الثلاثاء، أغسطس 23، 2016

القذف الإلكتروني

القذف الإلكتروني جريمة معلوماتية، تستهدف بعض الأشخاص، من خلال ألفاظ تمس "الشرف" و"الكرامة"، وهو ناتج عن التقدم السريع في شتى المجالات العلمية، حيث صاحب هذا التقدم، تقدم آخر في مجال الجريمة، وهو ما يتطلب استحداث أنظمة وقوانين تتصدى لتلك التصرفات السلبية، والتي لا يفعلها سوى ضعاف النفوس.
أن الصعوبة تكمن في كيفية الوصول إلى الجاني، حيث إن أغلب من يتهم الناس ويسيء إليهم هم من هواة الكتابة ب"اسماء مستعارة"، وهو ما يُحتم ضرورة مواكبة أجهزة الأمن المختلفة أحدث وسائل تقنية المعلومات، التي يمكن من خلالها تتبع هوية الجاني الالكتروني، والتعرف عليه كحال كثير من الدول المتقدمة.
إذا كانت الواقعة هي "الزنا" فهي قذف يستوجب الحد الشرعي وخلاف ذلك  كان هناك نقاش طويل بين فقهاء الشرع وبين رجال القانون لوضع معايير للتفرقة في هذا الشأن، ولكن المختصر أن القذف يكون إذا أسند شخص واقعة لغيره وكانت تمس الشرف والسمعة، حيث تستوجب عقاب المقذوف إن ثبتت صحتها، أما السب يكون بإسناد شخص صفة لغيره وكانت تلك الصفة تخدش الشرف والاعتبار والاحترام.
وأوضح "البطي" أن القذف يمكن أن يكون بالقول أو الإشارة أو الكتابة، كما يمكن أن يكون في مواجهة المقذوف في مجلس أو مكان عام، أو في غيابه أمام الناس، أو عبر وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية، كما يمكن أن يكون عبر المواقع الالكترونية كالمنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية والبريد الالكتروني، كما أنه من الممكن أن يحدث عبر أجهزة الاتصالات كالهواتف المحموله والرسائل النصية ورسائل الوسائط المتعددة
توجد مشكلة كبيرة تتعلق بعموم الجرائم المعلوماتية وهي مسألة الإثبات، فلو افترضنا أن شخصا قام بالتسجيل في أحد المنتديات على شبكة الانترنت منتحلاً اسماً وهمياً، ثم أرسل اتهاماً مشيناً لشخص محدد باسمه، فكيف يستطيع المجني عليه إثبات فعل الجاني؟،  أن هذه العقبة الجسيمة تحتاج إلى التفات من أجهزة الأمن المختلفة في بلادنا ، من خلال العمل على مواكبة أحدث وسائل تقنية المعلومات التي يمكن من خلالها تتبع هوية الجاني الالكتروني، والتعرف عليه كحال كثير من الدول الغربية المتقدمة.
 ما يؤلم النفس هي الأساليب الغريبة التي نلمسها في كل لحظة من خلال المواقع الإلكترونية، مضيفةً
في "اليوتيوب" مثلا تعليقات سلبية وتُهم صريحة وتراشق بالألفاظ، مشيرةً
 أن تلك العبارات التي يضعها أصحاب المواقع الإلكترونية عند بداية التسجيل، وهي الالتزام بالآداب والبعد عن السب أو الشتم، لا تُقدم ولا تُؤخر، بل وليست مانعاً، مضيفةً أنها تحذير يُتيح الفعل المضاد ما الذي عملناه لإيجاد أنظمة تمنع الإساءة والتشهير بالآخرين؟
 أن المشكلة تكمن في التهاون عن الإبلاغ عن الشخص المسيء، فنحن نسمع ونرى ولا نتكلم، بل ولا نلفت نظر المعنيين إلى هؤلاء، ما المانع عندما نتأكد أن شخصاً قذف فلاناً من الناس أو شهّر به أن نسارع بالتبليغ عنه؟ قد يكون المقذوف لا يعلم عن ذلك شيئاً، وهنا لابد أن يتواصل الجميع مع مكافحة الجرائم المعلوماتية.
 أهمية التعاون مع المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة الجرائم المعلوماتية، كذلك لابد من نشر الوعي بين المواطنين وتوعية الشباب على وجه الخصوص بخطورة التعامل مع المواقع السلبية على شبكة الانترنت، إضافةً إلى نشر الوعي بالمخاطر النفسية والاجتماعية التي تجرها الاستخدامات غير الآمنة لبعض مواقع التواصل الاجتماعي.
 من الواجب علينا منع الأسباب الموصلة لهذه الجريمة المدمرة لأفراد المجتمع،  أننا بحاجة إلى إضافة مواد تربوية في المدارس تعنى بتعليم الطلاب سلبيات وخطورة تلك السلوكيّات السلبية، متمنيةً عدم التهاون في مكافحة الجرائم المعلوماتية سواء في المعاقبة أو التبليغ عنها.
 نحن كأصحاب للمواقع الإلكترونية نستطيع كشف رقم "الآي بي" فقط لكل عضو، ولكن لا يوجد أي دليل على شخصية الكاتب لكشف هويته، من الممكن أن تتوصل مكافحة الجرائم المعلوماتية لهوية القاذف، مع عدمالسماح لأي منشور للأعضاء فيه تجريح أو اتهام للآخرين دون أدلة، سواء كان المقذوف مسؤولاً أو غيره، ونتبع نظاماً حازماً
 أن من يتهم الناس دون أدلة هو شخص مشحون حدث بينه وبين شخص آخر خلاف أو موقف معين، وأراد تفريغ ما لديه من شحنات الغضب من خلال مواقع التواصل، للفرد الحرية في الكتابة والانتقاد البناء الهادف البعيد عن الشخصنة، وأن يضع نصب عينيه أنه مسؤول أمام الله عما يقول.
 أن شخصية القاذف أو المُسيء للناس من الشخصيات المهزوزة غير المتوازنة وغير المستقرة، وهو يستخدم هذه الطريقة كنوع من التهرب؛ لأنه يشعر بنقص حاد في قدراته، ولأنه أصلاً لم يقتنع أن الإخفاق جزء من حياة الإنسان كما هو النجاح كذلك، وهذه إحدى الحيل النفسية التي تسمى ب"الإسقاط النفسي"، هذه الشخصية تعكس ما بداخلها من ضعف وقصور وتدهور وهبوط نفسي، وكلّما اشتدت الكلمات والعبارات في حدتها كان التدهور سريعاً وأكثر عنفاً، فهو ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أشد منها، مع الاحتفاظ بخصائص تلك المرحلة السابقة، ويستمر في عملية السب والشتم والتشهير بالآخرين بحجة محاربة الخطأ. هذه الجريمة تُعد نوعا من التنفيس وكمحاولة لجبر النقص الذي يشعر به تجاه نفسه وتجاه الآخرين والتقليل من شأنهم، وكأنه يريد بذلك الفعل أن يثبت لنفسه الوجود والتفوق والنجاح أمام غيره، بينما هو بعيد عنها كل البعد فالأضداد لا يجتمعون.