عن حكم صوم من فقد عقله حزئياً كما في حالة مرض الصرع فقريب من موضوعنا هذا صوم المغمى عليه والنائم والغافل ، يقول الدكتور فيحان المطيري في كتابه القيم (الصوم والإفطار لأصحاب الأعذار) :
الإغماء هو زوال العقل من غير جنون ولا نوم لأن فاقد العقل لا يخلو من واحد من أمور ثلاثة:
إما أن يكون فقده بجنون أو نوم أو إغماء وكلها من الأعذار الموجبة للتخفيف لأن فاقد العقل غير مكلف بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن كان كل واحد منهم يختلف عن الاّخر بالنسبة لما يترتب عليه من أحكام ، وعلى هذا نقول إذا أغمي على المكلف بعد أن نوى الصيام من الليل فلم يفق إلا بعد غروب الشمس فهل يصح صومه أو لا ؟ سؤال اختلفت في جوابه كلمة الفقهاء على قولين:
القول الأول:للحنفية والمزني من الشافعية وهو صحة صومه
لأن النية قد صحت, وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم.
القول الثاني : للجمهور وهو عدم صحة صومه
وهو الراجح إن شاء الله تعالى وذلك لما يأتي:
1- لأن الصوم هو الإمساك مع النية , قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يقول الله تعالى:( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي) رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فأضاف ترك الطعام والشراب إليه فإذا كان مغمى عليه فلا يضاف الإمساك إليه فلا يجزئه.
2 لأن النية أحد ركني الصوم فلا تجزئ وحدها ؛ ألا ترى أنه لو أمسك عن الطعام والشراب من غير نية لم يجزه فكذا هنا
3- لأن قياس الإغماء على النوم غير مستقيم فإن النوم عادة لا يزيل الإحساس بالكلية فمتى نبه النائم انتبه , بخلاف الإغماء , فإنه عارض خارج عن إرادة الإنسان فهو كالجنون , فالنائم كالمستيقظ , بخلاف المغمى عليه.
ولهذا فإن الصائم لو نام النهار كله ولم ينتبه إلا بعد الغروب صح صومه عند جماهير أهل العلم . وذهب بعض الشافعية إلى عدم صحة صومه قياساً على المغمى عليه وهذا ليس بصحيح لما عرفت من الفرق بينه وبين المغمى عليه ولا يخفى عليك أنه لو استيقظ في جزء من النهار ولو لحظة صح صومه إجماعاً.
كذلك لو نوى من الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافلاً عن الصوم في جميعه صح صومه بالإجماع لأن في تكليف ذكره حرجاً.] أ.هـ
كما يقول الدكتور المطيري في نفس الكتاب عن حكم صوم العاجز لكبر :
لاشك أن مبنى الشريعة الإسلامية قائم على التخفيف والتيسير ودرء المشقة , والأعذار الموجبة للتخفيف كثيرة يصعب حصرها ومنها الكبر , فإن الكبير لا يتحمل ما يتحمله غيره من الإجهاد خصوصاً الصوم الذي يوجب على الإنسان الامتناع عن الطعام والشراب فترة من الزمن ، ونظراً لإهتمام أهل العلم بهذا الأمر فسيكون الكلام فيه محصوراً في المطلبين الاّتيين:
المطلب الأول : حكم الفطر للعاجز بسبب الكبر.
المطلب الثاني: إيجاب الفدية عليه فهناك تفصيل عما قيل في هذا المقام.
المطلب الأول : حكم فطر العاجز لكبر:
اعلم أن الفقهاء مجمعون على جواز الفطر للشيخ الكبير إذا كان يجهده الصوم ومثله العجوز الكبيرة لقوله تعالى ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)(الحج: من الآية78) وقوله تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر)(البقرة: من الآية185)
و قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا )(البقرة: من الآية286)وقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: من الآية16)
فهذه النصوص دالة على جواز الفطر للشيخ , ولا يشترط أن تبلغ به المشقة حد الهلاك , بل يكفي وجود المشقة التي لا تحتمل ظاهراً, ولا خلاف بين أهل العلم أنه لو تكلف الصوم فصام أجزأه ذلك ولم يجب عليه شئ .
المطلب الثاني : في إيجاب الفدية عليه
اختلف الفقهاء في إيجاب الفدية على الشيخ بعد اتفاقهم على جواز الفطر له على النحو الاّتي:
القول الأول : للمالكية وقول عند الشافعية وهو عدم وجوب الفدية عليه.لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فديه عليه كما لو تركه بمرض اتصل به الموت.
القول الثاني : للجمهور وهو وجوب الفدية على الشيخ الكبير ومثله العجوز وهذا القول للحنفية والحنابلة والشافعية في أصح القولين وبه قال من الصحابة علي وابن عباس وأبو هريرة وأنس ومن التابعين سعيد بن جبير و طاووس وقال به أيضاً الثوري والأوزاعي :
وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى وذلك للمنقول والنظر.
أما المنقول فنورد منه ما يأتي:
1- قوله تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )(البقرة: من الآية184)
قال ابن عباس : نزلت في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة.
2- لما أخرجه البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس أنه قال: ( الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مسكيناَ ).
3- عن أبي هريرة أنه قال : (من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح ) أخرجه البيهقي .
4- عن أنس رضي الله عنه : (أنه ضعف عن الصوم عاماُ قبل وفاته فأفطر وأطعم ) رواه الدارقطني والبيهقي.
5- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال :( إذا ضعفت عن الصوم أطعم عن كل يوم مداً).
فالاية التي ذكرناها دالة على وجوب الفدية على الشيخ العاجز إذا أفطر وكذلك الاّثار الاّنفة الذكر المنقولة عن الصحابة تفيد هذا المعنى وكل ما يخالفها أدلة عقلية لا يعول عليها .
وأما استدلالهم من طريق النظر فهو أن الكبر عذر من الأعذار الموجبة للتخفيف فأباح الفطر وأوجب الفدية جبراً للعبادة ونفعاً للمسلمين.
الإغماء هو زوال العقل من غير جنون ولا نوم لأن فاقد العقل لا يخلو من واحد من أمور ثلاثة:
إما أن يكون فقده بجنون أو نوم أو إغماء وكلها من الأعذار الموجبة للتخفيف لأن فاقد العقل غير مكلف بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن كان كل واحد منهم يختلف عن الاّخر بالنسبة لما يترتب عليه من أحكام ، وعلى هذا نقول إذا أغمي على المكلف بعد أن نوى الصيام من الليل فلم يفق إلا بعد غروب الشمس فهل يصح صومه أو لا ؟ سؤال اختلفت في جوابه كلمة الفقهاء على قولين:
القول الأول:للحنفية والمزني من الشافعية وهو صحة صومه
لأن النية قد صحت, وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم.
القول الثاني : للجمهور وهو عدم صحة صومه
وهو الراجح إن شاء الله تعالى وذلك لما يأتي:
1- لأن الصوم هو الإمساك مع النية , قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يقول الله تعالى:( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي) رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فأضاف ترك الطعام والشراب إليه فإذا كان مغمى عليه فلا يضاف الإمساك إليه فلا يجزئه.
2 لأن النية أحد ركني الصوم فلا تجزئ وحدها ؛ ألا ترى أنه لو أمسك عن الطعام والشراب من غير نية لم يجزه فكذا هنا
3- لأن قياس الإغماء على النوم غير مستقيم فإن النوم عادة لا يزيل الإحساس بالكلية فمتى نبه النائم انتبه , بخلاف الإغماء , فإنه عارض خارج عن إرادة الإنسان فهو كالجنون , فالنائم كالمستيقظ , بخلاف المغمى عليه.
ولهذا فإن الصائم لو نام النهار كله ولم ينتبه إلا بعد الغروب صح صومه عند جماهير أهل العلم . وذهب بعض الشافعية إلى عدم صحة صومه قياساً على المغمى عليه وهذا ليس بصحيح لما عرفت من الفرق بينه وبين المغمى عليه ولا يخفى عليك أنه لو استيقظ في جزء من النهار ولو لحظة صح صومه إجماعاً.
كذلك لو نوى من الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافلاً عن الصوم في جميعه صح صومه بالإجماع لأن في تكليف ذكره حرجاً.] أ.هـ
كما يقول الدكتور المطيري في نفس الكتاب عن حكم صوم العاجز لكبر :
لاشك أن مبنى الشريعة الإسلامية قائم على التخفيف والتيسير ودرء المشقة , والأعذار الموجبة للتخفيف كثيرة يصعب حصرها ومنها الكبر , فإن الكبير لا يتحمل ما يتحمله غيره من الإجهاد خصوصاً الصوم الذي يوجب على الإنسان الامتناع عن الطعام والشراب فترة من الزمن ، ونظراً لإهتمام أهل العلم بهذا الأمر فسيكون الكلام فيه محصوراً في المطلبين الاّتيين:
المطلب الأول : حكم الفطر للعاجز بسبب الكبر.
المطلب الثاني: إيجاب الفدية عليه فهناك تفصيل عما قيل في هذا المقام.
المطلب الأول : حكم فطر العاجز لكبر:
اعلم أن الفقهاء مجمعون على جواز الفطر للشيخ الكبير إذا كان يجهده الصوم ومثله العجوز الكبيرة لقوله تعالى ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)(الحج: من الآية78) وقوله تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر)(البقرة: من الآية185)
و قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا )(البقرة: من الآية286)وقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: من الآية16)
فهذه النصوص دالة على جواز الفطر للشيخ , ولا يشترط أن تبلغ به المشقة حد الهلاك , بل يكفي وجود المشقة التي لا تحتمل ظاهراً, ولا خلاف بين أهل العلم أنه لو تكلف الصوم فصام أجزأه ذلك ولم يجب عليه شئ .
المطلب الثاني : في إيجاب الفدية عليه
اختلف الفقهاء في إيجاب الفدية على الشيخ بعد اتفاقهم على جواز الفطر له على النحو الاّتي:
القول الأول : للمالكية وقول عند الشافعية وهو عدم وجوب الفدية عليه.لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فديه عليه كما لو تركه بمرض اتصل به الموت.
القول الثاني : للجمهور وهو وجوب الفدية على الشيخ الكبير ومثله العجوز وهذا القول للحنفية والحنابلة والشافعية في أصح القولين وبه قال من الصحابة علي وابن عباس وأبو هريرة وأنس ومن التابعين سعيد بن جبير و طاووس وقال به أيضاً الثوري والأوزاعي :
وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى وذلك للمنقول والنظر.
أما المنقول فنورد منه ما يأتي:
1- قوله تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )(البقرة: من الآية184)
قال ابن عباس : نزلت في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة.
2- لما أخرجه البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس أنه قال: ( الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مسكيناَ ).
3- عن أبي هريرة أنه قال : (من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح ) أخرجه البيهقي .
4- عن أنس رضي الله عنه : (أنه ضعف عن الصوم عاماُ قبل وفاته فأفطر وأطعم ) رواه الدارقطني والبيهقي.
5- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال :( إذا ضعفت عن الصوم أطعم عن كل يوم مداً).
فالاية التي ذكرناها دالة على وجوب الفدية على الشيخ العاجز إذا أفطر وكذلك الاّثار الاّنفة الذكر المنقولة عن الصحابة تفيد هذا المعنى وكل ما يخالفها أدلة عقلية لا يعول عليها .
وأما استدلالهم من طريق النظر فهو أن الكبر عذر من الأعذار الموجبة للتخفيف فأباح الفطر وأوجب الفدية جبراً للعبادة ونفعاً للمسلمين.