ما زال فيروس (H1N1) الجديد (انفلونزا الخنازير سابقاً) يلقي بظلاله الثقيلة على شهر رمضان مسبباً القلق والخوف عند المصلين والمعتمرين، وعلى الرغم من أن معظم المصابين بالفيروس يعانون من مرض خفيف ويتماثلون للشفاء دون الحاجة إلى علاج بالأدوية المضادة للفيروسات أو الرعاية الصحية إلى أن الفيروس قادر على إحداث إصابات شديدة ومضاعفات خطيرة قد تنتهي بالوفاة وخاصة في الأفراد الذين يعانون من أمراض مؤقتة ونقص في المناعة في أي سن، والنساء الحوامل، والأطفال ممن هم دون سن الخامسة من العمر. وإذا نظرنا للفيروس الجديد وطرق انتقاله وهنا دعوني أتوقف على اسم إنفلونزا الخنازير وكان سبب التسمية في بدء الوباء يعود إلى أن الفحوص المخبرية في ذلك الوقت أظهرت تشابهاً كبيراً بين الفيروس الجديد وبين فيروسات الإنفلونزا التي عادة ما تظهر في الخنازير في أمريكا الشمالية، ولكن الدراسات اللاحقة أظهرت أن هذا الفيروس الجديد مختلف جداً عما ينتشر عادة بين خنازير أمريكا الشمالية، إذ يحتوي على اثنين من جينات فيروسات الخنازير التي تنتشر في أوروبا وآسيا وجينات الطيور وكذلك الجينات البشرية، لذا تم اتفاق العلماء على تسمية فيروس الانفلونزا الجديد «الرباعي معاد التصنيف». والآن دعونا نعد إلى انتقال الفيروس فهو سريع الانتشار بين البشر، وهو يسري بسهولة على غرار فيروس الانفلونزا الموسمية وقد يفوقه خاصة في الأماكن المزدحمة، ويمكن للفيروس الانتقال من شخص لآخر من خلال سعال أو عطاس الأشخاص المصابين وقد يصاب الناس أحياناً بالعدوى بلمس الأشياء والأسطح الملوثة بالفيروس ثم لمس أنوفهم وأفواههم. وهنا نجد أن اكتظاظ المساجد في شهر رمضان المبارك والازدحام في مكة المكرمة لحرص الناس على أداء العمرة وخاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان يشكلان بيئة مناسبة لانتشار الوباء وخاصة عندما نرى - وللأسف - العديد من الأشخاص المصابين بالانفلونزا يرتادون المساجد المزدحمة ويذهبون إلى العمرة ويقومون بالسعال والعطاس من غير مبالاة ومن غير تغطية الأنف والفم، وقد يلجأ البعض لتغطية الأنف والفم باليد ومن ثم يلمسون أماكن السجود بأيديهم الملوثة لتصبح هذه الأسطح مصدراً آخر للعدوى، علماً أن الفيروس قد يبقى على هذه الأسطح لفترة تمتد من 2-8 ساعات. إن هذه التصرفات التي تصدر من المصابين بالإنفلونزا في المساجد وأثناء العمرة تعرض الأشخاص الأصحاء والمصابين بأمراض مؤقتة لأخطار شديدة، إن كل ما نتمناه أن يعي المصابون بالإنفلونزا أن على عاتقهم دوراً كبيراً للحد من انتشار هذا الوباء، وأن صلاتهم في منازلهم وتأجيلهم للعمرة حتى يشفوا سيجنبانهم الوقوع في الإثم نتيجة لإضرارهم بالمسلمين.