الأربعاء، يوليو 29، 2009

ماهو نظام التشغيل العملاق لينكس وسر نجاحه؟‏


في السنوات الخمسة الماضية أصبح أسم لينكس يتردد أكثر و أكثر في عالم أنظمة التشغيل. وزاد الإهتمام به عندما اهتمت به شركات كبرى مثل IBM و Sun و Corel و DEC و DELL و SGI و غيرها الكثير . و سبب هذا الإهتمام وهذا الضجيج الإعلامي أن نظام لينكس وفر ما لم يتوفر من قبل و لهذا بدأ يظهر كمنافس لنظام مايكروسوفت الأكثر انتشاراً في العالم ويندوز.
ما هو هذا النظام و كيف وصل لمرتبة التنافس مع ويندوز ؟

لينكس هو نظام تشغيل مجاني مفتوح المصدر (Open Source) يوفر كافة مزايا أنظمة التشغيل من تعدد المستخدمين Multi-user، و تعدد المهام Multitask ،و ذاكرة إفتراضية Virtual Memory ، و إدارة متطورة للذاكرة ، المشاركة بالمكتبات البرمجية Shared libraries ، بالإضافة لدعم خاص للشبكات و TCP/IP.

لفهم ما المقصود بالكلام السابق يجب أن نبدأ بمعرفة كيف بدأ لينكس . نظام لينكس بدأ تطويره الطالب "لينس تورفالدس" في جامعة هلسنكي في فنلندا في عام 1990 متأثراً بنسخة صغيرة من نظام UNIX كانت قد صممت لأغراض تعليمية تدعى minix. و في عام 1991 عرض "لينس" نظامه على مجموعة من المبرمجين و المطورين على إحدى ال newsgroups . و كان اهتمام هؤلاء المطورين سبب لتطوير لينكس في نسخه الأولية .

سجل لينس نظامه بإسم لينكس Linux ( يمكن لفظها كما تقرأ بالعربية أو لفظها ك"لينوكس" ) ، و كانت نوعية الترخيص General Public Licensee (GPL) التي تتيح استخدام النظام و توزيعه و نسخه مجانا و التعديل عليه بحرية عالية. رخصة البرمجيات من نوع GPL تحتم توفير الشيفرة المصدرية لهذه البرمجيات مجانا أيضاً . و لهذا فإن نظام لينكس كاملا متوفر على شكل شيفرة مصدرية مكتوبة بلغة C/C++ ، و هذا يتيح التعديل على النظام ليلائم الإحتياجات والاستخدامات المختلفة. و بسبب سياسة المصدر المفتوح التي أتبعها لينكس أهتم عشرات الآلاف من المبرمجين بهذا النظام وساعدوا على تطويره و تحسينه ليصبح على ما هو عليه الآن .

نظام لينكس هو نظام لإدارة الشبكات في الأساس مثل النظام UNIX ولأن مجموعة مطوري النظام كانوا في الأساس مجتمعين في شبكة و فيما بعد على شبكة الإنترنت ، فإن نظام لينكس مبني في الأساس للعمل على الشبكات مثل الإنترنت. وقد وفر فيه المطورين مزايا عديدة للشبكات أهمها الأمن و الحماية.

من أهم ما يميز لينكس هو أنه يعمل على عدد كبير من أنواع الأجهزة و المعالجات. فهو يعمل على معالجات x86 و I64 من أنتل، و معالجات SPARC من Sun ، و معالجات DEC Alpha, Motorola, PowerPC, RISC, SGI, StrongARM, MIPS و غيرها. وهذا التنوع الواسع في أنواع الأجهزة يغطي إمكانية الربط و الانسجام لكافة هذه الأنواع المختلفة للعمل على شبكة واحدة.

ويوفر نظام لينكس انفتاحا على أنظمة التشغيل الأخرى ، فمثلا تستطيع الوصول للملفات سواء كانت تحت نظام ويندوز أو NT أو Win2000 أو Solaris أو OS/2 أو Mac أو HP-UNIX أو أي نظام آخر من نوع UNIX. و هذا يعطي لينكس القدرة على أن يكون نظام وسطي بين عدة أنظمة تشغيل في شبكة.

ويمكن في لينكس تشغيل البرامج المكتوبة ل UNIX أو GNU لأنه في الأصل يعمل في نفس الطريقة. و هناك برامج مثل WINE تتيح تشغيل برامج و ألعاب Windows للعمل في بيئة لينكس . كما يوجد محاكيات لتشغيل برامج الDOS . وهناك أيضا برامج Virtual Machine التي تكون جهاز افتراضي داخل لينكس لتشغيل إي نظام آخر مثل ويندوز بشكل كامل.

أما بالنسبة لاستخدام لينكس في الحواسيب الشخصية في المنزل أو المكتب، فلينكس يوفر دعم واسع للإضافات والبطاقات Hardware من بطاقات صوت إلى بطاقة عرض فيديو و بطاقات دعم الثلاث أبعاد و بطاقات الFM و المداخل من نوع PCMCIA و USB لوصل أجهزة مختلفة من ماسحة ضوئية Scanner و طابعات و غير ذلك من الإضافات المختلفة.

و يمكن لمزايا تعدد المستخدمين أن تفيدك في جهازك الشخصي بشكل كبير. إذ أن تعدد المستخدمين يوفر الحماية للنظام من أعمال المستخدمين التخريبية المقصودة و غير المقصودة. فمع تعدد المستخدمين يتم تحديد الصلاحيات و الملفات المسموح للمستخدم رؤيتها والملفات المسموح قراءتها والملفات المسموح تشغيلها والملفات المسموح الكتابة فيها (إلغائها) . فمثلا في جهازي في المنزل الذي يشغل لينكس أعطيت أخي الصغير أسم مستخدم و كلمة سر للدخول للنظام. استخدامه للجهاز محصور بالألعاب و بعض التطبيقات و البرامج مثل MP3 Player و معالج النصوص و غيرها. و مهما حصل مع أخي الصغير و مهما حاول لا يمكن أن يتأثر النظام ، لأنه هو و البرامج التي يشغلها لها الصلاحيات التي حددتها كمدير للنظام. وأقصى ما يمكن لأخي أن يخربه هو الملفات التي تعود إليه مثل الملفات النصية التي كونها و الملفات الأخرى التي تخصه كمستخدم.

ويوفر نظام لينكس الحرية الكاملة في اختيار و تحديد معالم واجهة الاستخدام، فواجهة الاستخدام منفصلة عن النظام، و لهذا بإمكانك اختيار الواجهة التي تريد. هناك حاليا جهتان رائدتان لإنتاج واجهات استخدام للينكس و تطبيقات عليها ، و هاتان الجهتان هما GNOME و KDE. و كلتا الواجهتان يوفران سهولة عالية للمستخدم و إمكانيات تخصيص customization عالية و هما مجانيتان أيضاً . الشيء الوحيد الذي يحدد أي واجهة تريد هو اختيارك أنت .

ومع زيادة عدد مستخدمين لينكس في العالم زاد اهتمام شركات البرمجيات الكبرى بهذا النظام الجديد ، وبدأوا بتوفير برمجياتهم الشهيرة للعمل على لينكس. فشركة IBM وفرت عدد كبير من برمجياتها بدءا من برنامجها الشهير Via Voice إلى برامجها الأخرى المعنية بالبرمجة و التطوير. و شركة Corel أصدرت Corel Linux الذي يعد من أهم إصدارات اللينكس للمستخدم الجديد وكما أصدرت Corel Draw 8 و Word Perfect للعمل في بيئة لينكس. و شركة Sun وفرت ملفات التطوير في لغة JAVA في لينكس و كما تابعت إصدار Star Office ليكون من الحزم المكتبية (Office Suits) الرائدة في لينكس. و كما يوجد عدد كبير من الألعاب المشهورة مثل Quake 3 و Civilization و Tycoon وغيرها الكثير يعمل في لينكس الآن.

أما عن دعم اللغة العربية في لينكس ، فهو في ازدياد ، لكنه ما زال في أول الطريق . و السبب في تأخره هو تأخر اهتمام الدول العربية في هذا النظام، و بالتالي تأخر اهتمام المبرمجين و المطورين العرب فيه. إذ بما إن الشيفرة المصدرية للنظام متوفرة، فعلى المبرمجين و المطورين و الشركات العربية أن تسعى هي لتعريب النظام، لا أن ننتظر شركة أمريكية أو أوروبية للقيام بالتعريب . في الوقت الحالي يوجد متصفحات إنترنت باللغة العربية و كما يوجد برامج لتعريب واجهات الاستخدام (( هذا سايقا أما حاليا التعريب شبه كامل )).

أما عن أسباب تفضيله عن نظام ويندوز فهي كثيرة ... فبداية لأن نظام لينكس مجاني ، فبإمكانك الحصول على نظام يقوم بكل ما يقوم به ويندوز بثبات أعلى و أمان أعلى و بسعر مجاني ! و هذا العرض من الصعب مقاومته. أما السبب الثاني فهو الأمان المتوفر في النظام. فبناء على إحصائيات شركة McAfee الرائدة بمجال الحماية من الفيروسات ، يوجد في بيئة ويندوز ما لا يقل عن 58000 نوع فيروس ، و يتم يوميا كتابة و نشر 80 نوع جديد حول العالم. و النظر إلى هذه الإحصاءات و معرفة مدى سهولة كتابة برنامج تخريبي بلغة مثل VBScript يؤكد أن بيئة ويندوز هي بيئة خصبة لانتشار وعمل الفيروسات. بينما بيئة لينكس فهي غير صالحة لحياة هذه الفيروسات و انتشارها. فعدد الفيروسات الموجودة في لينكس قليل جدا لا يتجاوز العشرات القليلة وهي على الغالب ليست ذات أثر تخريبي . و لو وصلك في لينكس في يوم من الأيام رسالة بعنوان I LOVE YOU فافتحها ولا تخف و أفتح الملف المحتوي على الفيروس و أقرأ نص الفيروس المكتوب بلفة VBScript و شاهد كم هو بسيط نص الفيروس الذي كلف العالم الملاين و أرعبهم ! فسبب الضرر الذي حدث ليس الفيروس بل قلة الأمان في بيئة ويندوز.

أما السبب الثالث الذي لا يقل أهمية عن الأسباب السابقة فهو ثبات النظام. فتقريبا كل مستخدم للويندوز واجه رسالة “This program has performed an Illegal Operation and it will Shut Down” أو رسالة General Fault Error أو العديد من رسائل الخطأ غير المفهومة أو المنطقية ، و هذه الرسائل تلقي اللائمة دائما على البرامج، و ليس على ضعف النظام ! وآخر نوع من الرسائل هو تلك التي تظهر بالشاشة الزرقاء المشؤومة . في نظام لينكس المستخدمين لا يمروا بهذه الكوابيس ، فالنظام بعمل بثبات و دون توقف لأي سبب كان. و جزء آخر هام من ثبات النظام هو حفاظه على موارده. إذ يكرر خبراء الحاسوب نصيحة إعادة تشغيل restarting ويندوز لحل معظم مشاكل بطء البرامج المفاجئ أو عدم عملها ، لأن من المعروف أنه أثناء عملك في ويندوز فإن موارد الجهاز من ذاكرة و غيرها يتم تسربها و استنزافها . بينا في لينكس فالموارد محافظ عليها ، فلو أستعمل برنامج معين 20% من الموارد أثناء عمله ، فبعد انتهائه فإن 20% تعود للموارد المتاحة للاستخدام، و بهذا فلا حاجة أبدا لإعادة تشغيل الجهاز لاستعادة الموارد. وفي الواقع فإنه بإمكانك أن تبقي جهازك عاملا لمدة تزيد عن السنة دون أن تعيد تشغيله ، و بقائه بنفس الحالة التي كان فيها عندما شغلته!

و السبب الرابع لاتجاه الناس لنظم تشغيل بديلة عن ويندوز هو السياسات الاحتكارية لشركة مايكروسوفت التي أدانتها بها المحاكم الأمريكية . فبعد كشف هذه الأعمال الاحتكارية أتجه عدد كبير من مستخدمي ويندوز لأنظمة أخرى لرغبتهم أن لا يكونوا ضحايا لاحتكار هذه الشركة و سياساتها ، وعندما اتجهوا لنظام لينكس وجدوا فيه ما فاق توقعاتهم ، و حتى تغير مفهومهم لنظام التشغيل ليصبح يرتكز على ثبات و أمان النظام. و أخيرا يفضل الناس لينكس لأنة يوفر حرية الاختيار للمستخدم، فهو يختار واجهة الاستخدام التي يريد، و يحدد شكلها و ملامحها ، و يختار الملفات المسموح لكل مستخدم استعمالها ، و غير ذلك من حرية الاختيار المتوفرة.