الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا كفيل بتطهير نفوسنا من كل رذيلة، بدءاً بالشرك ومرورا بالغش والرياء والكبر والظلم وانتهاء بأبسط الممارسات اليومية التي نخالف فيها ديننا وما أمر به من أخلاق قويمة وسلوكيات سليمة. ولعل من المعينات على تزكية النفس العفو والصفح عن الذين أساءوا لنا، مهما كانت إساءتهم، لأن النفوس بعد الصفح تصفو من كدرها، وتسمو بأخلاقها وتترفع عن النقائص. أول محركات النهضة الإسلامية التي جاء بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت تطهير النفوس من أدران الشرك، فكأنما خلق الصحابة من جديد ... تغيرت أحوالهم، وتحولوا من أعراب متقاتلة إلى أمة فاتحة للعقول والقلوب قبل القبور، تضيء ببسالة مشاعل العلم في وجه الجهل والتخلف؛ وكان هناك خلق كثير ممن استحقوا الجزاء الرادع ممن أغلقوا الطرقات في وجه رسالة الإسلام الحضارية يهيمنون بالجهل والخرافة على عقول أتباعهم، مدركين أن الدين الجديد سيحرر العقول والقلوب، ويمنحها طاقة الإبداع في شتى المجالات المتاحة، فكانت عمارة الأرض، وبلغت رسالة السماء أطراف المعمورة. لقد سجل لنا تاريخ الأمة في عصرها الأول قدرة أولئك البشر على فهم النص والعمل به، وعلى الاقتداء الصادق بالرسول صلى الله عليه وسلم، وعندما نقرأ قوله تعالى (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدًا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) نتذكر حادثة الإفك الرهيبة، متبوعة بهذا التوجيه الرباني للمفترى عليهم الذين تعرضوا للظلم والابتلاء بأن يغفروا ويسامحوا ويطهروا أنفسهم من مخلفات تلك الفرية العظيمة التي مست بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه. نحن أحوج ما نكون في رمضان إلى التأمل والتفكر في دواخلنا ... قد تكون الحلول نابعة من ذواتنا بعيدا عن الكثير من الرياء في مظاهر التعبد. لنصلح من أنفسنا ونثق بعون الله على تزكيتها وننطلق من إصلاح نفوسنا إلى بناء الأسرة فالمجتمع الصغير فالمجتمع المسلم، عندها نعيد سيرتنا الأولى في إحياء النهضة الحقيقية لأمة الإسلام. من يختزلون الدين في مظاهر يمارسونها تقية أو رياء إنما يخدعون أنفسهم، ويكيدون لمجتمعهم، ومن يتآمرون على أخوتهم من المسلمين الصائمين القائمين المتصدقين من أجل تحقيق أهداف سياسية تحت شعار التدين إنما يرتكبون جرائم لا يقرها الدين الحنيف. وكل عام وأنتم بخير.