الأربعاء، يناير 05، 2011

أعداء الخارج

ل ما حدث في كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية هو من نوع الصراع العقدي بين مسلمين.. ومسيحيين .. أو أنه يجسد مدى استحكام التعصب الديني إلى هذا الحد ؟!
** أستطيع أن أجزم بأن الأمر ليس بهذه الدرجة من الدقة.. وان ما حدث – بعد أن تكرر حدوثه قبل ذلك في الأقصر.. وطابا.. وشرم الشيخ.. وخان الخليلي.. ومواقع أخرى..- إنما هي مظاهر لأكثر من وجه من وجوه الجريمة السياسية.. والصدام الفكري.. والاختبارات الأمنية.. والضغوط الاقتصادية والسكانية مجتمعة.. لكن من يقف وراء كل هذا.. ويعمل على استثماره.. هي قوى وأطراف خارجية لها مصلحة حقيقية في إلحاق أكبر ضرر بالأمة العربية والإسلامية على حد سواء من خلال التعريض بمصر كقوة عربية كبرى..
** ذلك أن تلك القوى والأطراف الخارجية، وإن وجدت بعض العملاء والأدوات لها في الداخل العربي، إلا انها اختارت مصر بصورة أكثر تحديداً.. واستهدفت وحدتها الوطنية.. وانتقت إحداث فجوة بين المسلمين والمسيحيين فيها بمثل هذه الصورة .. لأنها تدرك ان استهداف رأس مصر بدرجة أساسية كفيل بأن ينهي القضية.. ويجعل الجميع في قبضة العدو أو الأعداء الذين يوحد بينهم هدف واحد.. هو ان الإجهاز علينا كافة.. وتحويلنا إلى (قطعان) سائبة.. والتحكم في مصائرنا.. والسيطرة على مقدراتنا.. وتسخيرنا لخدمة الأهواء. والتوجهات المقبلة في هذا العالم.. يبدأ بضرب مصر.. وتقويض الوحدة الوطنية بها..
** وإذا كان هناك من سيقول إن هذا الكلام يجسد درجة قصوى من الإيمان بنظرية المؤامرة.. فإنني سأقول له.. إذا لم يكن الأمر كذلك.. فماذا سيكون إذاً ؟!
** صحيح أن الكثير من الأوضاع العربية الداخلية ليست على ما يرام.. وصحيح ان الأمة العربية تحتاج إلى إصلاحات جذرية في داخلها.. وصحيح أن ما يحدث قد يعبر عن شيء من الاحتقانات الداخلية التي نتحمل مسؤوليتها نحن..
** لكن الأكثر صحة هو .. ان دولنا.. ومجتمعاتنا ليست بهذه الدرجة من السوء.. سواء من الناحية السياسية.. أو الأمنية.. أو الاجتماعية.. أو الاقتصادية.. وان هناك من الدول والمجتمعات وحتى بعض المتقدمة منها أسوأ منا حالاً في تركيبتها الداخلية.. وفي تكوينها الثقافي أو الاجتماعي أو في أوضاعها السياسية والأمنية.. ومع ذلك فإنها لا تعاني بنفس القدر الذي نعانيه نحن ونتضرر منه..
** والحقيقة أن المشكلة الأساسية .. ليست في أننا دول ومجتمعات مستهدفة فحسب.. ولكن المصيبة الحقيقية تنبع من أننا دول ومجتمعات مخترقة من الداخل.. وأن من بيننا من هو أشد كرهاً لنا وحقداً علينا وتآمراً على مكوناتنا الذاتية من أعداء الخارج سواء أكانوا في منطقتنا أم بعيدين عنا..
** وإذا نحن أردنا أن نعيش بسلام.. فإن علينا أن نعرف من يكون هؤلاء.. وكيف ننظف بلداننا ومجتمعاتنا منهم.. ونستأصل رؤوسهم .. وإلا فإننا سنظل مهددين بنصال الداخل من الخارج إلى أن نسقط تباعاً.