لا يخفى على أحد الدور الذي أصبحت تلعبه التقنية في نقل الحدث لحظة وقوعه، والمقصود بالتقنية هنا ليس جهاز الكمبيوتر فقط وإنما أجهزة الهاتف المحمول لما تحتويه من إمكانيات هائلة من تسجيل الصوت والصورة لحدث ما وإرساله بأسرع ما يمكن، حتى إنها من الممكن أن تسبق وكالات الأخبار والفضائيات العالمية في فعل ذلك.
الأهم من كل ذلك أنها أصبحت وسيلة إعلامية، حيث عن طريقها تستطيع أن توصل الحدث إلى جميع أنحاء العالم بدون أي قيود تذكر، كما يحدث عند طرد مراسل وكالة أنباء معينة وإغلاق مكتبها نتيجة نشرها خبراً لا يتماشى مع سياسة الدولة. وبما أن عصر التقنية الذي نمر به حاليا هو وبدون منازع عصر الإنترنت والهاتف المحمول، فإن أخذ الأخبار أو الصور الثابتة والأفلام ومن ثم وضعها على الأنترنت لتصل إلى الفضائيات والتي بدورها تقوم ببثها عالميا، هنا نستطيع القول إن العالم أصبح قرية صغيرة.
إن أحداث إيران الأخيرة والتي أعقبت الانتخابات الرئاسية لهي خير دليل على ذلك حيث تم منع مراسلي المحطات الفضائية من ممارسة أعمالهم في تغطية ما يحدث.
من منا لم يشاهد لحظة وفاة الشابة الإيرانية (ندى) والتي أطلق عليها الرصاص في الشارع، والفضل في ذلك يعود إلى كاميرا الهاتف المحمول التي التقطت الحدث ومن ثم تحميله على الأنترنت لتصل العالم بأسره ولتصبح في ما بعد واحدة من الأكثر اللقطات مشاهدة على الأنترنت والتي انتهى بها المطاف لتعرض على القنوات الفضائية العالمية، وهو ما كان من الأشياء الغير معروفة لسنوات قليلة مضت. وهنا نرى أن الجمع بين تقنيتي الأنترنت والهاتف المحمول قد عجل في ظهور مواقع على الأنترنت مثل Twitter و YouTube و Facebook لتدعم ما توفره تقنية الهاتف النقال وبالتالي أصبح من الممكن للشخص العادي أن يكون هو مراسلا صحفيا وشاهد عيان بتقنية حديثة في نفس الوقت. بوجه هذا التقدم الهائل في التقنية نتسائل إن كان من الممكن أن تفعل الدولة شيئ ما لإيقاف تغطية ما يحدث؟
الجواب هو أن ذلك ممكنا عن طريق إيقاف خدمة الأنترنت والهاتف المحمول تماما وهو أمر من الصعب تطبيقه، حيث تكون الدولة قد عزلت نفسها عن شعبها والعالم وهو أخطر من إيقافها.
ختاما، أن التطور التقني الهائل في العصر الذي نعيشه يعني أنه من الصعب تماما تجاهله وأن الكم الهائل من المعلومات ذات الأوساط المتعددة (كلمات أو صور ثابتة أو أفلام) والذي يمكن أن تنقله هذه التقنية أصبح فوق أي تصور أو حدود.