الكذب المرضي يسمى في الطب النفسي ب (Pseudologia Fantasica) وهذا يعني الكذب غير المعقول. الشخص في مثل هذه الحالة يتحدث عن أمور خيالية يصعب تصديقها. عادة ما يتحدث مثل هؤلاء الأشخاص بأحديث عن قدراتهم الخارقة أو علاقاتهم الاجتماعية بالمشاهير والمسؤولين وهذا قد يسبب إحراجاً لمن لهم علاقة قرابة أوصداقة بمثل هذا الشخص.
أحياناً يعرف الشخص بأنه يعاني من هذه المشكلة ولكنه لا يستطيع التخلص من هذه المشكلة. أذكر قبل سنوات طويلة (أكثر من عشرين عاماً)
لكن هل هذا الكذب المرضي يقتصر على الأشخاص البسطاء فقط. الإجابة بالقطع لا. هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الكذب المرضي المؤذي لمن يعانون منه وللذين يتعاملون معهم.
هل يمكن أن يتعالج الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الكذب؟ الإجابة أن أكثر من يعانون من هذا الاضطراب يعيشون حياتهم دون أن يطلبوا مساعدة من أي جهة نفسية أو اجتماعية، ويتعايشون مع واقعهم، ويألفهم الناس بهذه الصفة وإن كانت تسبب إحراجاً لأقارب من يعاني من هذا الاضطراب، مثل الإخوة والوالدين وكذلك الأبناء. كثيرا ما يشعر أقارب الشخص الذي لديه مشكلة الكذب المرضي حالة من الضيق والحرج عندما يرون والدهم أو شقيقهم يكذب في المجلس والآخرين يضحكون على كذبه ويسخرون من أحاديثه الخيالية فإنهم يتكدرون ويشعرون بالضيق وليس لديهم أي مساعدة يمكن تقديمها لهذا الشقيق أو الوالد.
حين يطلب شخص مثل هذا المساعدة من الخدمات النفسية سواء من طبيب نفسي أو أخصائي نفسي فإن التغير يكون ضئيلاً جداً، لا يذكر وليس هناك أدوية بالطبع يمكن أن تساعد على العلاج، لذلك قد يستفيد من بعض الجلسات بالعلاج النفسي المعروف بالعلاج المعرفي السلوكي أو حتى العلاج النفسي بالدعم والإرشاد.
الكذب خصلة غير جيدة، ولكننا هنا أمام اضطراب نفسي، والكذب فيه كذب خيالي غير قابل للتصديق والشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب يعرف أنه يعاني من مشكلة لا يستطيع السيطرة عليها فهل يمكن أن نصفه بالكذاب؟ أو هل نصفه بأنه شخص مضطرب نفسياً؟ وفي كلتا الحالتين هل يتقبل المجتمع شخصا يعاني من مثل هذا الاضطراب المزعج والمؤلم للشخص وللمحيطين به من أهل أو أصدقاء. الكذب المرضي ليس مقصوراً على مستوى اجتماعي معين ولا على مستوى تعليمي معين، فقد يكون عند أعلى الطبقات وكذلك قد يكون عند أقل الطبقات، وكما يحدث عند الشخص الذي يحمل الدكتوراه، كذلك قد يحدث عند الشخص الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب.