منطقة الفقرات الصدرية هي المنطقة التي تقع تحت العنق وأعلى الخاصرة. وتتميز بوجود اثنتا عشرة فقرة تسمى الفقرات الصدرية. وهذه المنطقة يميزها ارتباط الأضلع بالفقرات من الناحية اليمنى والناحية اليسرى. ووجود هذه الأضلع يوفر ثباتا ودعما لمنطقة الفقرات العنقية. هذا الدعم يؤدي إلى قلة المرونة والحركة في الفقرات الصدرية وبالتالي يؤدي إلى قلة حدوث الانزلاق الغضروفي وأمراض الغضروف فيها عند مقارنتها بمنطقة الفقرات العنقية أو الفقرات القطنية. ولكن في نفس الوقت فإن ذلك يجعلها عرضة لأمراض أخرى تؤدي إلى ظهور الآلام في هذه المنطقة وكنا قد استعرضنا أهم أسباب حدوث الآلام في منطقة الفقرات الصدرية وكيفية تشخيصها وكيفية علاجها ونستكمل اليوم بقية الأسباب:
الأورام السرطانية المنتشرة
تعتبر منطقة الفقرات الصدرية أو منطقة أعلى الظهر من أكثر المناطق التي يتم انتشار الأورام السرطانية إليها عفانا الله وإياكم. والسبب في ذلك أن العامود الفقري يكون عادةً غنياً بالتروية الدموية وعندما تنتشر الخلايا السرطانية من أي جزء من الجسم فإنها تمشي في الدورة الدموية ثم تذهب إلى الفقرات وتستقر فيها. هذه السرطانات قد تأتي من الجهاز الهضمي أو من الكبد أو من الثدي أو من الغدة الدرقية أو من البروستات أو من أي مكان آخر. وفي كثير من الأحيان قد تستقر الخلايا السرطانية في الفقرات الصدرية وتنمو ببطء لشهور أو لسنين. بل وانه في كثير من الأحيان لا يتم اكتشاف السرطان الأولي إلا بعد اكتشاف السرطان الثانوي المنتشر في الفقرات الصدرية. وعادةً ما يشعر المريض بآلام تزداد مع الحركة ولكنها تكون موجودة حتى في وضع الراحة بالإضافة إلى فقدان الشهية للطعام ونقص في وزن الجسم. والتشخيص يتم بعمل أشعة الرنين المغناطيسي بالصبغة والتي تبين بوضوح مدى انتشار الورم في الفقرات وعدد الفقرات المصابة. وفي هذه الحالات يكون العلاج تحت إشراف استشاري الأورام مبدئياً الذي يحاول معرفة الموضع الرئيسي الذي انتشر منه السرطان بحيث يمكن علاج الموضع الرئيسي عن طريق الجراحة أو العلاج الكيماوي. أما بالنسبة للفقرات الصدرية فإن العلاج قد يتكون من العلاج الإشعاعي الموضعي أو العلاج الكيماوي أو حتى التدخل الجراحي في بعض الحالات إذا ماحدث ضغط على النخاع الشوكي أو في حال وجود خلخلة أو عدم ثبات أو كسر نتيجة هذه الأورام السرطانية المنتشرة.
التهابات العضلات والأربطة
تعتبر منطقة الصدر ومنطقة الفقرات الصدرية وأعلى الظهر هي ملتقى الجسم حيث تربط أعلى الجسم بأسفله وهي أيضاً تعتبر ملتقى الذراعين إلى الهيكل العظمي وبهذا فهي ترتبط ببعضها البعض بكثير من العضلات والأربطة والمفاصل التي قد تكون عرضةً للالتهابات المزمنة وخصوصاً عند الأشخاص الذين يبذلون مجهوداً كبيراً مثل الرياضيين أو العسكريين أو المهندسين أو حتى بعض الاحترافيين مثل أطباء الأسنان أو المهندسين أو الأشخاص الذين يستخدمون الكمبيوتر لفترات طويلة حيث أن جميع هؤلاء قد يستخدمون منطقة أعلى الظهر بطريقة خاطئة مما يسبب حدوث هذه الآلام. ومن أهم الأسباب هي الجلوس بطريقة خاطئة والالتفات عند القراءة أو الكتابة واستخدام الأجهزة الإلكترونية بالإضافة إلى عدم اللياقة لهذه المنطقة. وقد تتركز هذه الآلام الناتجة عن التهابات العضلات في جزء معين من منطقة أعلى الظهر أو قد تنتشر في جميع منطقة أعلى الظهر وتمتد إلى الجزء الأسفل من العنق. وقد تزداد حدة هذه الآلام مع المجهود ومع الضغوط النفسية والجسدية ومع التعرض لموجات البرد. والحقيقة هي أن أغلب المرضى الذين نراهم يشتكون من آلام منطقة أعلى الظهر هم من هذه الفئة من المرضى والتي يعتبر التشخيص فيها حميداً إلى حد كبير حيث أن كل ما يحتاجون إليه هو الوصول إلى التشخيص السليم وطمأنة المريض أو المريضة بعدم وجود أي من الأمراض الذي ذكرناها سابقاً ويتم بعد ذلك وضع خطة علاجية تتكون من الأدوية المسكنة والأدوية المضادة لالتهابات العضلات والأدوية المرخية للعضلات وعمل جلسات علاج طبيعي لتقوية العضلات الموجودة في منطقة أعلى الظهر ولتعليمهم عن كيفية الجلوس والوقوف والمشي بطريقة سليمة.
النصائح والتوصيات
على الرغم من أن هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث آلام منطقة أعلى الظهر وعلى الرغم من أن بعض هذه الأسباب قد يكون خطيراً إلا أن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يعانون من هذه الآلام تكون الأسباب لديهم حميدة وناتجة عن تصرفات خاطئة أو إجهاد على منطقة أعلى الظهر أو إلى وجود التهابات في العضلات المحيطة بهذه المنطقة. والواجب هو التأكد من عدم وجود أي أسباب خطيرة لهذه الآلام وذلك عن طريق أخذ التاريخ المرضي للمريض أو المريضة وعمل الفحص السريري والأشعات اللازمة والتحاليل المخبرية اللازمة. وبعد ذلك فإنه يجب على المريض أو المريضة الالتزام بالخطة العلاجية لأن التخلص من هذه الآلام يتطلب وقتاً ومجهوداً من حيث الالتزام بالطريقة الصحيحة للجلوس والوقوف والمشي وعدم وضع إجهاد على منطقة الظهر. كما أن العضلات المريضة والمؤلمة والمترهلة لسنين طويلة قد تأخذ شهوراً لكي تسترد عافيتها ولياقتها ولذلك فإن التمارين التي يتم إرشاد المريض والمريضة إليها خلال جلسات العلاج الطبيعي يجب الالتزام بها في البيت والاستمرار عليها لكي يتم التخلص تدريجياً من هذه الآلام. بالإضافة إلى كل ذلك فإنه يمكن تناول الأدوية المسكنة والمضادة للالتهابات بين فينة وأخرى. وفي كثير من الأحيان قد يتم اللجوء إلى الطب البديل وذلك عن طريق استخدام الحجامة والإبر الصينية أو حتى عمل تدليك بزيت الزيتون الدافئ أو غير ذلك من المراهم الموضعية. وهذا كله ليس عليه غبار إذا كان المريض يشعر بالتحسن عند استخدامه.