بالمعاصي ، إنما أَبْـعَـدْنَا إبليسَ لأنه لم يسجد لك ، فيا للعجب كيف صالحته وهجرتنا )
والمؤمن يعرف قدر نفسه ، في غير كبر ولا عجب ولا غرور .... صانها عن الرزائل ، وحفظها من أن تهان ، ونزهها عن دنايا الأمور وسفاسفها في السر والعلن ، وجنبها مواطن الذل ، بأن يحمّلها ما لا تطيق ، أو يضعها فيما لا يليق بقدرها ، فتبقى نفسه في حصن حصين ، وعز منيع ، لا تعطي الدنية ، ولا ترضى بالنقص ، ولا تقنع بالدون .
فـاللهــم عـــرفـني نـفــسي ، ولا تـقـطـع رجـاءك مــن قـلـبـي .