الاثنين، ديسمبر 01، 2014

برمجية ريجن


ريجن" هي أحد أنواع برمجيات حصان طروادة (تروجان)، وتعتبر برمجيةً خبيثة معقدة تُظهر بنيتها درجة قلَّ مثيلها من الكفاءة التقنية، كما يمكن تخصيصها بطيفٍ واسع من الإمكانيات تبعاً لطبيعة الجهة المستهدفة. حيث توفر لمن يتحكم بها إطار عمل قوي لعمليات المراقبة الواسعة النطاق، وقد تم استخدامها في عمليات تجسس ضد منظمات حكومية ومشغلي البنية التحتية والشركات والأفراد المستقلين. قدرات برمجية "ريجن" وحجم الموارد التي استهلكها تطويرها يشيران إلى أنها إحدى أدوات التجسس الإلكتروني الأساسية التي تُستخدَم من قبل دول.
ومن خلال ورقة البحث التقنية التي قدمتها سيمانتك فإن برمجية "ريجن" الخفية عبارةُ عن تهديد متعدد المراحل وكل مرحلة من مراحله مخفية ومشفرة، باستثناء المرحلة الأولى. حيث يطلِق تشغيل المرحلة الأولى سلسلة دومينو من عمليات فك تشفير وتحميل كل مرحلة من المراحل التالية بصورة تتابعية وبما مجموعه خمس مراحل إجمالاً. وتقدم كل مرحلة بحد ذاتها قليلاً من المعلومات حول الرزمة البرمجية الخبيثة بأكملها، ولا يمكن تحليل وفهم طبيعة هذا التهديد إلا بامتلاك وفك تشفير المرحلة الخامسة.
وتستخدم برمجية "ريجن" أيضاً أسلوباً يقوم على وحدات معيارية يسمح لها بتحميل ميزات مفصلة خصيصاً لإصابة الهدف المرغوب. وقد تمت مشاهدة هذا النمط من الأساليب القائمة على وحدات معيارية في السابق في عائلات برمجيات خبيثة ك "فلايمر" و"ويفل" (القناع)، أما البنية التي تعتمد على التحميل متعدد المراحل فقد شوهد مثيل لها في عائلة "دوغو"/"ستكسنت".
وتمت ملاحظة حالات الإصابة ببرمجية "ريجن" في مجموعة متنوعة من المنظمات بين عامي 2008 و2011، تم سحبها بصورة مفاجئة، وقد عادت نسخة جديدة من هذه البرمجية الخبيثة إلى الظهور مجدداً اعتباراً من عام 2013. أما قائمة الجهات المستهدفة فقد شملت شركات خاصة ومؤسسات حكومية ومراكز أبحاث، حيث استهدف أكثر من 50% من حالات العدوى أفراداً وشركات صغيرة، في حين أن الهجمات على شركات الاتصالات صُممت على ما يبدو للسماح بالنفاذ إلى المكالمات التي يتم توجيهها عبر بنيتها التحتية.
كما تنتشر حالات الإصابة في مناطق جغرافية متنوعة، وقد تم التعرف على حالات من هذا القبيل في عشر دول مختلفة،وتعتقد "سيمانتك" أن بعض الأهداف من الممكن أن يكونوا قد خُدعوا بزيارة نسخ مزيفة من مواقع معروفة ليتم تنصيب البرمجية من خلال متصفح إنترنت أو من خلال استغلال تطبيق ما، كما أن ملفات السجلات في أحد الحواسيب المستهدفة أظهرت أن برمجية "ريجن" دخلت إلى النظام عبر برنامج ياهو للرسائل الفورية "ياهو! إنستانت ماسنجر" من خلال استغلال ثغرة غير مؤكدة.
وتستخدم برمجية "ريجن" أسلوباً يعتمد على وحدات معيارية، وهو ما يمنح مشغليها مرونة تسمح لهم بتحميل ميزات مفصلة خصيصاً لكل هدف على حدة عند الحاجة. وتعتبر بعض الحمولات المخصصة متقدمةً للغاية وتعكس خبرات عالية في قطاعات فائقة التخصص، مما يشكل دليلاً إضافياً على ضخامة الموارد الموضوعة بتصرف من قاموا بكتابة برمجية "ريجن".
وهناك عشرات الصيغ لحمولات "ريجن"، حيث تشمل القدرات القياسية لهذه البرمجية الخبيثة عدة خصائص معروفة لبرمجيات حصان طروادة (تروجان) الخاصة بالدخول عن بعد (RAT)، كالتقاط صور للشاشة، التحكم بوظائف التوجيه والنقر الخاصة بفأرة الحاسب، سرقة كلمات السر، مراقبة حركة المرور عبر الشبكة واستعادة الملفات المحذوفة. وذلك ناهيك عن اكتشاف نماذج حمولات أكثر تقدماً وتخصصاً كمراقبة حركة بيانات مخدَم الويب الخاص بخدمات معلومات الإنترنت من مايكروسوفت (ISS) وتتبع حركة البيانات الخاصة بإدارة التحكم بالمحطة الأساسية للهاتف المتحرك.
برمجية "ريجن" على أكبر قدر ممكن من الغموض، فطبيعتها الخفية تعني أنه من الممكن استخدامها في حملات تجسس تستمر سنوات عديدة، وحتى عند اكتشاف وجودها فمن الصعب جداً التأكد مما تقوم به، بحيث أن "سيمانتك" لم تتمكن من تحليل الحمولات إلا بعد أن قامت بفك تشفير عينات من الملفات. وتمتلك برمجية "ريجن" عدداً من خصاص "الخفاء" تشمل: قدرات مضادة لعمليات البحث والتحقيق، نظام ملفات افتراضي مشفر (EVFS) مصمم خصيصاً لها وتشفير بديل يعتمد أحد أشكال "RC5" التي لا تستخدم عادةً. كما تستخدم "ريجن" عدة أساليب معقدة للتواصل بشكل خفي مع المهاجم بما في ذلك الاستماع لحزم الارتداد الخاصة ببروتوكول رسائل التحكم بالإنترنت (ICMP/ping)، دمج التعليمات في ملفات ارتباط HTTP، وبروتوكولات مخصصة للتحكم بالبث (TCP) ولمخطط بيانات المستخدم (UDP). وتمثل برمجية "ريجن" تهديداً على درجة عالية من التعقيد والتقدم تم استخدامه في عمليات ممنهجة لجمع البيانات أو حملات جمع المعلومات الاستخباراتية. وقد تطلبت عملية تطوير وتشغيل هذه البرمجية الخبيثة استثمارات كبيرة من حيث الوقت والموارد مما يشير إلى أن دولةً ما تقف خلفها. ويسمح تصميم هذه البرمجية لها بأن تكون مناسبة للغاية لعمليات المراقبة المستمرة والطويلة الأمد ضد الأهداف المعنية. هذا ويبرِز اكتشاف برمجية "ريجن" بوضوح حجم الاستثمارات الضخمة التي لا زالت توظف في تطوير أدوات تُستخدَم في جمع المعلومات الاستخباراتية، كما تعتقد شركة "سيمانتك" أن الكثير من مكونات برمجية "ريجن" لا تزال غير مكتشَفة وقد تكون وظائف إضافية لها أو نسخ أخرى منها لا تزال قيد الاستخدام، لذلك فإن عمليات التحليل لا تزال جاريةً.