عيد موجود.. أين سعيد؟!
بقي العيد، الذي يفترض أن يكون سعيداً، موطناً للتساؤل مع عودته الموسمية، منذ سؤال أبي الطيب المتنبي القديم، يوم قال:
عيد بأيّة حال عُدت يا عيدُ
بما مضى أم بأمر فيك تجديدُ
قبل كل عيد، يتساءل الناس، أسئلة شتى، يدور معظمها على السعادة، وهل سيكون عيد هذا العام سعيداً، كما كان أيام الطفولة، حيث كان المتسائل، يمخر عباب الشوارع، يجمع العيديات، وينثر الضحكات، يوزعها بلا حساب، فيتراقص القلب فرحاً، ويطرب الجسد سعادة؟!
أين طارت هذه السعادة التي كنا نقبض عليها بأيدينا؟!
والحقيقة أن السعادة، تدور حولنا، فهي مازالت في قبضة أيدي الأطفال، من ناحية.
مشكلة بعضنا، أنه يريد أن يعيش كل مراحل حياته بنفس المشاعر، وبذات التجربة، متناسياً أن الحياة، كالإنسان لا يمر في النهر مرتين.
كثيراً ما نحاول أن نعيد تجربة مررنا بها واستمتعنا بها مرة أخرى، منتظرين أن نعيش نفس مراحل الفرح التي مررنا بها، ونتألم عندما لا نجد في كل مرحلة ذات ما كنا نجده سابقاً.
عندما قال الفلاسفة إن الإنسان لا يمر في النهر مرتين، كانوا يؤكدون ذلك، لأن النهر في جريان دائم، فكل لتر ماء يواجهها من يخوض في النهر هو غير اللتر الذي يليه.
السعادة ليست لغزاً كبيراً، فهي تدور على معان بسيطة، لو تأملناها، لقبضنا عليها بأيدينا مجدداً، كما يفعل الأطفال.
من يملك حياة جميلة، وصحة طيبة، فهو يرفل في ثياب السعادة.
من يمتلك عائلة، فهو يرفل في ثياب السعادة.
من يملك قوت يومه، فهو يرفل في ثياب السعادة.
من يبيت آمناً في بيته، فهو يرفل في ثياب السعادة.
من يمتلك وظيفة، فهو يرفل في ثياب السعادة.
الكأس المملوءة، حولنا، إن أمعنا النظر إليه، يمنحنا السعادة، وإن تغافلنا عن الأشياء الجميلة من حولنا، فإننا سنتسربل بالحزن، ونرتدي ثياب الهم، وستعاجلنا الأسئلة مجدداً، لم لا يكون العيد كما يجب سعيداً؟!
إن من كمال عدل الله، أن جعل الرضا مكمن السعادة، ولم يربط السعادة بامتلاك الأشياء، فيسعد المقتدر، ويتعس ذو الدخل المحدود.
أسعد الناس، هم أكثرهم رضا بما منحهم الله من أشياء جميلة حولهم. أما الذين يصابون بالعمى عن رؤية ما لديهم من أعطيات جميلة، فقد اختاروا أقدارهم، وحياة متلازمة بالكآبة والحزن!