الأربعاء، يوليو 03، 2013

الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية


يستخدم أنصار التيار الحاكم الآن فى مصر العديد من المصطلحات مثل الشرعية والديمقراطية والصندوق والانتخابات وإرادة الشعب وفى بعض الأحيان يدمجهم جميعا ليستخدم مصطلح الشرعية الديمقراطيه أو الدستورية دون الادراك لمعنى ومفهوم المصطلح متمسكا بذلك لتأييد وجهة نظرة فى الحكم والأحداث الجارية. وعلى الجانب الأخر يستخدم الثوار والمعارضة والكثير من عامة الشعب مصطلح شهير جدا فى القاموس السياسى ألا وهو الشرعية الثورية على الأطلاق دون الادراك لحجم المصطلح متى يبدأ ومتى ينتهى لننتقل لحالة الأستقرار السياسى والاجتماعى التى ينشدها الجميع.
لذلك سأجيب فى السطور القادمة عن عدة تساؤلات تدور فى ذهن العديد وهى : ما معنى الشرعية؟ ، وما هى الشرعية الثورية؟ وما هى الشرعية الديمقراطية والدستورية؟ ، ومتى تنتهى الشرعية الثورية لتبدأ الشرعية الديمقراطة؟ وما هو الوضع الحالى فى مصر؟ هل هو شرعية ثورية أم شرعية ديمقراطية؟ .
- ما معنى الشرعية؟ ، وما هى الشرعية الثورية؟ وما هى الشرعية الديمقراطية؟
الشرعية : أحد المفاهيم الأساسية في القاموس القانونى والسياسى والاجتماعى ومعناه ببساطة - دون التطرق لمفاهيم فلسفية عميقة - اعطاء الصفة القانونية لشىء ما (الرئيس – الحكومة – المؤسسات – الممارسات والأفعال السياسية) لتضفي طابعاً سياسيا واجتماعيا ملزماً لهذا الأمر على المجتمع ومن ثم تتحول قوة هذا الأمر عبر القانون إلى سلطة .
الشرعية الثورية : عكس الشرعية المستقرة بمفهومها الأكاديمى السابق وهى خلع الصفة القانونية على شيء ما أو سلطة ما (الرئيس – الحكومة - المؤسسات – المماراسات والأفعال السياسية) ؛ الناتج من الأحساس العام أن إطار النظام القائم والقوانين التي تحكمه لم يعد كافيا أو ممكنا لتحقيق أمال الشعوب ، وأنه يجب الخروج على هذا الإطار وهدمه من أجل إعادة بناء مجتمع جديد.
الشرعية الديمقراطية : هى أعطاء الصفة القانونية والسياسية والاجتماعية لشىء ما (الرئيس – الحكومة – المؤسسات) والتى تكتسب من الممارسات الديموقراطية الصحيحة المبنية على اسس صحيحة ومرتبطه ببعضها البعض مثل الدساتير والقوانين والانتخابات وذات تمثيل حقيقي للجماهير ، ومن ثم تصبح السلطة في تلك الحالة شرعية تستند على الدستور والقوانين وعمل المؤسسات التشريعية والقضائية.
- متى تنتهى الشرعية الثورية لتبدأ الشرعية الديمقراطة؟
تبدأ الشرعية الثورية عند حدوث حاله عارمة من الغليان المجتمعى نحو أمر ما أو سلطة ما ؛ وهو ما يؤدى إلى الخروج العام على هذه السلطة بهدف هدمها وبناء مجتمع جديد بسلطة جديده تحقق وتلبى مطالب الشارع السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وهنا تسقط جميع الاطر المحصنه لتلك السلطة باسم جموع الشعب وبأغلبيته مثل اسقاط نظم الحكم والدساتير والقوانين وهكذا ... لتبدأ السلطة الثورية تمثيل نفسها لوضع اطر جديدة وبديله لتطهير المجتمع وبناؤه من جديد بالشكل الذى يراه الشعب . وهنا يجب الاشارة الى أن الشرعية الثورية لها حدود فعلى سبيل المثال لا يجب ان تخرق الشرعية الثورية عادات المجتمع وأخلاقة ومعتقداته بل يجب التمسك بها لانها هى من تحصن الشرعية الثورية .
وتمر الشرعية الثورية بمرحلتين أساسييتين لينتهى عملها ، المرحلة الأولى: وضع الأطر السليمة المتوافق عليها مجتمعيا وترتيبها ترتيبا صحيحا بحيث لا يتم تجاوزها وتخطيها حتى لا يحدث خلل فى المنظومة فيما بعد ويعيد العملية الثورية الى نقطة الصفر والبداية مرة أخرى . المرحلة الثانية: أتخاذ الاجراءات والممارسات السليمة التوافقية والديمقراطية المرتبة والمرتبطة ببعضها البعض دون تجاوز او تخطى لمراحلها لأن كل منها مبنى على الأخر مثل ( الدساتير و القوانين والانتخابات ) لتمثيل الشعب تمثيلا صحيحا لتنتهى السلطة الثورية وتبدأ مرحلة الاستقرار والبناء وتسلم مقايد الأمور للسلطة الديمقراطة ؛ وهنا تكون أنتهت الشرعية الثورية لتبدأ الشرعية الديمقراطية .
- وما هو الوضع الحالى فى مصر؟ هل هو شرعية ثورية أم شرعية ديمقراطية؟ .
الوضع الحالى لمصر يمثل شرعية ثورية غير مكتمله عادت الى نقطة الصفر والبداية بسبب شرعية ديمقراطة منقوصة نتيجة الممارسات الديمقراطية غير المرتبة ترتيبا توافقيا صحيحا ، فالثورة فى مصر قامت على اسقاط نظام مبارك بمؤسساته وكياناته وسياساته وهو مالم يحدث منه غير اسقاط رأس الحكم فقط أما النظام نفسة لم يسقط ولم يطهر ، ثم أنتقلت الثورة والشرعية الثورية الى مرحلة ترتيب الأوراق لبناء المجتمع ، والمتعارف عليه فى القاموس السياسى أن بناء النظام يبدأ بأعادة بناء القوانين المنظمة للمجتمع من خلال دستور قوى توافقى يمثل كل أطياف المجتمع المشارك على أرض الوطن ، فالدستور الذى يعد أبو القوانين يوضع بالتوافق لا بالأغلبية ، ثم ننتقل بعد ذلك الى الممارسات الديمقراطية الصحيحة لتمثيل الشعب تمثيلا حقيقيا لتنتهى الشرعية الثورية وتبدأ الشرعية الديمقراطية .
وهو ما لم يحدث فى مصر فقد تم القفز على مرحلة البناء الأولى وهى اعداد دستور قوى توافقى يمثل الشعب لتدخل مصر فى ممارسات ديمقراطية غير صحيحة ، حيث تم انتخاب البرلمان و رأس السلطة فى النظام الجديد على اساس غير صحيح وغير مرتب ، وتغير ترتيب الأوراق ليتم وضع دستور من قبل سلطة قائمة بالأغلبية لا بالتوافق ... وهنا وقنا فى فخ الديمقراطية أن اصبح لدينا شرعية ديمقراطة منقوصة وغير مرتبة ترتيبا صحيحا ، وفى نفس الوقت لم تنتهى الشرعية الثورية ولم تكتمل بعد بأتباع الخطوات الصحيحة الممنهجة التى توصلنا لممارسات ديمقراطية صحيحة ، وظهر على السطح شرعيتان يتنازعان فى الشارع السياسى ؛ وهو ما أدى الى اعادة الوضع الى نقطة الصفر والبداية والخروج على السلطة الحالية وخصوصا بعد فشلها فى استيعاب الشارع المصرى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومحاولة أتمام الثورة غير المكتمله لبناء نظام جديد وصحيح .
وهنا انبه الى ان ما يتم الدعوة له من قبل المعارضة والتيارات الثورية والشعبية من خلال الشرعية الثورة والمتمثل فى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة خطوه خاطئة وغير مرتبه على مسار الديمقراطية الصحيح ، ويعد أمر فى غاية الخطورة سيعيدونا الى نقطة الصفر مرة اخرى بعد عام او اثنين على الأكثر من أنتخاب رئيس جديد ، لانها ستتم على نفس الأساس الخاطىء الذى حدث سابقا ، وسيخرج المعارضون له لاسقاطه واسقاط نظامة ، ولن يحدث استقرار حقيقى لنتحول الى بناء المجتمع ، وسنظل ندور فى تلك الدائرة ، ولن نخرج منها الا بأتباع الاسس الصحيحة لانهاء الشرعية الثورية والتوافق المجتمعى لتبدأ الشرعية الديمقراطية السليمة.
فالنظام السياسى الصحيح فى مصر ايا كان ليبدأ عمله مستقرا يجب ان يبنى على ترتيب المراحل الممنهجة على النحو التالى :
1- تكوين مجلس رئاسى توافقى او تسليم السلطة شرفيا لرئيس المحكمة الدستورية وتشكيل حكومة انقاذ وطنى لادارة البلاد لفترة انتقالية تحدد بدقة ( لا تزيد عن عام) ولا يتم تجاوزها .
2- أعطاء جميع التيارات والقوى السياسية وبالأخص القوى الشبابية والثورية الفرصة لترتيب أوراقها والعمل الفعلى وعدم أقصاء اى فصيل سياسى من الشارع المصرى .
3- الدعوة لانتخاب لجنه تأسيسية بأشراف قضائى كامل تمثل المجتمع تمثيلا صحيحا لوضع مشروع دستور قوى توافقى للبلاد .
4- الدعوة للحوار المجتمعى على مشروع الدستور والاستفتاء عليه بأغلبية لا تقل عن 75 % حيث ان الدياتير توضع بالتوافق لا بالاغلبية .
5- الدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد أقرار الدستور الجديد المتوافق عليه ومن ثم يتم بناء المؤسسات والقوانين والتشريعات.
وهكذا تنتهى الشرعية الثورية لتبدأ الشرعية الديمقراطية السليمة المرتبه ترتيبا صحيحا بتوافق مجتمعى وأغلبية ديمقراطية ليبدأ كل أطياف المجتمع فى العمل والبناء نحو الأفضل وتداول السلطة سلميا ومراقبتها بشكل سليم .