الأربعاء، مارس 02، 2011

الثورات العربيه آفاق و أبعاد

ما بين عقلانية الديمقراطية والخوف من تنامي المد الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط تتخبط ماكينة الدعاية الإسرائيلية في تحديد ما تريده إسرائيل من الدول المتحولة.
البعض في تل أبيب يرى أن الديمقراطية ستحقق الاستقرار لإسرائيل وللمنطقة فيما يرى آخرون أن هذه الديمقراطية لن تجلب سوى الويلات على الكيان الإسرائيلي الذي لم يتخيل قط أن يجد نفسه محاصراً بكيانات ديمقراطية , وفي هذا الشأن أشار دوري جولد السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن والخبير بمعهد القدس للشؤون العامة والدولة إلى أن موجة المظاهرات في العالم العربي التي انطلقت من تونس وامتدت إلى مصر والأردن واليمن والبحرين أكدت حاجة إسرائيل إلى تطوير سياسة حيال هذه الحركات، وقال إن هناك مفهوما آخذا في الانتشار مفاده أنّ إسرائيل تعارض التحول الديمقراطي في العالم العربي انطلاقا من قلقها من حالة عدم استقرار كبيرة تتوجه ضدها في نهاية المطاف. بيد أنّ لإسرائيل مصلحة واضحة في رؤية الدول المحيطة بها تتبنى القيم الديمقراطية الحقيقية.
أما الباحث في معهد الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، يوئيل جوجانسكي، فقد اعتبر في تقريره المنشور بصحيفة إسرائيل هايوم أن سقوط نظام الحكم في اليمن سيترك آثارا سلبية مدمرة في شبه الجزيرة العربية وفي المنطقة كلها , ورأى في مقال تحت عنوان "في اليمن.. انهيار مرتقب خطر" أن الحكومة اليمنية تواجه منذ زمن مطامح انفصالية في جنوبي الدولة، وتمردا شيعيا بتأييد إيراني في شمالها إضافة لمطاردتها لعناصر القاعدة في كل جبال اليمن، منتهيا إلى أن أي إضعاف آخر لسلطة أجهزة الدولة على ما يجري داخلها يجب أن يقلق من يريدون إيقاف تأثير إيران المتنامي في المنطقة , وخلص إلى أن إسقاط النظام الحالي قد يفضي إلى صراع عنيف بين القبائل، يؤثر في ما وصفه "الإقليمية المعتدلة" التي تؤسسها الولايات المتحدة في السنين الأخيرة.
كذلك حذر الكاتب الإسرائيلي آرييه شافيت من أن الثورات التي يشهدها العالم العربي تدلل بشكل لا يقبل التأويل على أن المارد العربي استيقظ من نومه , مؤكدا أن الثورات العربية تدلل على أن هناك جدول أعمال جديدا سيحكم العالم العربي، مشيراً إلى أن الجماهير العربية تنسمت الحرية بعد أن تحررت من قيود الخوف.
ورثى شافيت حظ الولايات المتحدة الأمريكية العاثر التي قال إنها خسرت مصر وتونس، بعد أن خسرت تركيا، مدعياً أنها بهذا قد أسهمت في القضاء على محور الاعتدال العربي في مواجهة إيران , ونصح شافيت إدارة أوباما بأن تستميل قلوب العرب عن طريق التدخل العسكري في ليبيا، حتى تقدم سابقة تسمح لها بالتدخل في مناطق أخرى، مثل إيران , معتبراً أن مصير الشرق بات محسوماً، مشدداً على أن هذه النقطة من العالم سيحسم مصيرها الإسلاميون والقوميون العرب بالإضافة للعثمانيين الجدد ممثلين في أردوغان وحكمه.
الشعوب العربية اكتشفت قدرتها على التغيير متأخرا ، ونتمنى أن لا يكون التغيير بحد ذاته هدفا لهذه الشعوب ويطول بها الوقت لتكتشف قدرتها على إدارة هذا التغيير ، فكل المؤشرات اليوم لا تقدم ملمحا واحدا يحسب لصالح إرادة الشعوب العربية التي ضحت بأرواحها من أجل هذا التغيير ، لتثبت التطلعات العربية الاصلاحية في نظام الحكم مستقبلا ، وتتجه أغلب المؤشرات الى ترشيح الاسلاموية التقليدية أو العثمنة الجديدة في إدارة الحكم في البلدان المتحولة ، وكلتا الصيغتين أمر مقبول في إسرائيل ، لأنهما تقعان تحت يد خبرتها الأمنية ، وهذا الشيء مصدر قلق فعلي قد يجعل ثمن التغيير باهظا جدا تسدد فاتورته في إسرائيل .