هل هنالك حضارات سبقتنا تقنياً في كواكب أخرى؟ إلى أي مدى وصلت البشرية في سلم التقدم الحضاري؟ مقالة اليوم تناقش هذه الأسئلة..
نبدأ بالحديث عن آلية قياس مستوى التقدم التقني للحضارات والكائنات العاقلة في الكون. في عام 1964م وضع العالم الروسي (كارداشيف) مقياساً باسمه (Kardashev Scale)لتصنيف مدى الرقي الذي وصلت له الحضارات في الكواكب. يعتمد هذا المقياس على كمية الطاقة التي تستهلكها الحضارة. وبشكل أوضح فهنالك ثلاثة مستويات كالتالي:
حضارة المستوى (1): حضارة تستهلك كافة الموارد على كوكبها. وتبلغ كمية الطاقة المستهلكة حوالي 4 تريليونات واط.
حضارة المستوى (2): حضارة تستهلك الموارد الموجودة في مجموعتها الشمسية من النجم والكواكب المجاورة والمذنبات وفي حالتنا نحن نتحدث عن استعمار القمر والكواكب الأخرى بأقمارها والشمس. وتبلغ كمية الطاقة المستهلكة 400 تريليون تريليون واط.
حضارة المستوى (3): حضارة تستهلك الموارد والخيرات الموجودة على مستوى المجرة من نجوم وكواكب ومجموعات شمسية. وهنا نتحدث عن طاقة تصل إلى 40 تريليون تريليون تريليون واط. وفي حالتنا يعني هذا أن نستعمر كامل مجرة درب التبانة.
بعض الخبراء يحب إضافة حضارة المستوى (صفر) والتي تستهلك كميات بدائية جداً من الطاقة تعادل حوالي واحد ميغاوات من الطاقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين وصلنا نحن البشر على كوكب الأرض في مقياس كارداشيف من الرقي الحضاري؟
وفقاً لحسابات العالم (كارل ساجان) ففي عام 1973م استهلك البشر على كوكب الأرض من الطاقة ما يعادل على مقياس كارداشيف ( 0.7 ). وفي عام 2012م بلغ استهلاك البشر من الطاقة ما يجعلنا في مقياس الحضارات بالمستوى ( 0.724) . بكلمة أخرى نحن ما نزال في المرحلة الانتقالية بين المستوى (صفر) والمستوى (واحد).
السؤال التالي هو: كم سنحتاج من الوقت لنترقى في سلم الحضارة الفضائية؟ في مقالته المنشورة عام 2010م بعنوان: "فيزياء السفر بين النجوم" يرى العالم (ميتشيؤو كاكو) أن البشرية ستحتاج من مئة إلى مئتي سنة لنصل إلى المستوى (1) وبضعة آلاف من السنين لنصل المستوى (2) ومن مئة ألف إلى مليون سنة لنصل المستوى (3).
أعلم أن البعض سيتململ قائلا:" كل ما تتحدث عنه ضرب من الخيال العلمي ". وطالما الحديث عن الواقع فقد نجحت مؤخراً هذا العام تجربة إطلاق قمر صناعي تابع لشركة (Planetary Resources) المتخصصة في التنقيب عن الموارد الطبيعية والمعادن في الكوكب والأجرام الفضائية. وهنالك مثلاً المعادن الأرضية النادرة (Rare Earth Elements) والتي تتشكل من 17 عنصراً نادرة الوجود على كوكب الأرض وتستخدم في صناعة الهواتف الذكية والسيارات الهجينة. ويمكن لهذه المعادن ألا تكون نادرة في الكواكب الأخرى. ومن ناحية أخرى فهنالك سباق محموم بين شركات خاصة في مجال الاتصالات والإنترنت بين الأرض والأجرام الفضائية. وفي الماضي كان لا يمكن سوى إرسال صورة واحدة يومياً بين الأرض والقمر أما الآن فيمكن إرسال مئات الصور في ثانية واحدة.
ولاشك أن أمامنا تحديات علمية كبرى ومن أهمها القدرة على السفر بسرعة الضوء بين النجوم وتوليد الطاقة المهولة لهذا الغرض والقدرة على التحكم بها! وتأملوا حال البشر قبل مئتي عام وهل كان هنالك من يتصور عالمنا المعاصر بالطائرات والإنترنت؟
وفي الماضي كانت أساطيل الاستعمار تخرج من أوروبا لاستكشاف البلدان والاستيلاء على خيراتها، ومن يدري!! فقد يأتي زمان تخرج فيه الأساطيل الفضائية ليبدأ التنافس على خيرات الكواكب بين أبناء كوكب الأرض والمخلوقات الفضائية العاقلة من المجرات الأخرى