أثبتت عدة دراسات أن معدل تغيير جدول أخذ الدواء لدى المسلمين في شهر رمضان بدون استشارة يتراوح ما بين 58% إلى 64%، والذي قد يشير إلى وعي البعض بضرورة التغيير، بينما قد يكون مقلقاً إن لم يكن التغيير واعياً بشكل كاف لتفادي مضاره. على سبيل المثال، تم نشر إحدى المقالات عن حالة نزول شديد للبوتاسيوم وتسببه في زيادة تأثير دواء الديجوكسين عند أخذه مع مدر البول من مجموعة الثايازايد، لينتج ضرراً على عضلة القلب عند امرأة خمسينية احتاجت على إثرها التنويم في المستشفى والعلاج الفوري، كما يوجد في دراسة مسحية ورقابية على 127 من مرضى الصرع، ربطت زيادة حدوث نوبات التشنجات والصرع عند 27 من هؤلاء الذين لم يتناولوا الجرعات كاملة أثناء رمضان بالطريقة المفروضة، كل هذه الدراسات تشير إلى قلة وعي المريض وعدم أخذه للنصائح الضرورية من المختصين لما يتناسب مع حالته الصحية.
قد يكون لطريقة أخذ الدواء أثراً على مفعولها وتحكماً بعملية إبطال الصيام من عدمه، فهناك مجموعة من العلاجات التي قد تمت مناقشتها والإفتاء بعدم كسرها للصيام في حال استخدامها، مثل: قطرات العين والأذن، وكل ما يمكن امتصاصه عن طريق الجلد مثل الكريمات والمراهم الموضعية (ماعدا لصقات النيكوتين فهي مفطرة)، الغسولات والتحاميل والأجهزة المهبلية، الإبر في الطبقة العليا من الجلد، والإبر العضلية أو التي يتم حقنها في المفاصل والإبر الوريدية (ما عدا تلك التي تحتوي على تغذية وريدية)، استنشاق بخار الأكسجين، حبوب النايتروجليسرين التي توضع تحت اللسان لعلاج آلام الذبحات الصدرية الحادة، غسولات وبخاخات الفم (مع التأكد بعدم وصول أياً منها إلى الجهاز الهضمي الداخلي).
وتبعا لساعات الإفطار، فإنه يوجد على الأغلب طريقتان يتم اعتمادهما من قبل المريض في رمضان، إما بطريقة أخذ جميع الأدوية سوياً مرة واحدة في اليوم وهي الأنسب لهؤلاء الذين تستلزم علاجاتهم أخذها مرة واحدة باليوم، أو أخذها عدة مرات في اليوم.
إن فعالية وسمِّية الأدوية قد تختلف بناء على وقت أخذها بما يتماشى مع إيقاعات الساعة البيولوجية للمواد الكيميائية والفسيولوجية داخل أجسامنا، والدراسات في هذا الجانب محدودة، إلا أنها تمت على بعض المجموعات من الأدوية، في إحدى الدراسات على دواء الفالبرويك أسيد المستخدم لعلاج الصرع، ثبت تغيير طبيعته الحركية فقلّت درجة امتصاصه الساعة الثامنة مساء وقلّت نسبة إخراجه الساعة الخامسة فجراً بتغير النمط الحياتي الذي أثّر على الساعة البيولوجية، كذلك هو الحال مع دواء الديجوكسين الذي يحتاج إلى مدة أقل في الصباح ليصل إلى النسبة الفعالة المطلوبة بالدم مقارنة بالمساء، أما مجمل الدراسات التي تمت على أدوية الضغط فأشارت إلى عدم تأثرها بتغيير النمط اليومي في حال كانت تؤخذ مرة باليوم، ومثل ذلك هو الحال مع مميع الدم الذي يستخدم لمنع التجلطات (دواء الوارفارين)، فلم يوجد أي فارق في نسبة الحماية من الجلطات بين الصائمين وغير الصائمين، أما دواء البربرانولول وُجِدَ ذو امتصاص سريع في الصباح مقارنة بأخذه مساء.
بطبيعة الحال، إن تنظيم الأدوية التي تعطى أكثر من مرة باليوم في أيام الصيام لن يكون بدقة تنظيمها في غير أيام الصيام مما يستلزم في بعض الحالات الصحية عدم الصيام، بالنسبة للأدوية التي تعطى مرتين باليوم، فيمكن تنظيمها بحيث تكون وقت الفطور ومباشرة قبل السحور، ويتواجد من بعض الأدوية تركيبات لديها نفس المادة الفعالة ولكنها بطيئة الامتصاص وطويلة المفعول بحيث تكفي لتغطية اليوم كاملا منها (ديلتيازيم، فيراباميل)، ويوجد أدوية أخرى لها بدائل بحيث تكون المادة الفعالة مختلفة قليلا، إلا أنها من نفس عائلة الدواء الأساسي وتعطي نفس المفعول لمدة أطول مثل: نابروكسن والبيروكسيكام كبدائل للأيبوبروفين عند مرضى آلام المفاصل المزمنة.
وبشكل عام، إن تعارضات الدواء مع الطعام قد تتسبب في تغيير نسبة الدواء في الدم ومدة وجوده بكمية فعالة، وتعتمد درجة التعارض على عوامل مختلفة منها طبيعة الطعام وتركيبة الدواء، ومنها المدة الزمنية بين الدواء ووجبة الطعام، كل هذه العوامل قد تحدث بشكل أكبر عند الصائمين، لذلك يجب الوضع بعين الاعتبار اختيار الوقت المناسب لتناول الأدوية التي يكون امتصاصها في أفضل حالاته على معدة فارغة مثل: (ريفامبين، فيوروزيمايد، إيريثرومايسين، الثايروكسين و الديجوكسين). كما أنه قد تزداد في شهر رمضان عادة شرب الحوامض والشاي والقهوة مما يزيد من إفراز المادة الحامضية في المعدة والذي قد يقلل من امتصاص بعض الأدوية مثل (المضادات الحيوية والمنومات ومضادات الهيستامين وبعض أدوية الصرع مثل الكاربامازيبين)، بالإضافة إلى ذلك، فإن أحد الأدوية المشهورة بتأثره بكمية الكاربوهايدرات في الطعام هو ال (فينيتوين) والذي قد يزيد تواجدا في الدم إن كان من نوع التركيبة الحرة، وقد ينقص تواجداً إن كان من التركيبة الطويلة المفعول.
إن الاستخدام الخاطئ أو التغيير اللاواعي لجدول الأدوية أثناء رمضان قد يؤدي إلى عدم استقرار صحي وربما تدهورٍ في الحالة الصحية لا قدر الله، فاستشارة ذوي الخبرة والسؤال هو الحل الأمثل لترتيب وتنظيم جدول العلاجات في رمضان، ويبقى تحديد إمكانية الصوم من عدمه قراراً للطبيب المعالج بناء على رؤيته للحالة الصحية.