الثلاثاء، أكتوبر 05، 2010

الجندي المصري أيمن حسن

اليوم يكون قد مر عشرون عامًا  على تلك الحكاية التي عاش بطولتها الجندي المصري "أيمن حسن"، اسم قد لا يعرفه الكثيرون.. على الرغم من أنه ذلك الرجل الذي قضى من عمره عشر سنوات خلف أسوار السجن، لا لشيء إلا لأنه قرر الانتقام ممن أ هان العلم المصري، فضرب ضربته الموجعة التي تمكن خلالها من قتل 21 إسرائيليًا، وأصاب عشرين آخرين، وأتلف ست سيارات عسكرية إسرائيلية، ثم عاد بهدوء ليسلم نفسه للجيش المصري فخورًا بما قدمه للوطن.
أنا المواطن المصري "أيمن حسن" ولدت عام 1967، نشأت في مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية، التي ولد فيها أيضًا الزعيم التاريخي "أحمد عرابي"، ومن سيرته استلهمت روح المقاومة الشعبية ضد الأعداء، التحقت بالجيش المصري كمجند على الحدود المصرية الإسرائيلية بجنوب سيناء في العام 1988، وقبل انتهاء فترة خدمتي العسكرية بأربعة شهور؛ شاءت الأقدار أن أشاهد من موقعي العسكري جنديًا إسرائيليًا يقوم بمسح حذائه بالعلم المصري الذي سقط من فوق سارية حدودية، أبلغت قائدي الضابط المصري بذلك، وعندما شاهدني الجندي الإسرائيلي أشكو لقائدي وأتألم لما يحدث، فوجئت به يطرح زميلته المجندة الإسرائيلية المناوبة معه على العلم المصري ويمارسان الجنس معًا عليه علانية، وجدت الدم يغلي في عروقي، وقررت أن أطلق الرصاص وأقتلهما معًا، ولكني تراجعت في اللحظة الأخيرة وقررت تنفيذ عملية عسكرية استشهادية كبرى، وتوسيعها لتشمل بعض كبار القادة العسكريين الإسرائيليين، العاملين في مفاعل "ديمونة" النووي، والذين يمرون أمامي يوميًا في السادسة صباحًا، صرت أترقب اللحظة المناسبة لعملية التنفيذ والتي تأجلت أكثر من شهر، ارتكبت خلالها إسرائيل مذبحة قتل المصلين داخل المسجد الأقصى، وهو ما زاد من رغبتي في الثأر غيرة على ديني، ودفاعًا عن شرفي العسكري والوطني.
بدأت أجهز سلاحي وذخيرتي لتنفيذ العملية العسكرية بمفردي، وعقب صلاة الفجر أديت صلاة الاستخارة واحتسبت نفسي شهيداً في سبيل الله، في تمام السادسة صباحًا حملت سلاحي وعبرت الأسلاك الشائكة إلى داخل الحدود الإسرائيلية في منطقة رأس النقب، حيث أعددت كمينًا عسكريًا للاختفاء والتمويه، وأثناء تلك الفترة لمحتني سيارة تابعة للجيش الإسرائيلي تحمل إمدادات لمطار النقب العسكري، وعلى الفور أطلقت رصاصاتي وقتلت سائقها، ثم فوجئت بسيارة أخرى تابعة للمخابرات الإسرائيلية في طريقها لمطار النقب، كان يقودها ضابط كبير برتبة عميد في المخابرات الإسرائيلية حيث قتلته أيضًا، وعلمت فيما بعد أنه أحد كبار العاملين في مفاعل "ديمونة" النووي، وأنه أيضًا من قادة المخابرات الإسرائيلية، والمسئول عن العديد من عمليات الاغتيال داخل البلدان العربية.
وأخيرًا اقتربت مني الحافلة التي تحمل الجنود والفنيين العاملين في مطار النقب العسكري، أطلقت رصاصي على السائق لإيقافه وأفرغت في صدره خزينة سلاح كاملة حت ى تأكدت من مقتله تمامًا، ثم واصلت إطلاق الرصاص على المقعدين الأماميين وقتلت الضباط الأربعة فوراً، تحركت بسرعة إلى الخلف وقمت بإطلاق الرصاص على أجناب الحافلة لإسقاط أكبر قدر من القتلى، واختبأ الجندي الذي يجلس بالمقعد المجاور للسائق وخفض رأسه، اعتقدت أنه قتل.. ولكنه قام بغلق الأبواب وفوجئت به يطلق الرصاص نحوي، حيث أصابني بطلقة سطحية في رأسي، قفزت بسرعة لتفادي وابل نيرانه، ثم عدت إليه مرة أخرى وأفرغت رصاصاتي في صدره، وعندها وجدت ستة ضباط إسرائيليين يطلقون النار باتجاهي، فاختبأت خلف التبة القريبة من موقع الحادث واتخذت موقعًا للمواجهة والتصدي لهم، تبادلت إطلاق النيران مع الضباط الستة حتى قتلتهم جميعًا، وأفرغت فيهم ستة خزانات أسلحة كل منها تحوي 30 طلقة، وكانت المفاجأة التالية هي السيارة الإسرائيلية القادمة، والتي تحمل مدفع "فكرز" ويقف عليه نفس الجندي الإسرائيلي الذي مسح حذاءه بالعلم المصري، عندها نسيت إصابتي وآلامي واستنهضت جميع قواي للثأر منه، وتحركت بسرعة استعدادًا للاشتباك معه، والحمد لله.. فقد تحققت أمنيتي وأفرغت في قلبه 16 رصاصة، وقتلته ومن معه في السيارة.
عبرت داخل الأراضي المصرية بحثًا عن مكان ملائم لتضميد جرحي النازف، والبحث عن أي وسيلة لنقلي بعيدًا عن موقعي العسكري حتى لا أتسبب في عملية انتقامية من الجنود المصريين، رفعت يدي للسماء طالباً من الله العون بعدما وفقني في أداء مهمتي، والتفت في اتجاه موقعي العسكري لإلقاء نظرة الوداع عليه، فأنا أعلم أني لن أعود إليه، وستتم محاكمتي عسكريًا، سأنتظر الحكم بإعدامي، أو الاستشهاد كما حدث مع بلدياتي الشرقاوي بطل سيناء الأول "سليمان خاطر"، الذي قتل أكثر من 11 إسرائيلياً وأصاب العشرات، وجاء المدد الإلهي سريعًا.. لتنشق الصحراء عن سيارة نقل تابعة لشركة «المقاولون العرب» لم أشاهدها من قبل طوال خدمتي العسكرية، طلبت منهم توصيلي للرئاسة العسكرية بالمنطقة المركزية في رأس النقب، حيث قابلت رئيس قطاع الأمن المركزي بسيناء، وشرحت له ما حدث بالتفصيل، فما كا ن منه إلا أن ضمني وهنأني على العملية، وأثناء جلوسي فوجئنا بدخول قائد القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة في سيناء -وهو جنرال أمريكي- يطالب بالقبض الفوري على منفذ العملية العسكرية، لم يكن يعلم أنني قاتل الإسرائيليين المطلوب، وكانت المفاجأة التي فجرها القائد المصري عندما قدمني إليه قائلا بفخر «هذا هو الجندي قاتل الإسرائيليين يا جنرال، وهو جندي مصري في حوزتنا ، سلم نفسه واعترف بجميع التفاصيل، وستتم محاكمته في وطنه وفقًا لمفهوم السيادة الوطنية، ولن نسلمه لإسرائيل مهما حدث».
بالفعل تمت محاكمتي أمام محكمة عسكرية، أصدرت حكمًا بسجني 12 عامًا، قضيت منها عشرة أعوام، وخرجت بعد انقضاء ثلاثة أرباع المدة، لأبدأ مرحلة جديدة وصعبة من حياتي، فعثوري على عمل ثابت أصبح أمرًا في غاية الصعوبة، لأن شهادة الخدمة العسكرية وصحيفة الحا لة الجنائية رديئة، فقد كتب بها جريمتي «قتل عمد إسرائيليين»، وهو ما يعوق عملي بأي وظيفة حكومية، ولم يعرض علي سوى وظيفة بالصرف الصحي بمجلس مدينة الزقازيق «زبال» بأجر غير ثابت، ولذلك فقد قررت أن أعمل سباكًا باليومية، لتوفير لقمة عيش شريفة لأسرتي، وقد زادت معاناتي منذ عدة أعوام عندما تعرضت لحادث سقوط من على (سقالة) بارتفاع خمسة أدوار، أثناء تركيبي مواسير صرف صحي وتأثر عمودي الفقري، وأنا الآن أعمل في مزرعة سمكية بكفر الشيخ.
كل ما أطلبه هو المعاملة اللائقة من الحكومة المصرية، أسوة بمعاملة حكومة إسرائيل لقاتل الضابط المصري "عبد اللطيف" في رفح ، الذي يتم معاملته كبطل قومي، وتقدم له جميع التسهيلات، كل ما أسعى إليه الآن هو حياة كريمة ومسكن لائق، ولكن وبالرغم من كل شيء.. فأنا فخور بما فعلته، أنا لم أتاجر في المخدرات، ولم أسرق أموال الشعب، وما قدمته كان لوجه الله ولمصلحة وطني، وأتمنى أن أكون قد ضربت للأجيال الجديدة من الشباب المثل والنموذج في حب الشهادة، والثأر لأوطاننا