إن تفريش الأسنان وتعهد الفم بالنظافة شيء مهم للشخص قبل ابتداء فترة الصيام، لأن البكتيريا تنشط وتتكاثر بأعداد مضاعفة كلما ازداد جفاف الفم، حيث تقل عملية الغسل التلقائية لأنسجة الفم الداخلية واللسان والأسنان، والتي يقوم بها اللعاب نتيجة إفراز الغدد اللعابية، ويقل هذا الدور بشكل كبير أثناء الصيام لإنعدام شرب الماء لذلك يجب الحرص على تفريش الأسنان قبل فترة الصوم استعدادا ليوم طويل من الجفاف، لكن يشكو الغالبية من الناس من رائحة الفم الكريهة اثناء فترة الصوم، وهنا تجدر الإشارة إلى أن جفاف الفم أثناء الصيام هو عنصر ثانوي لانبعاث رائحة الفم غير المحببة، ومن المؤكد أن من يشكو من هذا الأمر إن لديه أسباباً أخرى فهي من تتسبب في إصدار تلك الرائحة الكريهة وأولها هو تراكم طبقة البلاك بمكوناتها (مواد لزجة وأعداد هائلة من البكتيريا) وتراكم البلاك يكون نتيجة إما الإهمال أو الجهل بطريقة تنظيف الفم والأسنان الصحيحة، فأغلب الناس يخفق في الوصول إلى المناطق العنقية للأسنان حيث تلتقي الأسنان مع اللثة، وأيضا مناطق ما بين الأسنان بسبب عدم الاهتمام باستعمال الخيط السني، وسطح اللسان، وأسطح الأسنان الداخلية نظراً لصعوبة الوصول إليها بسبب التركيب التشريحي للأسنان وزوايا الفم، كما أن تراكم الجير ووجود تسوسات عميقة في الأسنان أو التهابات في اللثة جميعها مجتمعة أو منفردة تلعب الدور الرئيسي الأول في انبعاث رائحة الفم الكريهة، وهناك اسباب اخرى سيتم طرحها لاحقا في هذا المقال.
ولتفريش الأسنان بطريقة صحيحة على الشخص أن يبدأ بوضع الفرشاة أفقياً مائلة نحو اللثة بزاوية 45 درجة تقريباً، ثم يقوم بتطبيق الحركات الدائرية المتداخلة لتنظيف منطقة كل سنين معاً، وتتوالى الدوائر المتصلة تباعاً دون رفع الفرشاة عن الأسنان ليتم التأكد من تغطية جميع أسطح الأسنان واللثة التابعة لها، وهذا يكون لأسطح الأسنان الخارجية أما الأسطح الداخلية للأسنان، فيلزم لتنظيفها بدقة مراعاة ثلاث نقاط أساسية أولها فتح الفم بأقل درجة ممكنة حيث إن فتح الفم بشكل كبير يجعل الأنسجة الرخوة كعضلات الخد واللسان تنشد مما يقلل فرصة الحركة لفرشاة الأسنان، ثانياً يجب التخلص من معجون الأسنان الزائد والمتراكم في الفم أولاً بأول وذلك لمنع الشعور بالغثيان، وبالتالي صعوبة القيام بعملية تفريش الأسنان بالشكل المطلوب، ثالثاً يساعد كثيراً إحناء الرأس للأمام قليلاً، حيث أن العادة المتبعة غالباً هي رفع الرأس للأعلى بغية التمكن من رؤية أسطح الأضراس الخلفية من الداخل في المرآة أثناء القيام بعملية تفريش الأسنان، وذلك يؤدي بالتالي إلى رجوع معجون الأسنان والسوائل المتراكمة في الفم إلى مؤخرة الحلق مما يشعر بالغثيان بشدة، ويوثر على جودة عملية تفريش الأسنان للأضراس الخلفية من الداخل، ويزداد هذا الأمر صعوبة عندما نتحدث عن الأسطح الداخلية للأضراس الخلفية السفلية، حيث إن وجود اللسان ومقاومته لفرشاة الأسنان يزيد من عدد العوائق السالفة الذكر، لذا يجب مراعاة ذلك، والأفضل تحريك الفرشاة بطريقة أمامية خلفية لكي تتناغم مع حركة اللسان، بحيث نتمكن من اتمام عملية تفريش الأضراس الخلفية السفلى من الداخل بكل سهولة واريحية دون استثارة ردة فعل اللسان سلباً، أما الأسنان الأمامية من الداخل فيلزمنا الإمساك بالفرشاة بطريقة عمودية وتحريكها طلوعاً ونزولاً، ومن المهم معرفة أن أعداداً هائلة من البكتيريا اللاهوائية (streptococcus) والتي تعيش في غياب الأوكسجين هي المتسببة في التهابات الفم وتسوس الأسنان بدرجة عظمى، لذا فهي تتواجد بكثافة في المناطق الضيقة وخصوصا بين الأسنان وعليه كان لزاما استعمال الخيط السني بهدف التخلص منها وازالتها بشكل دوري، وإذا لم يلتزم الشخص باستعمال الخيط بانتظام فإن عليه مواجهة الكثير من تسوسات الأسنان والتهابات اللثة وتكوّن الجيوب اللثوية في المناطق البين سنية.
وقد يلجأ الكثير من الناس للاستعمال العشوائي لغسولات الفم لتحسين رائحته، وتلك فكرة خاطئة حيث إنها تعطي شعورا مؤقتا بتغيير رائحة الفم لكنها لا تنهيها ولا تعالج المصدر المسبب لها، بل على العكس إنها قد تزيد من تطور المسبب الرئيسي لرائحة الفم الكريهة بسبب الشعور الوهمي الذي تعطيه للشخص بأن الرائحة تحسنت كلما رغب في ذلك، وهناك بالطبع أسباب أخرى صحية لإنبعاث رائحة كريهة للفم، منها التهاب الجيوب الأنفية، والتهابات المعدة، وحالات ارتفاع السكر الحادة، لكن يجب التأكد أولا من خلو منطقة الفم من المشاكل المسببة ويأتي بعد ذلك البحث في الأسباب المحتملة المذكورة وينصح لتحسين رائحة الفم اثناء الصيام بتعهد سطح اللسان بالتنظيف بالفرشاة لإزالة طبقة البلاك كلما تكونت مع كل وضوء وليس هناك حاجة لاستخدام معجون الأسنان لهذا الغرض، على العكس فقد يسبب تفريش اللسان بفرشاة فيها معجون أسنان إلى الشعور بالغثيان، وبالتالي ردة فعل ارتباكية من اللسان وصعوبة في الوصول إلى سطح اللسان بشكل صحيح وتنظيفه كما هو مطلوب، وإن عدم استعمال المعجون أثناء الصيام يريح الكثيرين، ممن لا يحبذون المبالغة في تنظيف الفم بالمعجون لأسباب فقهية ومن الطبيعي أن تناول الأطعمة القوية المذاق والغنية بالتوابل أو تناول البصل والثوم والقهوة وما شابه أو التدخين بالذات في فترة السحور يترك أثراً ورائحة حتى بعد تنظيف الأسنان لذا ننصح بمضغ عروق من البقدونس أو شرب منقوع القرفة أو القرنفل أو الزنجبيل قبل الإمساك لتحسين رائحة الفم، وأخيرا ننصح بتفريش الأسنان من مرتين إلى ثلاث مرات يومياً تبعا لبرنامجنا المعتاد في الأيام العادية للعناية بالفم والأسنان.