اليوم تغير مفهوم الأطفال للتقنية، فلم يعد يرضي غرورهم ما كان مبهرا لما سبقهم، وأصبحت التقنية لهم جاذبا رئيسيا حتى مع تطور أجهزة الألعاب الإلكترونية، فتبدلت أجهزة البلاي ستيشن بالحواسيب اللوحية، وتغيرت المفاهيم في سوق الألعاب الإلكترونية لكي ترضي هذا الغرور لدى أطفال جيل اليوم، لتزدهر سوق الألعاب الإلكترونية التي تطلب المقابل المالي للممارسة اللعبة، وتطورت ألعاب الإنترنت لتصبح هي المطلب الرئيسي لأطفال اليوم، فهم يمارسون فيها واقعهم، ويلتقون بأقرانهم بعيداً عن تحكم الأهل في مواعيد دخولهم وخروجهم من المنزل، وهذا ألقى بظلاله على الأطفال فتبدلت النوايا وتغيرت الأخلاق لدى فئة قليلة منهم ليفكروا بالجانب المظلم من التقنية بعيداً عن توجيه الأهل والرقابة عليهم، فهم في النهاية يمارسون اللعب فقط في ظل غياب دور الرقيب.
ومؤخراً أعلن خبير أمني بشركة "AVG" المتخصصة بأمن وحماية المعلومات عن تواجد شفرات خبيثة داخل بعض ألعاب الإنترنت تقوم بزيادة العملات الافتراضية بطريقة غير شرعية على هذه الألعاب، وحددت هذه الشركة استهدافهم للعبة " Runescape" والتي يلعبها أكثر من 200 مليون لاعب حول العالم، وبعد تتبع مصدر هذه الشفرة وجد أن من طورها طفل كندي يبلغ من العمر 11 سنة.
مع بدائية الشفرة الخبيثة المكتشفة إلا أن المفهوم للقرصنة واضح فيها، حيث أن مبرمج هذه الشفرة يقوم بإرسال بيانات اللاعبين المسجلة لزيادة العملات إلى البريد الإلكتروني للطفل الكندي، وألمحت الشركة إلى وجود العديد من البرمجيات والأكواد التي تؤدي ذات المهمة في الألعاب الإلكترونية الخاصة بالإنترنت، وبعد دراسة حالة الطفل الكندي تبين أنه حصل على هدية هاتف آيفون من الأهل.
هذا الاكتشاف يدق ناقوس الخطر بتحول تفكير هؤلاء الصغار من الحصول على لعبة عن طريق الأهل، إلى استغلال معلومات أقرانهم في الإنترنت، والاستيلاء على الأموال بطرق غير شرعية، فهل قتلت الإنترنت براءة الأطفال؟
لا شك أن عدم تعليم الأطفال للتقنية سيؤدي إلى تأخرهم عن اللحاق بالتطور، فالإنسان يبدأ تجاربه من حيث انتهى قرينه، لذا يتطور بسرعة، ولكن من المهم أن تفعل دور الرقابة من الأهل، فلا يعني وجود الطفل في المنزل وعدم خروجه للحياة العامة أنه محمي، وبعيد عن معرفة بعض العادات السيئة، فالإنترنت لا حصر لطرق الشر فيها، لذا من المهم أن تراقب الأسرة أطفالها حتى وهم يلعبون على الإنترنت، لأن ذلك في المرتبة الأولى سيصب في مصلحتهم حيث سيركزون على المفيد ويبتعدون عن الغث في هذا العالم الافتراضي الذي لا تعرف فيه عمر من تتعامل معه ولا خلفيته الدينية والثقافية.
ومع ضرورة الرقابة على الأطفال وتنمية الاستخدام الحسن للتقنية في ذواتهم، الى انه لا بد من الاهتمام بمواهبهم، فهذا الطفل الكندي يعتبر موهبة من الممكن تنميتها والاستفادة منها مستقبلاً، وتوظيف هذه الموهبة في النواحي التي تدعم التطور، ومن هنا يأتي الدور الثاني للأهل بعد الرقابة على الاستخدام وتوجيه الطفل للاستخدام الجيد للتقنية، فتنمية الإبداع وصقل الموهبة مهمة رئيسية للأهل، فمن الضروري عند اكتشاف قدرات معينة وبالتحديد تقنية أن تنمى وتطور وتوجه بشكل صحيح، لكي يستفيد الوطن من هذه المواهب.