كلّ مرحلة جديدة هي نتاج مراحل ما قبلها، والثورات العربية تتطابق مع هذا الواقع، أي أن مجيئها كان مفاجأة، إلا أن كافة الظروف كانت قد تهيأت لها، والسؤال الراهن هل تبقى في حال احتفال إزالة سلطة واستمرار الاختلاف على إيجاد أخرى، وبمواصفات لا تلتقي مع الأحزاب وبقية القوى الفاعلة في مجتمعات تلك البلدان التي سادتها قبل هذه المرحلة؟
من ضمن الأسباب التي قالت بإقصاء رموز تلك السلطات، أن أحزابها يجب أن تُستبعد لأنها جزء من نظام مرفوض، وهذا صحيح لبعض القيادات، أو من استفادوا من النظام، لأننا في مرحلة عربية سابقة يُجبر التاجر الصغير، والموظف، وأصحاب الحرف على أن يعلنوا التبعية حتى لو اختلفت قناعاتهم وولاؤهم للسلطة، وهي صيغة عربية تعددت مع حكومات العسكر أو الحزب الواحد، وقد كان العراق الصورة الدقيقة والبشعة عندما كان صدام يحكم بحزب البعث بمنافقين وولاءات متناقضة أُجبرت لأنْ تكون مع النظام درءاً لمخاوف التصفيات أو السجن المجهول المصير، وعندما احتلت أمريكا العراق ورسمت معالم ديمقراطية تحت وقع السلاح حلّت الجيش والحزب، ودفعتهما للعمل السري في أوساط إرهابيين أو مقاومين للحكم ذاته، ولعل قضية عزل الأحزاب التي رافقت تلك الأنظمة وتحميلها وزر السلطة واستبعادها من أي عمل حزبي، أو وظيفي، أو أي نشاط اجتماعي وسياسي، هي دفع لمعارضة قد تخرج من العلن إلى العمل تحت الأرض.. الاتحاد السوفياتي أُزيل بسبب تقادم عقليات قيادته، لكن يلتسين عندما تسلم السلطة ترك الحزب الشيوعي يصارع وجوده بنفسه، وبالفعل صار حزب الأقلية والصوت غير المسموع، والثورات العربية قدمت الحرية والديمقراطية كشرطين يعطيان الحق لكل مواطن في اختيار من ينتخبه، كأمر مثالي، لكن أن يأتي الإقصاء لشريحة كبيرة لأحزاب السلطة بداعي أنها تمثل مرحلة تآمرت على مصالح الشعب فإنه يصدق على نوعيات معينة، وليس على الأكثرية التي ربطت مصالحها الوطنية بالحزب وقياداته..
لقد جرّبنا في مرحلة عربية طويلة، كيف أن انقلاباً ينتهج مبدأ حزب ما ثم يتطرف بحل وتعذيب وسجن أعضاء الأحزاب الأخرى، قاد إلى رد فعل مساوٍ بتعدد الانقلابات، واتخاذ نفس الإجراء مع الضباط وأعضاء حزبهم الحاكم.. والثورات باعتبارها جاءت لتصحيح مسار وطني عاش حالة القهر والدكتاتوريات، فإن الوحدة الوطنية مطلب أساسي أي أن المواطن حتى لو كان بحزب السلطة، ودون جرم مسبق أو اعتداء على حق عام، أو خاص فهو مواطن بكامل حقوقه، ومن الخطأ أن تجري عمليات فصل بين طرف وآخر في وقت الوطنُ يحتاج كفاءة كل شخص، وإلا فإن الجيوش التي تضبط أمن وحماية الوطن، فكل قادتها عينوا بمراسيم جمهورية، وكذلك مختلف الوظائف المدنية، وهؤلاء في عرف المفهوم العام أعضاء في الدولة القديمة، فهل يعتبرون جزءاً من النظام السابق فقط لأن القرارات والمراسيم والقوانين جاءت من ذلك النظام؟
المصالحة الوطنية مهمة أساسية، والتجارب على كسب جميع الفئات الاجتماعية بصون المرحلة الدقيقة التي تمر بها تلك الأنظمة، وعملية فتح الباب للكلّ، عملٌ وطني قبل أن يكون عملاً سياسياً.
من ضمن الأسباب التي قالت بإقصاء رموز تلك السلطات، أن أحزابها يجب أن تُستبعد لأنها جزء من نظام مرفوض، وهذا صحيح لبعض القيادات، أو من استفادوا من النظام، لأننا في مرحلة عربية سابقة يُجبر التاجر الصغير، والموظف، وأصحاب الحرف على أن يعلنوا التبعية حتى لو اختلفت قناعاتهم وولاؤهم للسلطة، وهي صيغة عربية تعددت مع حكومات العسكر أو الحزب الواحد، وقد كان العراق الصورة الدقيقة والبشعة عندما كان صدام يحكم بحزب البعث بمنافقين وولاءات متناقضة أُجبرت لأنْ تكون مع النظام درءاً لمخاوف التصفيات أو السجن المجهول المصير، وعندما احتلت أمريكا العراق ورسمت معالم ديمقراطية تحت وقع السلاح حلّت الجيش والحزب، ودفعتهما للعمل السري في أوساط إرهابيين أو مقاومين للحكم ذاته، ولعل قضية عزل الأحزاب التي رافقت تلك الأنظمة وتحميلها وزر السلطة واستبعادها من أي عمل حزبي، أو وظيفي، أو أي نشاط اجتماعي وسياسي، هي دفع لمعارضة قد تخرج من العلن إلى العمل تحت الأرض.. الاتحاد السوفياتي أُزيل بسبب تقادم عقليات قيادته، لكن يلتسين عندما تسلم السلطة ترك الحزب الشيوعي يصارع وجوده بنفسه، وبالفعل صار حزب الأقلية والصوت غير المسموع، والثورات العربية قدمت الحرية والديمقراطية كشرطين يعطيان الحق لكل مواطن في اختيار من ينتخبه، كأمر مثالي، لكن أن يأتي الإقصاء لشريحة كبيرة لأحزاب السلطة بداعي أنها تمثل مرحلة تآمرت على مصالح الشعب فإنه يصدق على نوعيات معينة، وليس على الأكثرية التي ربطت مصالحها الوطنية بالحزب وقياداته..
لقد جرّبنا في مرحلة عربية طويلة، كيف أن انقلاباً ينتهج مبدأ حزب ما ثم يتطرف بحل وتعذيب وسجن أعضاء الأحزاب الأخرى، قاد إلى رد فعل مساوٍ بتعدد الانقلابات، واتخاذ نفس الإجراء مع الضباط وأعضاء حزبهم الحاكم.. والثورات باعتبارها جاءت لتصحيح مسار وطني عاش حالة القهر والدكتاتوريات، فإن الوحدة الوطنية مطلب أساسي أي أن المواطن حتى لو كان بحزب السلطة، ودون جرم مسبق أو اعتداء على حق عام، أو خاص فهو مواطن بكامل حقوقه، ومن الخطأ أن تجري عمليات فصل بين طرف وآخر في وقت الوطنُ يحتاج كفاءة كل شخص، وإلا فإن الجيوش التي تضبط أمن وحماية الوطن، فكل قادتها عينوا بمراسيم جمهورية، وكذلك مختلف الوظائف المدنية، وهؤلاء في عرف المفهوم العام أعضاء في الدولة القديمة، فهل يعتبرون جزءاً من النظام السابق فقط لأن القرارات والمراسيم والقوانين جاءت من ذلك النظام؟
المصالحة الوطنية مهمة أساسية، والتجارب على كسب جميع الفئات الاجتماعية بصون المرحلة الدقيقة التي تمر بها تلك الأنظمة، وعملية فتح الباب للكلّ، عملٌ وطني قبل أن يكون عملاً سياسياً.