الخميس، أغسطس 30، 2012

الجرائم الالكترونية على الأطفال المستخدمين "النت"


  الجرائم الالكترونية على الأطفال المستخدمين "النت"، وأثره عليهم، وكيفية وقايتهم من تلك المخاطر من دون حرمانهم من غاياتهم، إلى جانب بحث سُبل تقليصها من خلال تضافر جهود كافة الجهات ذات العلاقة.
مجرمون على النت يتربصون لدخول الأطفال وتبادل الصور والمعلومات معهم
إحصائيات مقلقة
  لا توجد إحصائية مُعلنة حول عدد الجرائم الالكترونية المتعلقة بالأطفال، إلاّ أن دراسة حديثة لمؤسسة "سمانتك" كشفت عن أن الشباب هم الفئة الأكثر عُرضة للوقوع ضحايا للجرائم الإلكترونية، حيث بلغت نسبة وقوع الضحايا بالنسبة لأعمارهم 75% لجيل الألفية البالغين من العمر قرابة عشر سنوات، و80% للمراهقين، مضيفة أن دراسة عربية كُشف عنها مؤخراً خلال "ندوة الثقافة والعلوم" المُنظمة من قبل "مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال"، ضمن فعاليات "حملة طفولتي أمانة.. فاحموها"، واتضح خلال أن نسبة 18% من الأطفال المتعرضين للتحرش، قد تعرضوا له عبر "النت"، وهذه النسبة مقسّمة أيضاً إلى 66% منهم تعرضوا للتحرش من غير قصد، فيما كان 42% منهم يشاهدون أفلاماً مُخلّة عن قصد، بينما كان 18% منهم يستخدمون "النت" للممارسة الجنسية؛ ما يدل على أن تلك الإحصائيات علّقت الجرس خشية على مستقبل الجيل الجديد.
 أن المعتدين على الأطفال إلكترونياً يسعون إلى المتاجرة بهم من خلال التغرير والاستدراج؛ حيث يُوهم المجرم ضحاياه بالرغبة في تكوين علاقة صداقة على "النت"، وتتطور إلى إلتقاء مادي بين الطرفين، من دون معرفة أسرة الطفل، وقد يستلم الطفل رسائل بريد الكتروني تتضمن مضايقة، أو احتقار، أو روح عدائية، أو مواقع إباحية، أو مواقع تجارة الكترونية، أو مواقع للقمار، ما قد يجعل الطفل أو المراهق يستخدم بطاقات الائتمان الخاصة بوالديه أو أحد أفراد أسرته عبر الشبكة أو بالتعدي على حقوق فردية للغير، من دون إدراك المسؤولية المترتبة على ذلك، مشيرة إلى أن الأمر قد يتطور لدى الطفل باكتشاف مواد غير مناسبة لعمره، كمواد جنسية، أو مواد تحث على الكراهية والعنف، أو تُشجّع على عمل أعمال خطيرة وغير قانونية، أو تدعو للتمرد على الأسرة، فضلاً عن خطر الدردشة عبر المواقع "الشات"، حيث قد تتسبب في تغيير سلوك الطفل، وتدفعه للإشتراك في أعمال غير مسئولة. أهمية دور الأسرة بالدرجة الأولى في اكتشاف تلك الجرائم، إلى جانب مساهمة مؤسسات المجتمع (المدرسة، المسجد، الإعلام.. وغيرها)؛ من أجل توعية المجتمع بالآثار السلبية الممكن حدوثها نتيجة استخدام خاطئ للأنترنت من قبل النشء، نظراً لأن فئتهم العمرية تتأثر أكثر بالظروف المحيطة، داعيةً إلى غرس المعرفة العلمية في نفوس الأبناء حول التكنولوجيا، ودورها الإيجابي في تقدم الفرد والمجتمع، إلى جانب إيضاح أهميتها وإيجابياتها وسلبياتها ومخاطرها أيضاً عند إساءة الاستخدام.
 أن المخاطر الفكرية أبرز ما يواجهه الأطفال عبر "النت"، ويأتي أبرزها ما تبثه الفئات الضالة من أفكار مسمومة، إلى جانب المنتديات المؤدلجة وفقاً لعدة غطاءات مزيفة للوصول إلى غاياتهم، منوهاً أن من ضمن المخاطر على الأطفال اجتماعياً، عندما تزيد لديهم العزلة والانطوائية، وعدم الرغبة في الخروج من المنزل؛ بسبب التعلق بالإنترنت، حتى يصير الطفل مدمناً؛ ما يقوده إلى مخاطر صحية قد يُعاني منها الطفل، وعلى رأسها وأكثرها انتشاراً آلام تصيب مفصل اليد، أو في العمود الفقري، وكذلك صداع، وغيرها من التأثيرات الصحية.
 أن مسؤولية وقاية الأطفال من الوقوع في الجرائم الالكترونية حمل على عاتق المنزل في المقام الأول، من خلال اتخاذ الوالدين إجراءات تكفل وقاية الطفل، وذلك بواسطة جانبين الأول يتمثل في تأمين أجهزة حاسب يستخدمها الأطفال لمنع المخترقين من جهة، مع عدم السماح للطفل بالدخول في مواقع مشبوهة من خلال استخدام تقنيات متوافرة في بعض المواقع، كما هو حال موقع "يوتيوب"، إذ إنه مزود بنظام أمان ومراقبة أبوية، أو من خلال استخدام برامج تمنع الطفل من دخول بعض المواقع المحتوية على مواد غير مرغوبة، لافتاً بأهمية تربية الطفل على استخدام "النت" وغيره من وسائل التقنية بطريقة تتوافق مع دينه وعاداته وتقاليده، مع عدم إغفال دور الوسائل الإعلامية والمدرسة والمسجد في تكثيف الجهود التوعوية؛ لتعزيز دور الأسرة في هذا الجانب.
يجب التركيز في الأنظمة الحازمة ضد من يحاول الإساءة إلى الأطفال، ومنها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي ينص على تشديد العقوبة إذا ما ارتكبت الجريمة من خلال عصابة منظمة، أو استغل الجاني سلطاته، أو نفوذه، أو تم التغرير بالقُصّر ومن في حكمهم، مع إيجاد برامج توعوية جيدة تُحفز الأسر، وخاصة المرأة والطفل بالإبلاغ عن أي محاولات ابتزاز قد يتعرضون لها، دون أن تطالهم أي تبعات لذلك، مع ضمان السرية الكاملة لهم، علماً أن الجهات الأمنية هي الجهة المختصة في ضبط وتلقي البلاغات ذات العلاقة بهذه الجرائم وأمثالها.
أن وجود جهاز حاسوب الطفل في مكان عام بالمنزل، وتكون الشاشة متاح رؤيتها للوالدين؛ تتيح للوالدين مراقبة المحتوى، وفي ظل ظهور أجهزة الحاسوب الكفية وأجهزة الجوالات الحديثة، فإن التوعية المباشرة للطفل أجدى، إلى جانب اتخاذ بعض التدابير الكفيلة بحمايته، وعلى رأسها معرفة المواقع التي يزورها، وكذلك معرفة كلمة المرور الخاصة بجهازه، وتعويده على تقبل ذلك وتفهمه،  أن الحديث مع الطفل أو المراهق حول المواقع التي يزورها، ومناقشته حولها يُسهم في توعيته ويشعره بالمسئولية أيضاً.
ودعا إلى مساعدة الطفل نحو اختيار عنوان بريدي لا يدل على جنسه ولا عمره، حيث ان بعض الأطفال يختار عنواناً يتضمن تاريخ ميلاده، مما يقود البعض للتواصل مع ذلك الطفل عبر "النت"، إلى جانب توعيته أن لا يدلي باي معلومات خاصة كالإسم وبيانات البريد، أو اسم المدرسة أو حي المنزل، فضلاً عن وضع برامج مكافحة الفيروسات، وتفعيل أنظمة الرقابة الأبوية، وعدم فتح رسائل المجهولين، إضافة إلى غرس مفهوم الصراحة لدى الطفل، وعدم التردد في إبلاغ الوالدين بأي تحرشات قد يتعرض لها.
 دور الإعلام في التبصير بهذه الجرائم، حيث تعمل على توعية المجتمع بخطورة التساهل في استعمال التقنية الحديثة، وعمل البرامج التلفزيونية والمحاضرات والمسابقات التوعوية مع توزيع النشرات الإرشادية والقيام بالإعلانات في الشوارع والطرق، مع تخصيص صفحات في الصحف والمجلات لتوعية الجمهور، وخصوصاً المراهقين، إلى جانب التوضيح بالعقوبات المترتبة على المجرم.
عدم السكوت تجاه الصور الإباحية والجنسية قاطبة، بغض النظر عن مصادرها أو الوسائط المستغلة لنقلها أو تبادلها؛ لأن السكوت عليها سيؤدي إلى انتشار كثير من السلبيات والجرائم الاجتماعية الأخرى.
تجارب دولية
اجتهدت عدد من الدول في محاولاتها لحماية الأطفال من جرائم الانترنت، ففي سويسرا مثلاً اعتمدت السلطات وسيلة اعتبرتها ناجعة، تتلخص بنشر وتوزيع سلسلة من القصص الواقعية الحاصلة لأشخاص تعرضوا لجرائم الأنترنت، وفي الإمارات انتهجت السلطات عمل "كمائن إلكترونية" لاستدراج مرتكبي الجرائم الالكترونية ضد الأطفال، كما طرحت مشروعاً لوضع سجل مرتكبي الجرائم الجنسية ومن بينها المتعلقة بالأطفال، فيما أعدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" مبادرة تتضمن "مشروع دليل توجيهي لحماية الأطفال من مخاطر الانترنت"، وأشركت المواطنين في مكافحة الجريمة الالكترونية "عن طريق فتح مكتب لتلقي شكايات المتضررين من هذه الجرائم لإيجاد الحلول.