يفترض أن التجربة تزيدك حكمة وتدبراً في أمور الحياة، يفترض أن مصاعب الدنيا ومتاعبها ومشاكلها تزيد من تأملك في الحياة وتزيد من إنسانيتك أو تفاعلك مع البشر من حولك، يفترض ان هذه التجارب التي تسرق منك شيئاً من راحة البال و جزءاً من مقومات سعادتك تعلمك شيئاً إن رغبت أن تتعلم.
هناك تجارب تعيد تركيبتك النفسية تعيد ترتيب أولوياتك في الحياة، هذه التجارب هي التي تصنع شيئاً فيك، قد تؤلمك بكل مافيها، قد تجعلك تشعر بالغضب بالعجز بالشلل لأنها طارئ لم تتوقعه غيرت خط حياتك وقتلت شيئاً فيك، لكنها في النهاية تؤلفك معزوفة مختلفة تستحق أن تسمع.
قد تضحك على نفسك وعلى سذاجتك حين كنت تظن ان الدنيا ستتوقف حين تتجاوزك الترقية أو حين يغضبك صديق أو حين تسمع شيئا لا تريد أن تسمعه أو حين ينتقدك أحدهم! قد تضحك على ضحالة تفكيرك وعلى الوقت الذي كنت تمضيه وأنت تصنع مشكلة من لا شيء، لمجرد انك بحاجة للتخلص من بعض الارساليات العصبية التي تعبث داخل مخك وتزيد الاحمال على توصيلاته الكهربائية! لا تتوقف الدنيا ولا يتغير شيء وتنسى غضبك وتعرف كم كنت أحمق بعد أن تواجهك الحياة بما هو أصعب من ذلك، مرض يكسرك، فقْد لعزيز ودع الدنيا وفجعك رحيله، كلها أمور صعبة تجعلك تعيد تقييمك للحياة وتعيد تعريفك للأشياء وتؤطر تعاملك مع مايحيط بك. !
قد تجعلك أكثر هدوءاً، أكثر إحساساً بالآخرين، أكثر إنسانية وأقل أنانية، أكثر عطاء فأنت لا تريد أن تعطي بعد فوات الأوان. قد تخلق فيك غضباً مؤقتاً وحزناً يختفي في عينيك يظهر حيناً ويغيب حيناً آخر، وفي نفس الوقت تبرز الجانب اللين فيك. الجانب الذي يجعلك تقرأ وجه طفل أجبرته الظروف أن يشحذ عند الإشارة أو زميل عمل يبدو ساهماً على غير العادة أو أب يحمل طفله المريض في غرفة الطوارئ أو آخر يقف أمام شباك موظف البنك يفكر في كيفية الحصول على قرض.
ما أكثر التجارب وما أقل الذين يرغبون في التعلم منها وما أكثر الذين يقفزون من فوق سور المدرسة لأنهم مازالوا غافلين!