السبت، أكتوبر 30، 2010

فتوى عن كيفية أنسب الطرق العملية لإعلاء العزيمة والهمة والإرادة والإصرار، والعزم على ترك المحرمات،

أريد معرفة أنسب الطرق العملية لإعلاء العزيمة والهمة والإرادة والإصرار، والعزم على ترك المحرمات، وأن أقود نفسي إلى البر.
يقول الأستاذ فتحي عبد الستار بالإجابة:
 البحث عن أسباب اكتساب هذه الصفات الطيبة، وقد صدق من قال: "همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها، صلح له ما وراء ذلك من الأعمال". وأعطيك بعض ما يفتح الله عز وجل علي به من طرق ووسائل لرفع الهمة وتقوية الإرادة في طاعة الله والبعد عن المحرمات، ومنها:
1- العلم والمعرفة:
فالعلماء هم أكثر الناس خشية لله عز وجل وطاعة له، حيث قال عز وجل: (...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) الآية 28 فاطر، وقال: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) الآية 9 الزمر.
فالعلم بأوامر الله عز وجل ونواهيه، يكون دافعا قويا للعبد في الالتزام بها وتحري رضى المولى سبحانه، وكذلك معرفة الأجر والثواب المترتب على الطاعة يشحذ الهمة للقيام بها، كما أن معرفة العقاب الذي ينتظر العاصي يردع عن المعصية، ويضعف الباعث إليها.
ولا يجب أن تقتصر معارفنا على العلوم الشرعية فقط، بل يجب أن نسعى لامتلاك كل ما ينفع ويفيد من العلوم المختلفة، وما يدفع في اتجاه علو الهمة ككتب تطوير الذات، وإدارة النفس.
2- العمل بمقتضى العلم:
فكما قيل: (كل العالمون هلكى إلا العاملون)، فالعلم يجب أن يتبعه العمل، وإلا صار عارا على صاحبه في الدنيا، ووبالا عليه في الآخرة.
3- التصبر:
فتعلم الصبر واكتسابه، والتدريب عليه وممارسته، من الأمور التي تعلي الهمة وتقوي الإرادة، وتعين على رغبات النفس المنحرفة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الآية 153 البقرة.
والصبر الذي نريده هنا صبران: صبر على العبادة والالتزام، وصبر عن المعاصي والانحرافات، ويقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الآية 200 آل عمران.
4- التحرر من أسر العادات:
فيجب ألا يكون الإنسان أسير عادة، أي عادة، بل يتحرر منها، ولا يجعلها تتحكم فيه، سواء كانت تلك العادة في الغذاء، أو الكساء، أو السكن، أو الإنفاق، أو أو، حتى ولو كانت من المباحات، فضلاً عن أن تكون من المحرمات. فإن الوقوع في أسر هذه العادات يقعد الإنسان ويفتر همته، إذا تعارضت ممارستها مع ما يريدد فعله من الطاعات ومعالي الأمور، وقد قيل: "خير عادة ألا تكون لك عادة".
5- دراسة سير أصحاب الهمم العالية:
من الأنبياء، والصالحين، والعلماء، والناجحين في شتى المجالات، الدينية والدنيوية، والاستفادة من تجاربهم ووسائلهم في رفع الهمم.
6- تذكر الموت والتأمل فيما بعده:
فكفى بالموت واعظا، وكفى به دافعا للطاعة، وزاجرا عن المعصية.
7- تجديد الإيمان وتعاهد القلب:
فالقلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاؤها كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم الذكر، والإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وتجديد الإيمان وسائله عديدة، منها الذكر، والتفكر، ومجالسة الصالحين، وقراءة القرآن.
8- الاعتدال والتوازن:
فلا بد لك يا ولدي أن تعطي كل شيء حقه، باعتدال وتوازن، فلا يطغى جانب من جوانب حياتك على آخر، فإن لربك عليك حقا، ولبدنك عليك حقا، ولوالديك عليك حقا، ولأهلك ورحمك عليك حقا، ولدراستك وأساتذتك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم سلمان على كلمات مشابهة نصح بها أخاه أبا الدرداء.
9- المحاسبة والتقويم الدائمين:
فكل عمل ليس وراءه متابعة ومحاسبة وتقويم، فلا يرجى له نجاح أو استمرار، فاجعل لنفسك موعدا لا تخلفه، تقوم فيه بمحاسبة نفسك بصفة دورية، ومتابعة أعمالك وواجباتك، ومدى إنجازك لها، ومطالعة التقصير إن وجد والوقوف على أسبابه ومن ثم تجنبها بعد ذلك، فإن وجدت خيرا فاحمد الله، وإن وجدت غير ذلك فاستدرك وأصلح وتابع.
10- تنظيم الوقت والمحافظة عليه:
فالوقت هو الحياة، وما العمر إلا من الثواني والدقائق، فلا تضيع جزءا من عمرك دون أن تستثمره أفضل استثمار، وهذا لا يكون إلا بتنظيم وقتك، وتوزيعه بالعدل على الواجبات، وتذكر وصية البنا رحمه الله: "الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته، وإن كان لك مهمة فأوجِز في قضائها"، وقال أيضا رحمه الله: “أُتلو القرآن وطالع أو استمع أو اذكر الله، ولا تصرف جزءا من وقتك في غير فائدة”.
11- مصاحبة أصحاب الهمم العالية، ومجالستهم:
حيث تقتبس من أنوارهم، فتهدأ نفسك وتصفو، ويشع عقلك، وتسمو عواطفك، وتعلو همتك، وفي المقابل إياك ومصاحبة أصحاب الهمم الدنيئة والغافلين، إلا لدعوتهم إلى الخير والأخذ بيدهم، مع الحذر كل الحذر من الوقوع في حبائلهم فيجذبونك هم إليهم، ويقول عز وجل: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) الآية 28 الكهف.
12- التنويع في ألوان العبادة:
وعدم قصرها على لون واحد، فإن النفس تمل، والله لا يمل، فينوع العبد في نوافله ما بين صلاة الليل، والصيام، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، إلى جانب الطاعات الأخرى التي يتعدى نفعها للناس، كصلة الأرحام، وقضاء حاجات الناس، وإغاثة الملهوف، والتصدق على الفقراء، وإماطة الأذى عن الطريق، والإصلاح بين الناس … إلخ.
13- التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء:
لرفع الهمة، وتقوية الإرادة، وطلب العون والمدد منه سبحانه وتعالى، (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...) الآية 60 غافر.
14- التفكر في نعم الله عز وجل:
والنظر إلى جلال هذه النعم على العبد، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ...) الآية 9 الأحزاب، والعمل على ما تستوجبه هذه النعم من شكر، (...اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) الآية 13 سبإ.
15- المسارعة إلى عمل الخير والطاعات:
ويكون ذلك بالانطلاق لها فور التفكير فيها، وعدم التردد، وإغلاق الطريق على الشيطان والنفس، اللذين قد يثبطان الهمم، ويقعدان عن العمل، (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) الآية 133 آل عمران.