السبت، أكتوبر 30، 2010

إتخاذ القرارات

هل فكرت يوماً كم قراراً اتخذت خلال يوم حافل بالأحداث ؟
وهل استثارك موقف ما في ذلك اليوم وقلت في نفسك لا بد أن أتخذ قراراً ؟
اتخاذ القرار عملية روتينية يومية نمارسها بشكل مستمر لمرات عديدة, فأعداد كبيرة منا لا تتخذ غالبية قراراتها عن وعي, ولذا فإننا ندفع ثمناً غالياً, وقرارات ما يواجهنا من تحديات في حياتنا يتطلب منا ردة فعل تجاه هذا العمل.
لماذا نحن بحاجة لاتخاذ القرار ؟
ببساطة لأن قراراتنا هي من سيحدد إلى أين نسير, وما هو الطريق الذي سيرسم ملامح حياتنا القادمة, ويمكننا أن نشبه ذلك بمن يقفز في النهر, فإذا كان لا يعرف وجهته, فإن تيار التحديات, وتيار المشاكل اليومية سيجذبه إلى حيث يسير, ولن يكون بمقدوره إيقاف ذلك, تخيّل أنك لا تريد أن تتحمل اتخاذ قرار – أيّ قرار – ما هو شكل الحياة التي ستحياها ؟ هل تتخيّّل الجحيم الذي ستصنعه بيديك, وتقود إليه من معك ؟ فإذا كانت القرارات تشكل أهمية لا غنى عنها, فلماذا لا نتخذ قراراً ؟ ولماذا لا نفكر مراراً وتكراراً في قراراتنا ؟
هل فكرت يوماً : ما هو الفرق بين أن تكون مهتماً في أمر وبين أن تكون ملتزماً ؟
إذا قررت أن تلتزم بتنفيذ قرار ذلك يعني أنك جاد وصادق مع نفسك, وحينها فقط سيحدث التغيير الذي تنشده, وعندما لا تتنازل عن قرارك, ولا تقبل التراجع عنه, تكون ملتزماً, بينما من يهتم بأمر ما فلن يخرج من دائرة الأمنية, ولن يرى ما يطمح إليه.
أضرب مثلاً لتقريب الصورة, فعندما تقول لنفسك أنك تود الإقلاع عن التدخين ؟ هذا يكون في دائرة الإهتمام والأمنيات ولا يتعداها, لأنك ببساطة لم تضع ذلك في الفعل, بينما اتخاذك لقرار الإقلاع عن التدخين وإصرارك على ذلك, وأن تلتزم بأنك لن تعود إليه ثانية, حينها سيكون قرارك ذا جدوى حقيقية, وتكون قد حققت الهدف الذي تريده, فكثير منا لا يدرك قوة التغيير التي يخلقها قرار ملتزم مناسب.قد يقول قائل : ولكن ذلك سيكون مؤلماً ؟
وهنا اسمح لي أن أخبرك أن للقرار قوة ستعطيك القدرة على تجاوز كل المعوقات التي تحول دون إجرائك تغييرات في أيّ جانب من جوانب حياتك, ومن مارس هذه القوة يعرف جيداً ما أعنيه, حتى لو كان القرار قاسياً, إن حياتنا ليست مفروشة بالورود وأن ليس كل من سنقابلهم سيبتسمون لنا عند رؤيتنا, أنت بحاجة لأن تتخذ قراراً سيغيّر كثيراً من حياتك, فلماذا لا تفكر فيه ؟ ولماذا لا تكون جاداً ؟ ولماذا لا تتخذ القرار ؟.
لعل أقوى الأسباب التي تدفعنا لتغيير حياتنا هو أن نلزم أنفسنا على القيام بالعمل, ولا نتوقف, شعار شركة صناعة المعدات الرياضية المشهورة " نايك " هو " بادر للعمل " Just Do It , فأنا أعرف أناساً يتضجرون من الأعمال التي يقومون بها, وعندما تسألهم لماذا تذهب للعمل ؟ يجيبك بذهن شارد " أن عليه فعل بذلك ", هو ليس مبادراً ولا يشعر بالحماس اللازم للقيام بهذا العمل, وأظن أنه لن يكون منتجاً ولا مبتكر .
ضع لنفسك معايير محددة في السير, ولا تقبل التنازل عنها, روزا باركس أمريكية سوداء تعيش في مدينة مونتجمري بولاية آلاباما الأمريكية 1955م, غيّرت قانون الحقوق المدنية في الولايات المتحدة, وقلبت كل القوانين الجائرة لحقوق الإنسان في بلادها, وانتزعت حقها وحق أبناء شعبها في الحياة الكريمة, وكل ذلك بقرار اتخذته وقررت أن لا تقوم من مقعدها في الحافلة التي تقلها لبيتها بعد يوم عمل شاق لأجل الرجل الأبيض – والقانون ينص على أن يقوم الرجل الأسود أو المرأة على السواء من مكانه إذا طلبه الرجل الأبيض ليجلس عليه – وحدثت حينها الزوبعة لرفضها إعطاء المكان للرجل الأبيض, وثار البيض عليها, واشتكى سائق الحافلة لرجل الأمن الأبيض وقبض عليها وحوكمت بغرامة مالية, لكن هذه الحادثة هي من أشعل فتيل الحقوق المدنية لهذه الطبقة من الناس, وألغيت على إثرها كل القوانين المجحفة بحق هذه الشريحة من الشعب الأمريكي.
يبقى أن أشير إلى أن الكثير يحجم عن اتخاذ القرار المناسب, لأسباب خارجية تتعلق بالخوف من نتائجها وأنه غير مستعد لتحمل ذلك, والاستمرار في هذا الأسلوب لن يخلق التغيير ولن يحدث أثراً في حياتك, ولا أظن أن هناك من لا يفكر بحياة هانئة, وجو اجتماعي وأسري يجلب الفرح والسرور له ولمن حوله, فعلينا أن نمارس اتخاذ القرار مرات ومرات, وننطلق لحياة أجمل وأكثر سعادة.