‏إظهار الرسائل ذات التسميات أحداث و مواقف. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أحداث و مواقف. إظهار كافة الرسائل

الأحد، يوليو 31، 2016

انقلاب تركيا وحزمة الاهداف


اعتقد انه بات معلوما للقاصى والدانى ان العالم بأسره اصبح خاضعا بالكلية لتنظيمات سرية تتحكم بشكل تام فى جميع احداثه خصوصا منذ بداية الدهيماء او الخريف العربى عن طريق الدول العميقة والخلايا السرية الى جانب المعلنة منها . وحولت المسرح العالمى وبالطبع الاقليمى والمحلى الى رقعة شطرنج او مسرح عرائس ضخم تتحرك قطعه بدقة متناهية وتناغم دروس طبقا لخطة شيطانية هدفها الرئيسى تخريب العالم وقتل 6 مليار نسمة (السياسة الخضراءالتى تبنتها ملكة بريطانيا) تمهيدا لاستقبال المسيخ الدجال او المسيا المنتظر حسب عقيدة اليهود الذين يعتقدون انهم سيكونون ملوكا فى عصره على المليار المتبقى من العالم ليكون عبيدا لهم.. وبناء على ذلك فان من يتخيل ان اى حدث يحدث فى اى بقعة فى العالم هو مجرد رد فعل لعوامل طبيبعية انتجتة ظروف واحداث بريئة لا دخل لاحد فيها فهو بالطبع واهم .. فالاحداث والقيادات والتنظيمات والتغيرات الاقتصادية والسياسية وحتى المناخية وصولا للكومبارس الذين يتم تصويرهم على وسائل التواصل وشاشات الفضائيات .. كل هذا بفعل فريق يهودى واحد فقط وصل لقمة علوه ولم يتبقى له سوى بضع سنين ليتوج عمله المتواصل لسنوات طويله ويحقق هدفه.
ولذالك علينا ان نعى ان انقلاب تركيا ما هو الا احدى هذه المسرحيات المدروسة .. وهذا لا يعنى بالطبع انه من تخطيط وتنفيذ ارودغان.. فالامور لا تسير بهذه الطريقة ..وقطع الشطرنج تتحرك فى خطوط متقاطعة دون ان تملك احداها قدرة التحكم فى تحريك الاخرى فكل منها لا تعرف ولا تملك الا ان تحرك نفسها وبالشكل المطلوب منها حين يصدر لها الامر بذلك.. فمن قامو بالانقلاب كانو يريدون ذلك فعلا ولكن من جمعهم و خطط لهم ومولهم ووضع الخطط اراده فاشلا وعلى النحو الذى تم تماما وهو الذى يعلم ان كان الموضوع سينتهى عند هذا الحد ام ان السيناريو له تبعات لم تنتهى بعد وربما هو من اخبر اردوغان بطريقة الخلاص فى للحظات الاخيرة وهو ايضا الذى سيحدد لاردوغان اسلوب رد الفعل ويرسم خطواته ..وهنا علينا ان نتساءل..
اذا كانت هذه مجرد مسرحية .. واذا كانت قد فشلت
واذا كان اردوغان قد نجا ..فما هى الاهداف من وراء هذه المسرحية .. وما علاقة مصر ومدى تأثرها , ولماذا مصر تحديدا دون غيرها التى اقحمت اعلاميا فى هذا الشأن الذى يبدو داخليا..؟
دعونا نجتهد ونحاول تلخيص ما تستطيع الوصول اليه من حزمة اهداف هذه العمليه فى نقاط مختصرة :
1- ايجاد الحجة المناسبة التى تتيح تفكيك القيادات التركية قبل الانقلاب فى كافه المواقع واعادة تشكيلها بافراد جدد مجهزين سلفا بحيث يكون التشكيل التركى الجديد مناسبا للمهام الجديدة والسريعة المطلوبة من تركيا فى المرحلة الجديدة القادمة . ٢- اولى هذه المهام يتعلق بالمياه فتركيا تعد من اهم الدول الغنية بالمياة فى الشرق الاوسط فهى دولة منبع لنهرى دجلة والفرات اضافة الى المياة الجوفية والمياة التى تتدفق اليها من الخارج مثل المياة الواردة اليها من نهر (تونكا ونهر مريتش )فى بلغاريا والمياة المتتدفقة من نهر العاصى فى سوريا
وما يهمنا هنا هو المياة المشتركة بين تركيا وسوريا والتى لو تحكمت فيها تركيا تستطيع ان تؤثر تأثيرا مباشر على القرار السياسى والاجتماعى السورى وهذه الانهار تتمثل فى :
- نهر دجلة الذى يشكل الخط الحدودى بين سوريا وتركيا
- نهر الفرات وهو اكبر الانهار فى سوريا ويأتى من تركيا مارا فى سوريا ويصب فى العراق
- نهر عفرين ويقع فى الشمال الغربى من البلاد وينبع من تركيا ويمر عبر الاراضى السورية راجعا الى تركيا وحتى لا نطيل فى السرد الجغرافى يتضح لنا ان من يتحكم فى مياة تركيا يمكن له فرض سيطرته على سوريا والعراق خصوصا اذا علمنا ان تركيا قامت ببناء عشرات السدود معتبره ان حقها وطنى فى دجلة والفرات مستغلة الظروف التى مرت بالدولتين بمعنى ان الادوات الهندسية على الارض للمنع جاهزة ولا يبقى سوى فيلم هابط مفبرك تقوم على اثرة مجموعات مسلحة اودول باحتلال تلك السدود والمنابع وفرض السيطرة عليها
3 - علمنا من الاثار والمراجع الاسلامية ان الوضع العسكرى المسلح النهائى قبل الاخير فى سوريا سيسفر عن صراع ثلاث قوى رئيسية
أ‌- لآصهب(بشار الاسد)
ب‌- الابقع ومادته من مصر
ج- الاتراك الذين سيدخلون عسكريا الى سوريا ثم ياتى السفيانى فينتصر عليهم جميعا   ما يهمنا الان هى الحجة التى سيصنعها كاتب السيناريو (تنظيمات اليهود السرية) لتبرير الغزو التركى المسلح لسوريا التى اعتقد انها تتمثل فى الاكراد حيث سيتم الدفع بالمجموعات المسلحة الكردية مستغلة تلك الاوضاع التركية الجديدة والانفصال معلنين ولاده دولتهم الجديدة ذات الروابط العرقية مع اكراد سوريا.
4- تشير المراجع الاسلامية الى شخص ملقب بالابقع كقائد لآحد اطراف الصراع المسلح فى سوريا قبل السفيانى..وان هذا الابقع اصله وفرقته من مصر ..وهذا يفسر سبب احتضان تركيا للوجوه الجديدة التى تعمل لصالح النسخة الجديدة من الاخوان المسلمين بتمويل من المنظمات الامريكية عن طريق ايمن نور ..وفى رأيى ان هذا الاحتضان الهدف منه صنع حاله من العداء الوهمى بين النظام التركى والنظام المصرى ليكون سببا فى النهاية فى اندلاع الحرب الاهلية فى مصر وذلك بعد مرور وقت مناسب يسمح وبا ستغلال حاله التدهور الاقتصادى والمائى المصرى فى جذب نسبة من الرأى العام الغاضب وانضمامه فكريا واعلاميا للاخوان المسلمون الجديد الى ان ياتى الوقت الذى تتساوى فيه قوة الكفتين ويحدث والانقسام الموزون فتندلع الفتنة العمياء
5- من خلال هذا المثلث العدائى (النظام التركى-النظام المصرى-الاخوان المسلمين الجدد مع ايمن نور) وباستخدام بعض السيناريوهات الجديدة التى ستصل بالاحداث فى النهاية الى ذهاب الابقع برجاله الى سوريا
وهناك بالطبع اهداف اخرى لهذا الانقلاب
وتبقى ملاحظة صغيرة وحب التنوية عنها ان اسلوب العنف والاذلال الذى اتبعه اردوغان مع من انقلب عليه .. هو نفس الاسلوب الذى سينقذه الاخوان الجدد اذا تغيرت الاوضاع ضاربين بالسلمية التى سلبت منهم السلطة عرض الحائط
وفى الختام يجب ان يتذكر المسلم انه فى مثل هذه القضية (الانقلاب)قد يغلب على البعض مشاعر الفرح لفشل من لو نجح لضيق على اخواننا السورين وقد نفرح عندما سمعنا تكبيرات الاتراك وصلاتهم الفجر فى الساحات ...لكن مع هذا كله يجب ان نعى جيدا ان هذا لا يعنى ابدا اعتبار النموذج التركى القائم هو الوضع الاسلامى المنشود او الصحيح ولا حتى قريبا ولا موصلا اليه..ولهذا يجب علينا الا نتحدث عن مثل هذه المعارك وكأنها معركة الاسلام وانه انتصار للاسلام فهذا لا يمثل الا غفلة وجهل بالدين وتفذيم للصراع الاسلامى مع النظام الدولى الحالى بجميع صوره... ولابد ان يتغير وعى المسلم المهتم برفعة دينة ويظل هدفه التحرير من الرق الدولى واقامة الشريعة والا ضاع الهدى وضلت الخطى وتاه الوعى متخبطا بين دروب الشيطان

الخميس، ديسمبر 04، 2014

علاقة داعش بالمخابرات الإسرائيليه و الأمريكيه

فند الرائد خالد أبو بكر المتحدث الرسمي للجيش المصري الإلكتروني، عن الدلائل والأسباب التي تؤكد تعاون الموساد والسي أي إيه، مع ما يسمي بتنظيم "داعش" و"أنصار بيت المقدس" من واقع اختراق العضوين "الصياد" و"رمز العدالة" لمنتديات ومواقع الفرقان "الجهاز الإعلامي لداعش" وقنوات اليوتيوب التي يرفع منها الجهاديين فيديوهاتهم وعملياتهم من سيناء للعرض ومحاولة شن حروب نفسية على المصريين وهز ثقتهم بالقوات المسلحة، وهو ما يخالف الحقيقة.
جاء السبب الأول الذي أوضح أنه عند اختراق قنوات اليوتيوب الخاصة بأنصار بيت المقدس نجد دائمًا هذه القنوات تبث من بصمة إلكترونية خاصة بشركة أورانج الإسرائيلية للاتصالات، والتي يوجد محطات تقوية لها على حدودنا مع إسرائيل تابعة للوحدة 8200 أمان، وهي خاصة بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقوم بتقوية هذه الشبكات لكي تغطي شمال ووسط سيناء حتى لا تتجسس الحكومة المصرية عليها وتيسر ذلك لدرجة أن شبكة أورانج تصل إلى أماكن في جبل الحلال وأماكن عديدة لا تصل لها الشبكات المصرية الثلاث، وقد قام الجيش الإلكتروني بتحديد الأماكن مرات عديدة وإمداد الأجهزة الأمنية التي نجحت في اصطياد الكثير منهم، ومنهم أبو شيته على سبيل المثال وليس الحصر والذي أثبت بالدليل القاطع أنهم ينشرون الفيديوهات من هذه الشبكة الإسرائيلية.
وعن السبب الثاني قال أبوبكر، إن هناك مجموعة من الهاكرز الأجانب تستعين بهم المخابرات الإسرائيلية والأمريكية يعملون في الظل تحت مسمى المخابرات الإسلامية أو هاكر جهادي كل مهمتهم اختراق حسابات ضباط الجيش والشرطة وجمع معلومات عنهم وعن أسرهم وأماكن عملهم ويصل أحيانًا لدرجة تتبعهم ورصدهم وتحديد خط سيرهم أثناء قيامهم مأموريات قتالية أو مأموريات إجازات وأثناء ذهابهم أو عودتهم من عملهم ولذلك نصحنا ضباط القوات المسلحة والشرطة المدنية بتلافي استخدام الهواتف الذكية وتطبيق الفيسبوك أو الفايبر على هواتفهم أثناء وجودهم في الوحدات أو تنقلهم وإزالة أي بيانات حقيقية عنهم أو عن أسرهم.
قال أبو بكر، إن السبب الثالث يتمثل في أنه عند اختراق الأجهزة الخاصة بالفرقان وداعش، تأكد لنا مما لا يدع مجالًا للشك أنهم يتواجدون في إسرائيل والولايات المتحدة ويستخدمون أحدث وأخطر التقنيات المخابراتية لتأمين سيرفاراتهم و اجهزتهم و هذا ما اثبتناه من واقع اختراق "الصياد" لهم و لمنتدياتهم و كان استبدال كلمة ابوبكر البغدادي واستبدالها باغنيه تسلم الايادي بمثابة صفعة قوية في وجه المخابرات الأمريكية و التي سارع جميع المواقع والصحف الأجنبيه في نشره ومحاوله إظهارنا نحن في صوره إرهابيين رغم حربنا التي كانت موجهه فقط الي داعش وتكليف المتخصصين الصهاينه في محاوله تتبعنا و ايقافنا و تم بالفعل اغلاق اي صفحه علي الفيسبوك تحمل اسم الجيش المصري الالكتروني و لكننا مستمرين في كشفهم و فضحهم الي ابد الدهر.
يتمثل السبب الرابع فى قيام الموساد الاسرائيلي و المخابرات الامريكيه باطلاق حسابات وهميه تحمل اسماء مصريه أو عربيه كل هدفها التحريض علي العنف و القتال ضد الجيش و الشرطه و حسابات اخري تحمل طابع محب للقوات المسلحه بغرض ايضا التحريض علي اشعال فتنه و محاوله التحريض علي القتال بين صفوف الشعب المصري المختلفه و تكون هذه الحسابات غير قابله للاختراق او الغلق او حتي البلوك و تتمتع بتفاعل قوي جدا للوصول الي اكبر قدر من المتابعين .
السبب الخامس يتمثل فى دعم المخابرات الامريكيه و الإسرائيليه للعملاء الخونه مثل ايات عرابي او عمر عفيفي علي الفيسبوك و مواقع التواصل، و اعطائهم الحق في غلق اي حسابات او صفحات مباشره بمجرد عمل بلاغ في اداره الفيسبوك او الاف بي اي ، رغم انهم اكثر المحرضين بالعنف علي شبكات التواصل للوصول الي اكبر كميه من المتابعين والقراء لإشعال الفتنة.
واختتم أبو بكر تفنيد أسابه مذكرًا بأن الفيسبوك قام بتدشينه الصهاينة للحصول على أكبر قدر من المعلومات والتجسس على مستخدميه قائلًا: لا تنساق وراء هذا العالم الافتراضي الخبيث.

الاثنين، أبريل 01، 2013

مواقع التواصل الإجتماعى و الإستخبارات الدوليه

بعد أن فاجأت الاضطرابات والفوضى فيما يبدو حكام مصر والدول الغربية تتطلع الحكومات والجواسيس بشكل متزايد الى مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر لرصد التهديدات السياسية مقدما.
واستخدم المحتجون الذين أسقطوا الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وقاموا باحتجاجات في شوارع مصر مواقع مثل تويتر وفيسبوك لتنسيق أنشطتهم. وفي حين يعزو قليلون الفضل في اندلاع الانتفاضتين الى مواقع التواصل الاجتماعي فإن من المعتقد أن سرعة الاتصال الفوري التي تتيحها سرعت من وتيرة الأحداث.
وانطبق هذا على احتجاجات الطلاب البريطانيين في أواخر العام الماضي وموجة أوسع نطاقا من التحركات المناهضة للتقشف.
وفي ظل المزيد من التفاعل بين البشر على الإنترنت وبعد أن أثبتت تونس ومصر أن المعارضة الإلكترونية يمكن أن تتمخض بسرعة عن نتائج في العالم الواقعي أصبحت السلطات الحاكمة أكثر اهتماما.
وقال مسؤول أمريكي مطلع على شؤون المخابرات لرويترز "في اي موقف مائع يمكن أن توفر معلومات المخابرات المستقاة من مواقع التواصل الاجتماعي رؤية مفيدة للمسار الذي قد تتجه اليه الأحداث".
وركزت وكالات المخابرات لفترة طويلة على المواقع التي يستخدمها المتشددون على الإنترنت لرصد الجريمة والتشدد.
لكن فكرة أن تراقب أجهزة المخابرات والشرطة وغيرها من رموز السلطة ما ينشر على موقعي تويتر وفيسبوك عن كثب بحثا عن مؤشرات على المعارضة قد تشعر بعض الناس بعدم الارتياح خاصة في دول لها سجل من الإعدام بدون محاكمة وغير ذلك من انتهاكات حقوق الانسان.
ويقول تيم هاردي وهو مهندس برمجيات بريطاني يدير مدونة تحمل اسم (بياند كليكتيفيزم) "إنها مسألة شديدة الشفافية. تستطيع أن ترى من هم الناس والى من يتحدثون".
وأضاف "في بعض الدول.. يجازف الناس بحياتهم على الرغم من أنك قد تشعر بالقلق عما اذا كانوا يدركون هذا".
وفي السودان الذي شهد بعض الاحتجاجات التي تم تنظيمها على موقع فيسبوك في الآونة الأخيرة يشكو نشطاء من أن الشرطة استخدمت الموقع لتعد قوائم بمن ستقوم باعتقالهم.
لكن البعض يرى أن مراقبة المواقع المفتوحة أقل تطفلا من التنصت على المكالمات الهاتفية والاختراق او الاستجواب.
ومن شأن المتابعة أن تعطي قوات الأمن نظرة عامة أسرع عن الاحتجاجات وقت حدوثها. ولو كانت قوات الشرطة البريطانية التي تحرس الأمير تشارلز وزوجته كاميلا في ديسمبر تتابع عاصفة الرسائل على موقع تويتر عن الاحتجاجات في شارع اوكسفورد لربما ما حوصر الزوجان الملكيان لفترة قصيرة في سيارتهما.
لكن خبراء يقولون إن الفائدة الحقيقية من متابعة مواقع التواصل الاجتماعي هي أنها يمكن أن توفر لمن هم في السلطة الفرصة لرصد الاستياء الشعبي مبكرا والانخراط في الجدل على أمل تجنب أن يصل الغضب الشعبي الى الشوارع.
وبدأ ساسة غربيون الى جانب ساسة من العالم النامي التواصل مع جمهور شاب على دراية جيدة بالتكنولوجيا.
وفي مصر وكما حدث في احتجاجات ايران عام 2009 حاولت حكومة الرئيس حسني مبارك وقف المعارضة من خلال وقف خدمة الإنترنت. لكن في الحقيقة لم يفلح هذا بل إن البعض يشك أن هذه الخطوة أدت الى خروج المزيد من الناس الى الشوارع. وقال مارك هانسون الخبير الاستراتيجي السابق في وسائط التواصل الاجتماعي بحزب العمال البريطاني "من المعقول أن تتمكن الحكومات من توضيح وجهات نظرها عبر وسائط التواصل الاجتماعي بحيث تتيح المناقشات في صورة سهلة وقابلة للتبادل وتتمكن من الاستجابة للقضايا.. قبل أن تصل الى مرحلة الأزمة". ويصف خبراء استراتيجية الصين للتأثير على الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها "حكم شمولي على الانترنت".
وقال نايجل اينكستر مدير قسم التهديدات المتخطية للحدود القومية والمخاطر السياسية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن "من المؤكد أن متابعة هذه المواقع تجدي نفعا للدول الشمولية". وأضاف "طورت قيادة الصين نظاما متطورا لمتابعة التدفق على تلك المواقع بطرق تجعل القيادة تبدو كأنها تستجيب لما يشغل الجماهير في حين أنها في نفس الوقت تحفز الخطاب في اتجاهات اكثر انحيازا للنظام".
وانزعج المسؤولون في بكين فيما يبدو من الأحداث في مصر ومنعوا ظهور اسمها في عمليات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية. وقال اينكستر النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات البريطانية (إم آي 6) إن من المرجح أن يحتل التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي مركزا متأخرا في أولويات الوكالات الغربية في غياب الرغبة في استهداف المعارضة الداخلية واسعة النطاق. وفي حين قد تشير الزيادة في أعداد الرسائل الى اضطراب يلوح في الأفق في دول اجنبية فإنه يقول إن هذا في حد ذاته لن يكشف ابدا أن دولة مثل مصر تقترب من "نقطة تحول" خطيرة. وثارت مخاوف بشأن تبادل الجواسيس معلومات اكثر من اللازم. وأصيب خبراء أمنيون بالذعر قبل عامين حين تم اكتشاف أن زوجة رئيس المخابرات البريطانية الجديد نشرت صورا لزوجها وعائلتها وأصدقائها وتفاصيل أخرى على موقع فيسبوك.
لكن الرسالة التي قد تصدر لهم من الجهات العليا قد تكون أن عليهم الانضمام الى هذه المواقع. وقال غاس اودونيل الموظف الحكومي الكبير خلال تحقيق بريطاني في حرب العراق الشهر الماضي إنه يريد توجيه مزيد من التركيز الى المعلومات من "مصادر مفتوحة" ووسائط التواصل الاجتماعي.
وأضاف "حين تنظر الى ما يحدث.. في مصر.. استخدام الإنترنت واستخدام تويتر والطريقة التي تطورت بها الحركات الاحتجاجية تجد أن هذا عالم مختلف".
وقال "يجب أن نكون اكثر ارتباطا بهذا العالم.. تميل الوكالات السرية بطبيعتها الى دفع (المعلومات السرية). أحد الأسئلة التي سأطرحها هو: هل نحن نستغل أفضل المعلومات المتاحة؟"

الاثنين، يناير 28، 2013

فاتح مصر يقدم الحل لما يحدث لمصر


من بين ما توقفت امامه طويلا تعقيب داهية العرب عمرو بن العاص علي ما قاله نبينا المعصوم في حديثه الكريم " تقوم الساعة والروم أكثر الناس" ..فعندما روي المستورد القرشي ما سمعه من رسول الله علي عمرو بن العاص قال له"لئن قلت ما قلت ان فيهم لخصالا اربعا وهي انهم لأحلم الناس عند فتنة ..وأسرعهم افاقة بعد مصيبة ..وأوشكهم كرة بعد فرة ..وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ..وخامسة حسنة وجميلة "وأمنعهم من ظلم الملوك" والحديث وتعقيب عمرو ورد في صحيح مسلم .
والحقيقة اني رأيت في تفسير حكيم وداهية العرب بن العاص ما يوجب ان نتفهمه ونتوقف عنده كثيرا خاصة اننا أحوج ما نكون هذه الايام الي هذا التفسير البديع من حكمة ابن العاص التي كشفتها بصيرته واستشرافه للمستقبل منذ اكثر من اربعة عشر قرنا.
والروم في عصر بن العاص هم الغرب في عصرنا بمن فيهم الامريكان الذين هم امتدادا طبيعيا لنفس الثقافة الغربية وتقريبا نفس الشعوب التي نزحت من اوروبا واستعمرت امريكا منذ اكثر من مائتي عام.
وما وصف به ابن العاص الغرب يظهر اعجابه "المستحق" بالقيم التي جعلت من الغرب قوة باقية الي زماننا هذا مثلت بالنسبة للعرب والمسلمين تحديا ضخما علي مر القرون وقوة ضاغطة ما زالت تحاصرنا وتستقوي علي معظم ارجاء المعمورة.
واول ما رآه ابن العاص في اسباب قوة الغرب هو "أحلمهم عند فتنة" وهو ما اشد ما نحتاجه اليوم كي تتماسك جبهتنا الداخلية التي ان اصابها عور فالنتيجة الحتمية هي التفكيك والتفتيت ما يسهل للاعداء النيل منا "وهو ما نوشك ان نقع فيه الان".
والخصلة الحميدة الثانية التي رصدها ابن العاص"اسرعهم افاقة بعد مصيبة" فلا يستسلمون كثيرا للبكاء علي مااصابهم من جلل وسرعان ما يبدأون في البناء بعد الهدم وهو ما بدا واضحا بعد الحرب العالمية الثانية فسرعان ما قامت اوروبا التي انهكتها الحرب الضروس الي الوقوف علي قدميها بسرعة وخلال سنوات معدودات.
وربما يري البعض في الخصلة الثالثة مديحا لهم في الشجاعة "أوشكهم كرة بعد فرة" فهم لا يتوقفون عن الاستعداد للحرب والانفاق عليها سواء بالتكنولوجيا الحديثة او بالامكانيات التي تجعلهم قادرين علي الانتصار مجددا وهو ما حدث في الاندلس حتي بعد اقامة العرب والمسلمين فيها لما يزيد عن ثمانية قرون .
والخصلة الرابعه وهي "خيرهم لمسكين ويتيم وضعيف" ورأينا ذلك وما نزال نراه في كثرة عملهم في المجالات الخيرية وحب كثير من اثريائهم التبرع لهذه الجمعيات الاهلية التي تهتم بالفقراء واليتامي والمرضي لدرجة ان بيل جيتس تبرع بكل حصيلته من العمل علي مدار سنوات لهذه الجمعيات وهو ما نشر مؤخرا.
اما الخصلة التي وصفها ابن العاص ب"الحسنة الجميلة " فهي "أمنعهم من ظلم الملوك" وهي الديمقراطية التي يتعذر علينا ادراكها في بلاد العرب ويتمتع بها شعوبهم و نلهث نحن وراءها ولا نمسك في نهاية النفق دائما الا سرابا ووهما ..فنادرا ما تجد لديهم من يتعبد شعوبهم ويجسم علي انفاسهم عقودا طويلة كما يحدث لدينا .
ابن العاص تفهم بحكمته مغزي حديث نبينا المعصوم الذي لا ينطق عن الهوي وساق المولي عز وجل علي لسانه هذا التفسير المحكم للحديث الشريف لعلنا نفهم في اخر الزمان ما لم نتفهمه وتأبي عقولنا علي استيعابه حتي بعد ان اشار اليها محمد عبده منذ اكثر من قرن من الزمان وقال"رأيت –يقصد في الغرب-اسلاما بلا مسلمين" ..فمتي -يا قوم- نصبح مسلمين بالاسلام "يا رب نفهم ".

الأربعاء، أكتوبر 10، 2012

الحروب الإلكترونيه

التطور التقني، ورغم فوائده الهائلة في الأعمال البشرية، إلا أن السلبيات أخذت بعداً مخيفاً ومع أن الاعتماد في سرقة المعلومات والتجسس على العدو بالوسائل البشرية ثم التقنية التي لم ترق للحاضر، كانت لها فعلها بين القوى المختلفة، إلا أن ما نشهده في الحاضر غيّر من تلك النظريات وأدبياتها.. فأمن المعلومات أصبح قريناً ومرافقاً لنتائجها، وصارت عملية اختراق معلومات دولة أو شركة أو أي منشأة حساسة بقصد سرقة المعلومات أو تدميرها، شرع لها ما يعرف بالجريمة الالكترونية، ومع ذلك صعب تطبيق ما يجري، خاصة إذا كان «الهكر» شاباً يستحيل الوصول إليه أو أن الدولة التي قام أحد أفرادها بهذا الفعل خدمها بحصولها على معلومات تهمها، أو أن الدول المتحاربة بهذه الوسائل التقنية باسم أمنها القومي، تعمد لاستخدام هذه التقنيات. وقد شهدنا خلال الشهور الماضية كيف تم اختراق مواقع نووية حساسة في إيران من قبل مجهولين قيل إنهم من إسرائيل وأمريكا وبلدان أوروبية أخرى، كذلك حالة الاختراق لمصارف إسرائيلية قيل إن خلفها أحد السعوديين فإسرائيل هي من الدول ذات التقنية العالية في حماية مجالها الالكتروني، وأكثرها اختراقاً لمعلومات الدول الأخرى.. ثم جاء الوصول إلى معلومات هامة تسببت في تعطيل معظم أجهزة شركة أرامكو، خطأ كبير ربما تسبب به العاملون داخلها من خلال كلمات سر مكشوفة، أو تسريبها بحسن النية، وهذا لا ينفع معه الاجتهاد لأن تحري الحصانة التامة في أمن معلوماتها والأضرار التي حدثت دفعتها للاستعانة بشركات دولية لفك الشفرة التي من خلالها وصل أحد المخترقين لجهازها الكبير، وهو ما كان مفترضاً توفيره مقدماً لأي احتمالات كهذه..
هناك من يعتبر الحصانة ممكنة ولكنها عرضة لكشف وسرقة المعلومات، ويقال إن الأسرار لم تعد بتلك القوة التي تستطيع حمايتها، لأن كل اكتشاف له ما يضاده ويضاهيه من حيث القدرة التقنية، ومن هنا جاءت الاستفادة من الكفاءات النادرة وتوظيفها لحماية الأسرار، وخاصة الأجهزة الأمنية، والبنوك والمصارف، وحتى ميادين البحث العلمي، جعل السباق باحتواء وجلب أصحاب التميز الخاص، أحد المهمات في التنافس على الكفاءة النادرة..
ولأننا في محيط عالمي تغيرت فيه الأنماط والأشكال والحروب، وبات توظيف العقل للآلة، مخيفاً، فإن مقياس النجاح يعتمد على قدرة كل جهة وضع أمن معلوماتها في البند الأول من اهتماماتها..
لقد دخل العالم حقبة جديدة في توظيف إمكانات العقل وتطوير الوسائل والأساليب العالية التقنية، وبات من يملك العقل والأجهزة المتطورة، هو سيد الموقف، والسباق سيكون مرافقاً لتطوير الأسلحة، والتقنيات العالية، كجزء من تنافس عالمي، وستكون الفجوة كبيرة بين من ينتج ويستخدم هذه الوسائل، وبين من يستوردها، وهي حقيقة العصر الحديث الذي تجاوز كل الأزمنة واختزالها..

الأحد، سبتمبر 16، 2012

أين يقف الضمير العالمي من الاساءة إلى الرموز الدينية ؟

أين يقف الضمير العالمي من الاساءة إلى الرموز الدينية لا سيما الاساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
وهل يمكننا القول بأن إصدار الفليم في هذا التوقيت يحمل دلالة مزدوجة تتمثل في تأجيج مشاعر المسلمين وإذكاء العنف في ذكرى أحداث 11 من سبتمبر، وهل نقول إن الفليم الذي تم تسريب 14 دقيقة منه في مثل هذا التوقيت يهدف إلى التأثير في اختيار الناخب الأمريكي لرئيسة القادم؟!
كل ما ذكر لايهم، المهم كيف نتصرف في مثل هذه الظروف، كيف نعزز من قيم العقل في مواجهة المتطرفين الذين أنتجوا الفليم والذي نجح منتجوه في إثارة حفيظة المسلمين وتأجيج العنف، وتسبب ذلك في مصرع السفير الأمريكي في بنغازي.
إن إنتاج مثل هذا الفيلم لم يكن الأول من حيث الاساءة للنبي محمد صلى الله وعليه وسلم بل هي حصاد لعدد سابق من الاساءات والتي أصبح المتطرفون يعون جيداً ردة الفعل أنها ستتسبب في موجة غضب في أوساط المسلمين ومع ذلك آلية تعاملنا مع مثل هذه الممارسات لم تتغير من حيث التفاعل العاطفي، وهو ما يتطلب بالضرورة المواجهة العقلانية المتمثلة في إنتاج فيلم مضاد بعدة لغات يوضح قيم التسامح والمبادئ والقيم التي دعا لها النبي محمد صلى الله وعليه وسلم وأهمية تلك القيم في الارتقاء بإنسان العالم وازدهاره وتعزيز قيم التقدم.. كل ذلك لن يتحقق إلا بمعرفة الآخر كيف يفكر- كما عرفوا كيف نفكر - وتوظيف مثل هذه الممارسات اللامسؤولة في تعزيز نفوذنا عالمياً، وعلى مستوى المجتمعات كذلك من خلال استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي لاسيما اليوتيوب والتويتر لما لهما من تأثير نوعي، وإعداد سياسات تحريرية فاعلة تساهم في تعريف الآخر المختلف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إن المطلوب الآن حشد الجهود لإصدار تشريع يجرّم المساس بالأنبياء فمثل هذه الصفاقات لايمكن إدراجها تحت حرية الرأي بل هي إساءات تضع العالم تحت تصرف صناع الكراهية والتطرف إن لم نحسن التفكير بشجاعة والمواجهة بعقل وانفتاح على الآخر حتى نقلل من فرص المتطرفين في أن يجدوا لهم موطئ قدم على خارطة صناعة القرار، فماذا نحن فاعلون؟

السبت، يونيو 23، 2012

رئيس مصر

الغليان الديموقراطي الذي شهدته مصر خلال الأيام الماضية أشعل الكثير من الأفكار المحظورة والمطمورة. كانت جماعة الإخوان لا تنوي ترشيح رئيسٍ للجمهورية، غير أنها وكعادتها في السلوك السياسي الحرباوي أخذت على عاتقها قول الشيء وفعل نقيضه، وهي فعلت ذات النقيض. دخلت حركة الإخوان من خلال حزبها على خط العرش الرئاسي، تريد أن تأخذ المؤسسات بكل تفاصيلها. ولمن ينكر وجود أثرةٍ سياسيةٍ إخوانية في مصر عليه أن يتذكر متسائلاً عن الشيء الإيجابي الذي فعلته الحركة طوال الأشهر الأربعة الماضية وهي مدة الغلبة السياسية للإخوان في البرلمان! لن يجد إلا القوانين التي تخدم الحركة وهيمنتها وسطوتها واستبدادها.
جماعة الإخوان اِسْتُفِزّت كثيراً بالشعبية التي حصل عليها عمرو موسى وأحمد شفيق، وهما المرشحان اللذان تعرضا لحملة تشويه عاتية، وصبرا، وعانا الأمرين من التهم والتشويش، غير أنهما صبرا وإن لم يصلا إلى الحكم غير أن هذه الشعبية أوضحت لنا رسالة. الرسالة مفادها أن الشعب المصري ليس إخوانياً، وأن الذين رشحوا الإخوان هم فئة منه، فالمسألة ليست محسومة على الشكل الذي يتخيله الإخوان، عمرو موسى، وشفيق، رغم كل التشويه لهما من الأنصار المؤيدين في مناطق كثيرة، والأرقام تشهد لهم بذلك. وفكرة التهويل أو ادعاء وجود حسم لصالح الإخوان فكرة يجب أن تخرج من أدمغتهم. أحد الوجوه العروبية والذي طبّل وزمر للثورة وأعني به عزمي بشارة اعترف بعد الأرقام الانتخابية أن الشعب المصري منقسم وليس مؤيداً بشكل كلي للثورة، وهو اعتراف متأخر، ويعرفه الجميع.
تحاول جماعة الإخوان من خلال كتابها أو الصحافيين الذين يدورون في فلكها أن يصوروا الصراع السياسي على أنه صراع بين النظام والشعب! متهمين كل من عداهم بأنه من الفلول وأنه من الذين استفادوا من النظام السابق أو تربوا في أحضانه. فهمي هويدي مثلاً قال:" ان تصورتم ان المنافسة في انتخابات مصر بين حكومة مدنية أو إسلامية الحقيقة أنها ثورة بين الشعب والنظام .. بين الحلم والكابوس"! هكذا يحاول الإخوان ومن معهم أن يصوروا الخلاف السياسي على أنه بين الإخوان وبين حسني مبارك. حتى يكسبوا المزيد من الأصوات والمزيد من التأييد، وهي حيلة نتمنى أن لا تنطلي على الشعب المصري الذي لا نتمنى له أن يكون مستسلماً لخداع الإخوانيين وكتابهم.
كان الإخوان ينتقدون النظام السابق لأنه يضيق عليهم ويتهمهم بالإرهاب، ويقولون ان ممارسات النظام منعتهم من الحق السياسي والحرية السياسية. ولأن ذاكرتهم قصيرة فإنهم نسوا ممارساتهم الحالية، صور مسربة ومفبركة لمرشحين تحت دعوى تعاطيهم للمسكرات، أو تشويه لسمعة هذا المرشح، أو ادعاء فساد ذلك المرشح، من دون أدلة. الإخوان ترتكب نفس أخطاء النظام السابق وهي تدعي أنها تريد إخراج المجتمع المصري من تلك الحقبة. كيف يمكن للإخوان أن ينهوا تلك الحقبة وهم يمارسونها فعلاً؟! بل إن ممارسات عمرو موسى وشفيق الانتخابية أفضل من ممارسات المرشحين الإخوانيين الذين أساؤوا من خلال أنصارهم لبقية المرشحين!
مصر تختار الآن بين أن تكون مع العالم أو أن تكون ضد العالم، مع العصر أو ضد العصر، مع التقدم أو ضد التقدم، حتى وإن اختير أحد المرشحين الإخوانيين غير أن هذه الانتخابات كشفت بأرقامها عن وجود أصوات أخرى بمصر، وأن أي إغفال أو تحييد للمرشحين الآخرين بكل قوتهم يعني الاستهتار بالديموقراطية. الانتخابات قالت للإخوان الذين يعيشون نرجسية كبيرة أن الشعب المصري متنوع. مائة مليون مصري أو أقل بقليل أو أكثر يستطيعون أن يسقطوا الإخوان بعد أن يعرفوا حقيقتهم، وهذا ما نشاهده في القنوات، الكثير من النساء والشباب يقولون ان الإخوان لم يفعلوا شيئاً في مجلس الشعب للمواطن المصري، وهذا سؤال منطقي ربما تكشف عن ضرورة الإجابة عليه مسيرة مصر في قادم الأيام.

الاثنين، يونيو 18، 2012

تل أبيب و الإنتخابات المصريه

إسرائيل باتت الغائب الحاضر في الشأن الرئاسي المصري.. وهو ما دفع في ظني إلى استثارة مخيلة المراقبين لرسم سيناريوهات المستقبل تجاه إسرائيل تحديدا إذا ما انتهى الأمر إلى اجتياح وسيطرة لتيارات الإسلام السياسي.. ويجسد ذلك حالة من القلق الشديد والانزعاج المتزايد تعيشها "تل أبيب"، بعد نجاح الإسلاميين المصريين في الوصول إلى سدة السلطة التشريعية، والتقديرات الكبيرة بنجاح مرتقب لهم في الانتخابات الرئاسية، ما يعني إمساكهم بزمام الأمور الكاملة في مصر، ممَّا دفعهم للتحذير من خطورة الأوضاع فيها على الأمن الصهيوني، ومستقبل «إسرائيل» في المنطقة، الذي بات غير مضمون ومظلم. وما يزيد من هذا القلق الإسرائيلي المتفاقم أن مؤشرات الانتخابات المصرية تؤكد أن الأخطار الأمنية تتزايد، وعليها التحرك بسرعة قبل تمكن الإسلاميين من حكم مصر، مما يجعل التحرك ضد القوى المعادية في المنطقة أمراً مستحيلاً، خاصة وأن الإسلاميين المصريين يتمتعون بعلاقات جيدة مع من يوصفون ب «أعداء إسرائيل».
التخوف الصهيوني له ما يبرره بنظر دوائر صنع القرار الإسرائيلي، خاصة وأنه يعني نهاية معاهدة السلام، وصعود حكومة ملتزمة، لها أيديولوجية إسلامية، تضع نُصب عينيها تدمير «إسرائيل»، وإذا تواجد الإسلاميون في منطقة معينة، فإن «إسرائيل» ستشهد كارثة وكابوساً كبيرين، وفي الحد الأدنى فإن الوضع بالنسبة إليها سيكون غير مستقر. أكثر من ذلك، فإن النتائج المتوقعة للانتخابات الرئاسية المصرية من وجهة نظر تل أبيب، ستدفع باتجاه اتحاد القوى الإسلامية هناك، مما سيكبل أيدي «إسرائيل» في قطاع غزة، كما أن توجهاً متطرفاً سيسود منطقة الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن هذا ليس أمراً مفاجئاً، بل متوقعاً، لكن القوى الإسلامية الأكثر تنظيماً في الشارع المصري، قد حصلت على مساعدات كثيرة من جهات إسلامية عربية ودولية. في ذات السياق، طرح خبراء السياسة الاسرائيليون جملة من السيناريوهات السوداء المحتملة لمستقبل الوضع في مصر كشفت عن طوفان من الرعب في العقل الإسرائيلي أولها احتمال تسارع الأسلمة ونجاح الإسلاميين في صياغة دستور جديد يجعل الشريعة مصدر التشريع الرئيس، ويحول النظام المصري إلى برلماني، وينزع القوة من أيدي قادة الجيش، وسنَّ قوانين إسلامية في المراحل الأولى، بحيث يدخل الإسلام في كل مجالات الحياة، وهذا احتمال عالٍ. وثانيها أن يفشل الجيش في محاولاته صدَّ صعود الإسلاميين للحكم، ويعلن إلغاء الانتخابات، كما حصل في الجزائر، والإسلاميون يخرجون للشوارع؛ ليقمعهم الجيش والشرطة بعنف متعاظم، مما يؤدي إلى انشقاق في صفوفه، وفي نهاية المطاف نشوب حرب أهلية، وهو احتمال منخفض.
والسيناريو الثالث والأخير الذي يزيد من احتمالات التخوف والقلق الصهيوني، أن تسفر نتائج الانتخابات المصرية عن «تحول إستراتيجي» للأسوأ، لأن جميع علاقات إسرائيل بمصر تقريباً، قائمة مع الأجهزة العسكرية والاستخباراتية، بينما لا تمتلك علاقات مع المؤسسات السياسية المعادية.
المؤكد أن العاصفة الانتخابية التي تشهدها القاهرة في هذه الأيام تثير حالة من القلق الكبير لدى تل أبيب، وأن الوضع الجديد الذي تحياه مصر عشية الانتخابات الرئاسية يمثل ل «إسرائيل» زلزالاً حقيقياً، وليس من الواضح أنه سينتهي في المستقبل القريب، وأن احتمال الدخول في حرب مع مصر يجب أن يؤخذ في الحسبان.



الاثنين، مايو 07، 2012

الرأى العام الإلكترونى

لم تكن ثورات ما يُسمى اليوم بالربيع العربي الا ثمرة شجرة واحدة لم تنضج بعد كل ثمارها كما يستلزم عصر الاتصال التفاعلي ومنتجاته مثل الشبكات الاجتماعية التي باتت اليوم نشاطا انسانيا مؤثرا بشكل يثير الدهشة. المؤكد أن وسائل ووسائط الاتصال الالكتروني هذه قد أحدثت ما يشبه الانقلاب في نظريات الاتصال شكلا ومضمونا. ومعها وبها تبدلت الأدوار والعلاقات الاتصالية دون مواكبة علمية وعملية موازية من قبل المخططين وقبلهم الباحثين لاستيعاب كل هذه المتغيرات بذات السرعة دون الركون الى ذات الفرضيات التي وضعت في الماضي لغير هذا الزمن.
إن من المهم اليوم دراسة طريقة بناء وانتظام الأدوار المؤثرة في العلاقة الاتصالية التبادلية بين القضايا (الشؤون) العامة والجماهير عبر الشبكات الاجتماعية. ولعله من الأولويات اليوم البدء بسبر آليات التأثير والتأثر وعمليات تحريك التفاعل التي يخضع لها مستهلكو ومنتجو (محتوى) الاعلام المجتمعي المعتمد على (قوة) وصول شبكات التواصل الاجتماعي.
وبتأمل ديناميكية عمل شبكتي "الفيس بوك" و"التويتر" نجد على سبيل المثال امكانية التمييز بين ثلاث مراحل مهمة تتجه وتوجه اليها مسارات القضايا (الحسّاسة) التي تظهر وتنتشر وتؤثر في مسار تحريك الرأي العام واثارة اهتمامه. أولى هذه المراحل هو البعد الشخصي، وثانيها: البعد الرسمي، ثم يأتي ثالثا البعد الجماهيري في القضية. ويتضح تأثير البعد الشخصي للقضية بمقدار حجم ضخ العاطفة والانفعال التي يمكن من خلالها قياس حدود انطلاقتها الى دوائر (جماهيرية) اوسع من خلال اثارة اهتمام الناس او شريحة كبيرة منهم او اجادة لعب دور الضحية/ النبيل ومن ثم تحشيد اعضاء الشبكة ومتابعيها.
في هذه المرحلة عادة ما تكون النخب والقيادات الاجتماعية في موقف المراقب والمتربص لمدى قوة وحجيّة القضية الشخصية. بعد ذلك تبدأ النخب عادة في حسابات الربح والخسارة مع الشخص/ الجهة المثارة ضدها القضية، ومن ثم يمكن ان تقرر تجاهلها أو تدفع بها كقضية رأي عام الى بعدها الأكبر. ويتم ذلك (التدويل) والجمهرة من خلال الاشارة اليها في الصفحات الشخصية ذات المتابعة العالية وتناولها في الأعمدة والبرامج الاعلامية، واحيانا من خلال المنابر او المحاضرات العامة لتصبح القضية الشخصية في 24 ساعة شأنا عاما يكتسب بعده المحلي والدولي شيئا فشيئا من خلال العناصر والمحفزات المطعمة في كل قضية واركانها المختلفة.
وتأتي المشكلة هنا أن معظم ما يوجه للرأي العام من قضايا وشؤون عامة تتبناها شخصيات لا تتسق مع الهوى الرسمي أو الهم المجتمعي تظهر متألقة جاذبة عبر "الفيس بوك" و"التويتر" ولا تقابلها استراتيجيات تعامل (مواجهة) محترفة سواء في دوائر المؤسسات الرسمية أو الخاصة المتضررة. بل الملاحظ في الأعم الأغلب هو تعمد التجاهل وعدم التحرك للاستيعاب والاحتواء والتفهم قبل أن تطال دائرة التأثير مركز القرار في المؤسسة المعنية. وفي حالات كثيرة نجد متخذ القرار البيروقراطي قد ارتاح الى تفضيل الحجب الفني واحيانا الحل السلطوي والقانوني دون بحث في جذور المشكلة وجدوى الحل الانفعالي أو الروتيني.

الأحد، أبريل 22، 2012

ما الذى ينتظر الأحزاب الإخوانيه من حيث العلاقات الدوليه؟

المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا, أعلن مؤخرا في أسطنبول ( ميثاقا) يحمل الخطوط والملامح العريضة لدولتهم القادمة بعد سقوط النظام الحالي في سوريا, أبرز ملامح الميثاق أنهم يسعون إلى دولة مدنية حديثة بدستور, وسلطات مستقلة تقبل بالتعددية وحكم القانون, وتحترم الحريات, حتى أنه قال بأن الجماعة في سوريا لا تمانع أن يقود سدة الحكم رجل مسيحي أو امرأة, وهو الأمر الذي أشارت له بالضبط قبل ذلك جماعة الإخوان في مصر, بينما حاولت الجماعة في تونس أن تطبقه عمليا.
ولكن هل هذه الخطط والمبادئ التي لوح بها جماعة الإخوان ضمن برامجهم الانتخابية هل كانت موجهة للمستهلك المحلي؟ أم أنها شعارات تسعى لاستقطاب الرأي العام العالمي والغربي بالتحديد؟ بالاضافة إلى أن الإخوان ما برحوا في ألف باء السلطة, ولم تنتقل مشاريعهم وبرامجهم إلى الأرض بعد, ولم يختبروا على مستوى التعددية وتداول السلطة وقبول الآخر وجميع اشتراطات الديمقراطية التي جلبتهم للحكم.
بل على العكس هناك الكثير من المراقبين يبدون قلقهم وعدم إطمئنانهم للمساحات التي يتحرك فيها الإخوان في مصر لاسيما على مستوى علاقتهم بمحيطهم الإقليمي وجيرانهم, وأيضا على مستوى الممارسات الديمقراطية نفسها فعلى سبيل المثال تم اختيار لجنة صياغة الدستور في مصر من البرلمان المكتسح إخوانيا, فبالتالي بدلا من أن يكون الدستور المصري هو الدستور الذي يكتبه نخب الشعب المصري بجميع أطيافه من مفكرين ورجال قانون ورجال دين وأعيان ورجال أعمال وفي النهاية ويصوت عليه الجميع ليمثل رمزا خالدا ينضوي تحته الجميع, إلا أن لجنته اقتصرت على مجموعة إخوانية من الممكن أن تحوله إلى أحد البرنامج الانتخابية للأخوان, أنه أول هفوة خطيرة تتعارض مع أسس الدولة الحديثة وقع بها أخوان مصر في بداية عهدهم.
ولربما هي المعضلة التي ستواجهها عدد من الحكومات التي وصلت إلى الحكم على صهوة الربيع العربي, ولاسيما في علاقتهم مع العالم فلن يكفي التلويح ببرنامج انتخابي لتلك الأحزاب, لتشرع لهم الأبواب في الغرب, بل العكس ستغلق تلك الأبواب وسيحكم أقفالها كما أغلقت في وجه القرضاوي على سبيل المثال عندما رغب في زيارة فرنسا, نتيجة لحالة التوجس والحذر الذي تعيشه فرنسا الآن مع تيار العنف الديني.
الحساسية المرتفعة التي يحملها الغرب اتجاه الأحزاب الإخوانية تبدو مركبة, فهي من ناحية قائمة على خلفية الصراع العقائدي الطويل بين الشرق والغرب, وأيضا من ناحية أخرى ستتعارض مع المبادئ العالمانية التي يرفعها الغرب كواجهة له, والتي يهدف من خلالها إلى ترسيخ دعائم مملكة الإنسان على الأرض, بعد صراع طويل مع اللاهوت الكنسي وتسلط الدولة الثيوقراطية في الغرب.
يقول المفكر الجزائري (محمد أركون) في كتابه الأنسنة والإسلام ( منذ الحادي عشر من أيلول 2011 اختلطت المسؤوليات التاريخية في خضم تبادل الاتهام بالشيطنة للقائمين بالدور الأساسي في الحروب, سواء كانت حروبا أهلية أم حروبا جديدة للغزو والهيمنة, إنه سباق فتح بابه لتبني دور الضحية, والحرب العادلة التي تقودها الديمقراطيات ضد دول وصفت بالمارقة, وهنا لا نستطيع استدعاء أو التلويح بقيم عليا ولا مشروعية محترمة أو عز تليد من دون أن نثير السخرية المتعجرفة الوقحة للغرب ).
حتى تركيا التي أمضت في المعسكر العلماني مدة تفوق الثمانين عاما منفذة تعاليم العالمانية بحذافيرها تحت حماية العسكر, وعلى الرغم من أن حزبها الإسلامي الآن يصر على على المبادئ العلمانية في جميع برامجه, إلا أنه ما برح مرفوضا مشكوكا في أمره, ولم يمنح الضوء الأخضر في الاتحاد الأوروبي.
هل هذا ما سينتظر الأحزاب الإخوانية في علاقاتها الدولية؟ لاسيما أن المشهد في العالم لا يحيل أو يشير إلى حوار حضارات أو تعايش بقدر ما هو خطاب استعلائي تبشيري يرمي إلى الاستحواذ على الحقيقة المطلقة وتكفير أو شيطنة الآخر.
الأحزاب الإخوانية التي قطفت ثمار الربيع العربي, هل ستتعامل مع المشهد بحياد الأخوة القائمة على التعددية والمساواة, أم أن الأيام ستثبت للعالم وللناخبين أن الانتخابات لم تكن سوى مطية مؤقتة للسلطة فلا يصبحون عندها إخوانا.. بل آباء دائمون.

الاثنين، مارس 26، 2012

التيارات الإسلامية و المعترك السياسي

دخلت التيارات الإسلامية اليوم المعترك السياسي دخولا مرتبكا فجّر الكثير من الأسئلة وخلخل الكثير من المسلّمات التي كان يتداولها التيار بشكل نظري بعيدا عن التطبيقات الفعلية وخاصة فيما يتعلق بقدرة التيارات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ذات العمق التاريخي كمؤسسة سياسية لأكثر من ثمانية عقود قامت على إدارة مقود العمل الاسلامي.
الديمقراطية ليست مجرد صندوق لجمع أصوات الناخبين فبجانب صندوق جمع الأصوات هناك صندوق في العقل له حرية الاختيار وهذه الفكرة تغيب عمدا عن الحركات الإسلامية التي تخوض الديمقراطية تحت منهجية جمع الأصوات فقط من جمهور تجلب أصواته وفق قيم عاطفية وليست ديمقراطية.
السياق التاريخي للحركات الإسلامية ظل مراقباً للأوضاع الاجتماعية ومتداخلا معها من خلال نماذج وأنشطة خيرية على الأرض فقط بعيدا عن البرلمانات أو الدوائر السياسية مع أن الجناح السياسي للحركات الاسلامية ظل يعمل بشكل غير قانوني في كثير من الدول ولفترات طويلة.
اليوم ومع الثورات العربية واعتماد نموذج ديمقراطي يبدو انه غير ناضج بشكله السياسي في دول الثورات العربية ولأسباب متعددة، فنحن نشهد سيطرة الحزب الواحد الذي جلب معه القاع الاجتماعي الشعبي في عملية انتخاب عددية في مضمونها فلا تكاد تخرج عن كونها أرقاما فقط وهذه واحدة من سلبيات تطبيق الديمقراطية في مجتمعات ليست الديمقراطية جزءا من ثقافتها فالناخب في المجتمعات ذات الثقافة الديمقراطية هو رقم وفكرة وليس رقما فقط فالناخب الحقيقي رقم يرجّح، وفكرة تتبنى نموذجا سياسيا واضحا.
في عالم الثورات العربية يجب أن ندرك بعقلانية أننا أمام نوع من الديمقراطية الرقمية (عدد ناخبين) فالذين صوتوا لهذه التيارات أو تلك بحسب أسلوبنا الديمقراطي هم جمهور لا يختلفون كثيرا عن السمة التي تميز الجمهور الرياضي، فالانتخاب ليس عملية رقمية فقط كما تفهمها التيارات الإسلامية وتحاول إقناع المراقبين بأن عمليةً انتخابية حقيقية قادت هؤلاء إلى صناديق الاقتراع فجلبوا الحركات الإسلامية إلى كراسي البرلمانات.
العملية الديمقراطية تختلف بلا شك عن المنهجية التي نراها فالديمقراطية عقلانية المنهج لأن ركيزتها الأساسية تقوم على حرية الانتخاب ولذلك يجب أن نفرق بين ديمقراطية العاطفة المدفوعة بالتبعية وهي المنهجية التي فرضتها التيارات الإسلامية تحت وطأة العقيدة وخصوصا الإخوان المسلمين وذراعها الاجتماعية والتي أطلق عليها اسم (الصحوة) والتي انتشرت في معظم البلدان العربية..
يقول الدكتور توفيق الشاوي وهو من رموز هذا التيار عن الصحوة "إن الصحوة الإسلامية .. هي أهم ثمرة حققتها الحركات الإسلامية وغذاها الفكر الإسلامي...".
الديمقراطية ليست مجرد صندوق لجمع أصوات الناخبين فبجانب صندوق جمع الأصوات هناك صندوق في العقل له حرية الاختيار وهذه الفكرة تغيب عمدا عن الحركات الإسلامية التي تخوض الديمقراطية تحت منهجية جمع الأصوات فقط من جمهور تجلب أصواته وفق قيم عاطفية وليست ديمقراطية.
لقد بدا جلياً أن التعاطف الانتخابي هو تعاطف ديني مرتبط بعامل مشترك بين التيارات الإسلامية، والجماهير الشعبية ألا وهو الاعتقاد بنصرة الدين وهنا ومن منظور علمي وعملي لا تصبح للديمقراطية أي مفاهيم بل لا يصبح لها حاجة لان العاطفة العقدية تصبح عاملا مشتركا بين الجميع بل قد تفرض على الجميع وتحرزه الأغلبية ليس بمنهجها الديمقراطي ولكن تحرزه الأغلبية بمقود العاطفة لذلك يجب أن نتوقف كثيرا عن وصف ما حدث للتيارات الإسلامية من تأييد بأنه بالديمقراطية ومن اجلها.
الربيع العربي يكشف لنا اليوم عن وجه جديد من دورة الحزبية المطلقة ولكنها هذه المرة بنكهة تأتي من داخل الفرد لأننا أمام عاطفة دينية تجلب الأصوات.. ولو وجهت سؤالا لأي منتخب للتيار الإسلامي لكان الارتباك والإجابة متشعبة بين حقوق فردية، وحقوق اجتماعية، وقد يقول لك انه انتخب تيارا يخاف الله وهذا جميل ولكن أين مشروعهم السياسي والاجتماعي وفق هذه النظرة عنهم؟!
الخطورة التي نحن أمامها اليوم في الوصفة الديمقراطية القائمة بعد الثورات العربية تتمثل في عملية فرز مقصود وليس فرزا تعدديا.. بمعنى دقيق روجت الديمقراطية بحسب المفهوم الإخواني بشكل مخيف يصادر المختلفين، ولذلك أصبح لديها القدرة على أن تستخدم مصطلح الإسلام لإخراج كل مختلف معها من أفراد المجتمعات عن هذه الدائرة.
السؤال المهم اليوم ما هي الأزمات التي يمكن أن تتربص بالتيارات الإسلامية؟
هناك الكثير من المعوقات التي يمكن أن تظهر على السطح وببساطة، وأولها: كيف ستتكيف الحركات الإسلامية مع أنظمتها فمثلا نظام الإخوان المسلمين وفي إحدى فقراته جاء النص التالي "تحرير الوطن الإسلامي بكل اجزائه من كل سلطان غير إسلامي ،ومساعدة الأقليات الإسلامية في كل مكان والسعي إلى تجميع المسلمين جميعا حتى يصيروا أمة واحدة" .
كيف ستتعامل الحركات الإسلامية مع هدف أصيل لها كهذا الهدف؟ جاء في نظامها العام وخاصة في ظل وجود دول ذات استقلالية كاملة ومنظمات عالمية تحمي استقلالية دول العالم، ثم أضف إلى ذلك ما هو تعريف الأمة الإسلامية: هل هو تعريف هوية أم تعريف نطاق جغرافي يتطلب الكثير من العمل السياسي والعسكري لتحقيقه؟
العاطفة الدينية يجب أن لا تقودنا إلى تكرار ذات الأخطاء السابقة في العملية السياسية في العالم العربي لذلك تشير النتائج الأولية إلى أن الديمقراطية التي قادت الحركات الإسلامية إلى البرلمانات ولدت بقصور سياسي واضح فهناك فارق زمني بين عملية النضج السياسي، وعملية بلوغ البرلمانات فالمشكلات التي تواجها تلك الحركات الإسلامية تشير إلى قصور في النضج السياسي للحركات الإسلامية.
اليوم هناك مشكلات داخلية تواجه التيارات الإسلامية منها سياسية واقتصادية وأمنية وفكرية وتعددية سياسية، وهناك مشكلات دولية تتعلق بعلاقات الدول واحترام المواثيق كلها ستكون أسئلة مهمة أمام تلك التيارات الإسلامية لتجاوز أزمتها بالإضافة إلى تلك المواجهة مع أنظمة تلك الحركات وبنودها المليئة بكل ما هو مختلف مع ابسط قيم الديمقراطية.
إن فرصة تاريخية للحركات الإسلامية لتنقية منهجيتها من زج القيم الإسلامية ذات الطبيعة العبادية والموجهة للفرد وعدم استثمار الالتزامات الدينية المطلوب تنفيذها من الأفراد لصالح السياسة فتنقية الدين من مراوغات العمل السياسي تبدأ من جعل الدين مقدسا عن تدنيسٍ ومراوغات يمكن أن تضرا به أكثر مما تفيدانه.
إن إستراتيجية الحركات الإسلامية وفق المنظور التاريخي قامت على تشكيل قوة ضاغطة على الشعوب والأنظمة لفرض متطلبات تاريخية غير قابلة للتطبيق مثل فرض الجهاد بعيدا عن متطلباته الشرعية، أو فرض الدين وفق منظور الجزية أو الحرب، لذلك ستكون الفرصة التاريخية لهذه الجماعات أن تثبت أنها أكثر توافقا وسباقا مع تحولات الزمن وإلا سوف تعود أدراجها إلى القاع الشعبي مع ثاني دورة من الانتخابات في السنوات القادمة..
إنه موسم الإسلاميين الذين تجاوزوا التنظيمات والأحزاب الأخرى، بعد أن كانت تُقيم قياداتهم بالملاجئ أو السجون، وعملية وصولهم جاءت بحسابات دقيقة، إذ انعزلت الأحزاب الليبرالية ومواريث الأحزاب الاشتراكية، وحتى التقليدية التي استطاعت أن تجابه الانقلابات لم تعد تملك القدرة على كسب الشارع، إلا أن تجربة الإسلاميين ستكون محكاً واختباراً معقداً، خاصة في ظرف المنتخبين الذين اعتمدوا الجدل الطويل على تشكيل البرلمان وصياغة الدستور والدولة، أمام حالة اقتصادية أدت إلى خسائر فادحة خاصة الدول التي تعتمد السياحة والصناعات والصادرات الزراعية إلى جانب توقف الاستثمارات خوفاً من حدوث إشكالات بالاستثمارات السابقة..
من السهل وصول أحزاب وتنظيمات للسلطة، ولكن تجاوزها لظروفها هو الأصعب وحالة دول الربيع العربي، عدا ليبيا التي عادت إلى مستوى صادراتها من النفط وفي مجتمع صغير نسبياً قياساً بحجم المداخيل المادية، فإن البقية ترزح تحت حالات مستجدة، وفئات المجتمع لا تنتظر عندما تلح على مطالبها في الأساسيات مثل غلاء المعيشة وندرة الوقود ونزول العملات إلى حدود صعبة، والأقسى أن المعونات الخارجية غالباً ما ترتبط بشروط قد ترى فيها الدول تدخلاً في سيادتها، وكذلك العامل السياسي يبرز كواجهة مساومة، لأن التصريحات التي تصدر من بعض الواجهات لغاية إبراز الذات، قد أضرت، بشكل خاص، بالإخوان المسلمين والسلفيين معاً..
الآن بدأت تخرج الخلافات على السطح، ففي تونس مظاهرات ضد أن يسيّس الدين، تقودها عناصر من كل التيارات، وقد اعتاد النظام منذ الرئيس أبورقيبة ثم زين العابدين، فحكومة الثورة الجديدة، أن كانت تونس أكثر انفتاحاً، حيث يوُصف دستورها بأنه أكثر عدالة تجاه المرأة من النظم والدساتير العربية الأخرى، وقطعاً أي تراجع في الحريات قد يخلق صداما يضيف إلى الأزمات الاقتصادية، أزمة اجتماعية وسياسية..
في مصر التياران الإسلاميان، الإخوان المسلمين، والسلفيون هما الأقوى، إلا أن الأحزاب الليبرالية لها بعض الحضور، وانسحابها من صياغة الدستور، وبقاءها على خط المعارضة، قد لا يعطيهم الزخم الذي يتوقون، إلا أنهم سوف يستفيدون من هنات وأخطاء دخولهم الدولة بتجربة أسلمة كل شيء، مما يعني ان المسيحيين الأقباط وأصحاب الاتجاهات المستقلة، سوف تلحق بالتيار الليبرالي، وكما نكرر دائماً أن التجربة الحزبية تختلف عن إدارة الدولة، وبمرحلة دقيقة تحتاج إلى إعادة بناء كل شيء..
الخلافات والجدل الدائر، ربما يثريان العملية السياسية والاجتماعية برمتها، شرط أن لا تذهب الأمور إلى الصدامات، واعتقاد كل طرف امتلاكه الحقيقة معتمداً على رصيده في الشارع، إلا أن المواطن إذا لم يجد مطالبه الآنية تتحقق، فقد يقلب الطاولة على الجميع إذا علمنا أن هذه الثورات قادها شباب بلا انتماءات حزبية أو ايدلوجية، وبالتالي فعودتهم إلى تحريك الجماهير قابلة للتكرار وبنفس السيناريو الذي أسقط الحكومات السابقة

السبت، مارس 03، 2012

أوجه الشبه بين العبريه و العربيه

هناك اساطير حديثة تلقفناها وتبنيناها واعتمدناها كحقائق رغم أنها في النهاية موجهة ضدنا. أطلق الغرب على منطقتنا اسم (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) فقبلناها دون مقاومة وتبنيناها وحلت في إعلامنا محل كلمة العالم العربي.. ردد الإعلام الصهيوني أن اليهود ابناء عمومة العرب فأخذنا هذا الزعم دون تمحيص أو مراجعة. الاسطورة الثالثة أن العبرية التي يتحدث بها الإسرائيلون اليوم هي العبرية التي وجدت قبل ألفي سنة وتعود إلى ارومة واحدة مع اللغة العربية. ومن المزاعم الجديدة التي بدأ الإعلام الصهيوني يروج لها أن إسرائيل (استقلت) عام 1948 لتحل محل حقيقة أن إسرائيل أسست 1948، وبدأ بعض الكتاب والمثقفين العرب تبنيها.
بعد استقلال هنغاريا عن الامبراطوية العثمانية وتحت تأثير الحركات الوطنية الاوروبية رأى شاب يهودي يدعي اليعازر بن يهودا أن خلق قومية مستقلة لليهود يتطلب شيئين اساسيين.. أرض ينتمون إليها ولغة واحدة يتحدثون بها.. فقرر أن فلسطين هي الأرض والعبرية هي اللغة. فالأرض بدأت تنبت امام عينيه مع بداية اضمحلال الامبراطورية العثمانية بيد أنه اصطدم بحقيقة أن اللغة العبرية ميتة. حتى التلمود وهو اهم كتب اليهود كان مكتوبا باللغة الأرامية. لم تكن العبرية المتناثرة في الكتب الدينية الصامتة تمد اي عون لمن يريد أن يتحدث بها. ولكنه قرر (لاشك أنه رجل عظيم) أن يخلق هذه اللغة وألا يتحدث عند هجرته إلى فلسطين إلا بها. انجز التصاميم وبعض القواعد واخذ يؤلف كلمات وعبارات ليصف بها الأشياء التي تصادفه فصنف قاموسا لغويا لكلمات لم توجد أبدا من قبل. وعندما استقر في فلسطين توقف عن الحديث بأي لغة في بيته سوى لغته الجديدة. كان يستعين لسد النقص الكبير الذي يواجهه باستخدام لغة الإشارة. بدأت اللغة تتطور في بيته وبين عدد محدود من الناس المتحمسين من أمثاله. من المعروف اليوم أن ابنه الصغير هو أول إنسان في التاريخ ينطق العبرية كلغة أم بعد ألفي سنة من اندثارها.
الشبه القائم بين اللغتين العربية والعبرية الذي نلمسه اليوم (سلام وشالوم) لا يعود إلى الماضي المشترك بقدر ما يعود إلى العيش المشترك مع الفسلطينيين. فهذه اللغة نمت وترعرعت بين العرب. مما يدل على ذلك أن اللغة العبرية تنطوي على لهجتين بصيغ مختلفة. لهجة الاشكيناز ولهجة السفارديم. تطلق كلمة الاشكيناز على اليهود القادمين من أوروبا وكلمة السفارديم على من تعود أصولهم إلى اسبانيا والبرتغال والبحر المتوسط. فالاشكناز أثروا في العبرية بخلفياتهم الأوروبية والسفارديم أثروا فيها بخلفيتهم الشرقية.
في عام 1917 صدر وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود وفي عام 1922 قرر الانتداب البريطاني ضم اللغة العبرية إلى جانب العربية والانجليزية كلغة رسمية في فلسطين، رغم أنه لم يكن يوجد إنسان واحد على وجه الأرض، في ذلك الحين، يتحدث بها كلغة أساسية في حياته الخاصة أو العامة.
اللغة العبرية التي يتحدث بها الإسرائيلون اليوم لغة مصنوعة تقريبا من الصفر واستعيرت من لغات أخرى اهمها العربية لغرض سياسي.. تحويل المشترك الديني بين اليهود إلى مشترك قومي تنهض عليه دولة مقترحة تقوم على أرض فلسطين.. وهو ما حدث.

الأربعاء، فبراير 29، 2012

أمريكا هل هى حقا ممتنه بالربيع العربى ؟

راقبت مواقف وليس موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الربيع العربي. ورأيت الحيرة التي انتابت الانتلجنسيا العربية. فزدت حيرة ليس من مواقف أمريكا بل من حيرة أهلنا العرب. موقف أمريكا من ثورة مصر تراه متحفظاً ثم بعد ثلاثة أسابيع من الثورة تجده مندفعاً مشوباً باختلاف بيّن ، بين الرئيس أوباما والسيدة كلينتون وزيرة الخارجية.
المعروف أن المواقف السياسية في أمريكا ليست من صنع رجل واحد حتى لو كان الرئيس. المواقف السياسية تتبلور في مدة زمنية ليست بالقصيرة. ونحن لا نجد المواقف في ردود الفعل اليومية أو الآنية. بل نجدها في فلسفة الإدارة الأمريكية تجاه القضايا السياسية
هذا الاختلاف انعكس على اختيار السيدة كلينتون مبعوثها إلى مصر وهو سفير أمريكي متقاعد ويعمل محاميا لشؤون الرئيس حسني مبارك فى واشنطن.
ولو عدنا لحقبة الرئيس الأمريكي السابق الرئيس جورج بوش لوجدناه يشجع حركات الاحتجاج الشعبية في أنحاء العالم ضد حكامها. لهذا يتضح شقة الاختلاف بين أرباب الحكم في أمريكا تجاه الربيع العربي. فهل هو اختلاف أم تكتيك تستدعيه الظروف؟
كتّاب الرأي في الصحف الأمريكية هم أيضا منقسمون بين مؤيد للثورات العربية، ومعارض لها. ويأتي توماس فريدمان ليتبنى التناقض الموجود في واشنطن ومراكز العصف الذهني. وهو يردد أن الربيع العربي لا يمثل ثورة بمعناها الصحيح. ولكنه من جانب آخر يقف معها.
هذه صورة صادقة لما عليه السياسة الأمريكية تجاه ثورات تونس واليمن وسورية وليبيا. فأين نجد موقف أمريكا الصحيح؟
المعروف أن المواقف السياسية في أمريكا ليست من صنع رجل واحد حتى لو كان الرئيس. المواقف السياسية تتبلور في مدة زمنية ليست بالقصيرة. ونحن لا نجد المواقف في ردود الفعل اليومية أو الآنية. بل نجدها في فلسفة الإدارة الأمريكية تجاه القضايا السياسية. فأين نجد تلك الفلسفة لنتعرف على موقف أمريكا من الربيع العربي؟
لو عدنا إلى خطاب قديم للرئيس أوباما لوجدناه يقول إن الثورات تمثل حق تقرير المصير للشعوب. وهو يقول: نالت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استقلالها منذ زمن طويل لكن شعوبها لم تنله في كثير من الأماكن فلا قضاء أمين يسمع شكواه، ولا أجهزة إعلام مستقلة تُسمع صوته، ولا حزب سياسي موثوق يمثل وجهات نظره، ولا انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها قائده. هذا هو الافتقار الحقيقي إلى حق تقرير المصير. هذه الكلمة تلخص فلسفة الحكم في أمريكا. وهي فلسفة تبني عليها أمريكا سياستها الإستراتيجية، وليست سياستها الآنية.
والشيء نفسه يُقال عن دعم أمريكا للديمقراطية والمساواة والعدل والحرية والتسامح خصوصا التسامح الديني. فقد وقفت أمريكا مع هذه القيم موقفاً يتسم أحياناً بالشدة وأحياناً باللين. لكن علينا أن نعرف أن أمريكا تولي مصالحها عناية كبيرة، ومن مصالحها مراعاة الضغوط اللوبية والانتخابية. على أنها لا ترى أن مصالحها تتعارض مع المبادئ السامية سالفة الذكر. ولكن التعارض يبدو فقط عند السير في السياسة الآنية وليست الإستراتيجية.
وهنا وقفة مهمة تتعلق بثوابت أمريكا في الإستراتيجية السياسية وهي مصالحها في الداخل والخارج. ولو اختلفت مصالحها مع القيم الإنسانية لوقفت مع مصالحها ضد القيم الإنسانية، إلاّ فيما يخص سياستها الداخلية فإن تلك القيم تشكل مصالح لها.
ولقد عجب الناس في العالم العربي من موقف أمريكا هل هو مع الحكام المستبدين أم مع الشعوب؟! فالصورة في هذا الصدد ليست واضحة كل الوضوح، ما جعل بعض العرب يتبنى فكرة التآمر أو الكيل بمكيالين.
والصدق أن هذا ليس صحيحاً دائماً. ونعود لمثل ما بدأنا به من أن موقف أمريكا حيال تلك المسائل لايمكن التعرف عليه من خلال المواقف السياسية اليومية، بل من خلال فلسفة تتبناها واشنطن، وهي فلسفة قد تغيب عنا، لأنها مرت في خطاب أو في مشروع قُدم لمجلس النواب أو الشيوخ أو ورد في مذكرة لبعض مراكز العصف الذهني في واشنطن.
وقد تغيب عنا لأننا لا ندرك أين هي مصلحة أمريكا في خضم مواقفها المتعددة تجاه حدث واحد.
لقد شغلت أمريكا نفسها لسنوات طويلة منذ رئاسة جورج بوش الابن بالتبشير بحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية للبلدان العربية. لكن هذا السعي ليس كل القصة. فأمريكا أيضا سعت ما وسعها السعي للحفاظ على مصالحها. ولابد أن يحدث تقاطع بين السعيَين. هذا التقاطع هو ما يثير المراقب العربي ويجعله يتهم أمريكا أو يؤيدها أو يقف محتاراً. لكن أمريكا تردد أن مصالحها ليست مجافية لآمال الشعوب بل هي أساسية لها. وهنا مكمن حيرة إخواننا العرب. فلابد أن تتعارض مصلحة أمريكا يوماً مع آمال الشعوب غير الأمريكية. فالسياسة اليومية أو الآنية هي ما نسمعها ونراها مصداق ذلك قول الرئيس أوباما: نحن نواجه فرصة تاريخية، فأمامنا فرصة إظهار أن أميركا تثمن كرامة البائع المتجول في تونس أكثر من القوة الغاشمة لطاغية متسلط، ولكنه لم يقل أن أمريكا تثمن كرامة البائع التونسي أكثر من مصلحة أمريكا. لكن علينا أن نتوقع أن مصلحة أمريكا قد لا تتعارض مع كرامة البائع التونسي. أما إذا تعارضت فالمصلحة مقدمة على ما سواها. لكن في كل الأحوال لايجب أن نلوم من يسعى لتحقيق مصالحه والحفاظ عليها. إذن على من يقع اللوم يا ترى.



الجمعة، فبراير 03، 2012

من المسؤل عن أحداث بورسعيد ؟

قد تبدو المشكلة أمنية فقط كون الجماهير نزلت إلى أرض الملعب بعد نهاية المباراة، ولكن القضية ذات أبعاد أشمل.
القضية ثقافية وإعلامية واجتماعية قبل أن تكون مباراة في كرة القدم، وحين نراجع الخطاب الرياضي العربي نجد أنه خطاب عاطفي، فالفريق العربي حين يفوز هو فريق لا يقهر، وحين يخسر فإن السبب هو الحكم.
وحتى في المنافسة على مستوى الدول تتحول المنافسة في كرة القدم على مستوى المنتخبات إلى حرب كلامية، وإلى هياج إعلامي يقود الجمهور إلى التوتر والتصادم والسلوك العدواني.
هذه الإثارة تؤثر حتى على معلق المباراة، حيث يتأثر تعليقه بعاطفته فيتحول تعليقه الذي يفترض أن يكون مهنياً إلى مراقبة أخطاء الحكم تمهيداً لاستخدامها في تبرير الخسارة إن حصلت.
هذه اللغة العاطفية لا تخدم عملية التطوير ولا تنسجم مع التنافس البناء وتتناقض مع الشعار الذي يتغنى به الرياضيون وهو الروح الرياضية.
اللغة العاطفية تسيطر على المعلق، والإداري، والمدرب، وتنتقل إلى الجمهور فلا أحد يريد أن يعترف بأن فريقه يحتاج إلى تطوير، ومن النادر أن يبادر الخاسر بتقديم التهنئة بالفوز للفريق المنتصر.
هذا الابتعاد عن المهنية لا يؤخر عملية التطوير فقط، بل يساهم في زيادة التعصب والتصرف تحت ضغط الانفعالات الناتجة عن تعزيز شعور المناصرين بأن فريقهم فريق يتعرض للظلم والمؤامرات.
تحت هذه الظروف تتحول مباريات كرة القدم من منافسة رياضية ممتعة إلى حرب.
إن ما حدث في مصر في مباراة الأهلي والمصري هو كارثة رياضية، ولن يكون الحل باتخاذ عقوبات رادعة بحق المتسبب مثل نقل المباريات أو سحب النقاط، فهذه حلول وقتية لن تؤثر في المشهد الرياضي بشكل عام، بل قد ترفع درجة التوتر بحكم أن الجمهور يتعامل مع مثل هذه القرارات بعاطفته.
وإذا كنا على قناعة بأن المشكلة ثقافية وإعلامية، واجتماعية فإن الحل يكمن في منظومة تجمع تلك الجوانب في إطار برنامج منظم ومستمر يعزز ثقافة التنافس الشريف وينمي الروح الرياضية الحقيقية.
هذه المنظومة لابد أن تأخذ في الاعتبار إعلاء قيمة الجوانب المهنية والتطوير ودور الادارة في تحقيق نقلة ثقافية في ادارة الأنشطة الرياضية وإدارة الأندية والمنتخبات.
لابد أن يتسم العمل الإداري بالمهنية وأن يكون قدوة للجمهور في التعامل مع المنافسات والتحكم في الانفعالات سواء في حالة الفوز أو الخسارة.

مصر إلى أين ؟

عشّاق مصر (= مصر المكان والإنسان) ، العارفون بمكانتها ، والمُدركون لحجم أثرها - تاريخا ، وحاضرا ، ومستقبلا - والمتأملون مَلِيّا أسرار جمالها الغابر والحاضر ، والمستوعبون لاستحقاقات عبقرية المكان ، يقفون اليوم موقف المشفق على مصر في زمنها الديمقراطي الذي بدأت ملامحه في الظهور ، يُشفقون عليها مما يمكن أن تُؤدي إليه عبثية الفوضى التي يُراد لطوفانها أن يكتسح كل الحدود ، وأن يُحطّم كل السدود ، وأن يحمل الجميع إلى شاطئ المجهول .
عُشّاق مصر - وأنا أحدهم - يضعون اليوم أيديهم على قلوبهم خشية أن تعيش مصر في مستقبلها القريب زمناً غير مصري ، زمناً غير حضاري ، زمناً بدائيا قبائلياً يدّعي كل فرد فيه أن له الصدر دون العالمين أو القبر ، وأنه سيجهل فوق جهل الجاهلين . وحينئذٍ لابد أن يفترس الجميعُ الجميعَ ؛ بدعوى البحث عن مصلحة الجميع .
لا قيمة للديمقراطية ؛ ما لم تستصحب الوعي الديمقراطي ؛ ما لم تستوعب العناصرُ الفاعلةُ في السياقات الجماهيرية جوهرَ الفعل الديمقراطي . لا يكفي أن تريد الحريةَ والعدلَ والمساواةَ والتنميةَ (فهذه المفردات كلٌّ يتغياها ؛ إذ هي الغرض الأسمى للتوق الإنساني منذ أن وُجد الإنسان) وإنما لابد من وعي بها ؛ من حيث استيعابها كمفاهيم متمايزة
لا قيمة للديمقراطية ؛ ما لم تستصحب الوعي الديمقراطي ؛ ما لم تستوعب العناصرُ الفاعلةُ في السياقات الجماهيرية جوهرَ الفعل الديمقراطي . لا يكفي أن تريد الحريةَ والعدلَ والمساواةَ والتنميةَ (فهذه المفردات كلٌّ يتغياها ؛ إذ هي الغرض الأسمى للتوق الإنساني منذ أن وُجد الإنسان) وإنما لابد من وعي بها ؛ من حيث استيعابها كمفاهيم متمايزة لها طابع الاستقلال ، وكمفاهيم متضمنة ضرورة في بنية العمل الديمقراطي ، إضافة إلى الوعي بها من حيث شروطها الذاتية ، ومن حيث شروط مَوْضعتها في الواقعة الإنسانية التي دائما ما تتنازعها الغرائز والميول ، وتغريها الانفعالات المنبهرة براهنيتها، وتفعل بها أكثر مما يفعل بها العقل ، حتى ولو تحدث معها بأصدق وأفصح لسان .
أول قراءة فلسفية حاولت الإحاطة بالإشكالية الديمقراطية ، سواء من حيث هي تصور نظري ، أو من حيث إمكاناتها الواقعية في واقع مخصوص ، كانت قراءة اليونان لها قبل أكثر من ألفيْ عام . الأُمّة المعجزة (= اليونان) هي أول من مارس العمل الديمقراطي عن وعي بالمعنى الإنساني المُتضمن فيه ، وهي أول من تفلسف على هامشه (= العمل) ، ولكن في سياق المتن الإنساني ؛ بغية الارتقاء بالإنسان إلى ما هو أبعد من الإنسان .
صحيحٌ أن بعض الأمم قبل اليونان مارست شيئا ما ، من ديمقراطية ما ، ولظرف ما . لكنها - حقيقة - لم تكن تتقدم بممارسة ديمقراطية بالمعنى المعاصر لهذه الكلمة ؛ لأنها لم تكن واعية بمعنى ما تمارسه ؛ لا من حيث علاقته بشروطه الجوهرية المُحددة لهويته ، ولا من حيث علاقته بالإطار العام للوجود الإنساني ، ذلك الوجود الذي يمنح الأشياء والأفعال والوقائع (فضلا عن الأشخاص) معانيها ، وبدونه تكون عَدَمَاً في عَمَاء .
رغم ذلك ، أي رغم كون الديمقراطية منتجا حضاريا يونانيا في أصله ، إلا أن أعظم فيلسوفين في الحضارة اليونانية (= أفلاطون ، أرسطو) رفضا الديمقراطية الشعبية بوضوح ، رفضاها ؛ لأنهما كانا يستريبان بغوغائية الجماهير ، ويتوجسان من حجم الزخم الانفعالي الذي يرتبط بظاهرة التجمهر الشعبوي ؛ خاصة بعد أن أثبت الواقع لهما صدق ما يتوقعانه ، من خلال ملاحظتهما المباشرة لما كان يجري في (دولة المدينة ) اليونانية ؛ حتى في أوج ازدهار حضارة اليونان .
وكما أن المفكر ليس انعكاساً لما يجري في واقعه ، فهو كذلك لا يفكر خارج واقعه ؛ لأن الواقع بقدر ما هو المحفز على الفكرة ، هو مختبر الفكرة ، وميدان التصديق أو التكذيب . ولا شك أن شبح الحروب الأهلية في انجلترا هو ما جعل الفيلسوف السياسي : توماس هوبز يساند الحكم الفردي المطلق بوضوح وصراحة ، بل ببجاحة ؛ حتى وإن حاول بعضهم ربط موقفه برؤيته التشاؤمية لطبيعة الإنسان .
لا يعني هذا أن أرسطو وأفلاطون وهوبز ، وغيرهم كثير ، كانوا على صواب في ازورارهم عن نظرية التمثيل الشعبي الديمقراطي . ما يعنيه موقفهم هذا ، واستشهادي به هنا ، هو مجرد التأكيد على أن أجمل الأشياء وأكثرها إنسانية قد لا تستسيغها أكبر العقول وأكثرها ثراء بالإنساني ، لما قد تُوحي به من كونها فتح باب للعبث بالإنسان من خلال آليات لا يشك عاقل في إنسانيتها ، ولا في كونها الضمان الوحيد الكفيل بتحجيم وتحديد وتقييد جنون الطغيان .
الذين رفضوا الديمقراطية الشعبية ، وخاصة من الفلاسفة المتجذرين بالهَمِّ الإنساني ، لم يفعلوا ذلك إلا من خلال ربط تصور النظرية بالواقع ، إذ من المؤكد أنهم لو نظروا إلى المسألة الديمقراطية من خلال الواقع الراهن في أمريكا (كندا والولايات المتحدة) وغرب أوروبا ؛ لكانت النظرة أكثر تفاؤلًا ، بل ولربما كانوا سيتخذون مواقف منحازة إلى الديمقراطية الجماهيرية بالكامل ؛ لأن تصورهم الفلسفي للإنسان لا يسمح لهم إلا بما يعزز من تحقيق الوجود الأكمل للإنسان ، وهو الوجود المرتبط بكرامته التي لا وجود لها إلا عندما تتحقق حريته في دورة الاكتمال .
تَحققُ الديمقراطية بكل شروطها في الواقع لايمكن أن يبدأ بمحض قرار . والتدرج في هذا المجال لا يعني مهادنة الوعي اللاديمقراطي ، وإنما يعني تهيئة شروط الواقع ؛ كي تستطيع هذه الشروط التفاعل (بأقصى حدود الممكن) مع مستويات الطموح النظري . فتفككيك البُنى المضادة للفاعلية الفردانية ، لابد أن يكون متواقتا مع محاولات تنزيل النظرية الديمقراطية في الواقع ؛ لأن الإبقاء على تلك البنى من جهة ، ومطالبة الواقع بالاستجابة الفورية والكاملة لاستحقاقات النظرية الديمقراطية ، هو نوع من تفجير المجتمع من أسفله ومن أعلاه ، ورميه في مسارات الفوضى التي لايمكن أن تعيد للإنسان إلا بؤسه الذي يحاول الهروب منه قدر الإمكان .
لهذا ، لا مُبرر اليوم لما يجري في مصر من محاولات عبثية ، تحاول جرّ مصر إلى الفوضى ، عن حسن نية مشوبة بجهل ، أو عن سوء قصد مشوب بخداع .
لا مبرر لهذا ، لا قانونيا ولا واقعيا ، خاصة بعدما أجريت الانتخابات البرلمانية بنزاهة ، وكانت هذه النزاهة مؤكدة بشهادة الجميع ، حتى بشهادة من خسر الرهان في معركة البرلمان ، بل حتى بشهادة الباحثين عن شرعية ديمقراطية غير شرعية البرلمان .
ماذا يعني البحث عن شرعية جماهيرية ؛ مع وجود برلمان منتخب في انتخابات نزيهة لا مطعن فيها ؟!. من يُمثلّها ؟ وبأية وسيلة انتخابية جرى تحديد الممثلين ؟ ولماذا أجريت الانتخابات البرلمانية ؛ إذا لم تكن هي الآلية القانونية / الشرعية لتحقيق التمثيل في الديمقراطية الجماهيرية ؟ وما معنى وجود شرعية للميدان مُوازية - كما يقولون - للشرعية التي يمثلها البرلمان ؟ بل مَن يُمثّل الميدان ، وكم هو عدد الأصوات التي يجب توفرها في الميدان ؛ ليصبح للرأي الميداني وجه حق ديمقراطي ؟ ...إلخ تلك الأسئلة التي تعرّي واقع الفوضى في العقول قبل تعريتها واقع الفوضى في الميدان .
هناك فرق بين الاعتراض على الفائزين في الانتخابات البرلمانية ، وتتبعهم بالنقد ، من خلال تحليل مقولاتهم وسلوكياتهم ومرجعياتهم الإيديولوجية ، وبين الاعتراض على شرعيتهم التي تحققت لهم من خلال الاقتراع الديمقراطي الحر . الأول مشروع ، والثاني مرفوض ؛ لأنه (= الاعتراض على شرعية الفائزين) يعني بالضرورة الاعتراض على الإرادة العامة للجماهير ، خاصة بعد الرضا بالديمقراطية كآلية تمثيل . فسواء اتفقنا أو اختلفنا مع الفائزين ، أشخاصاً وإيديولوجيات ، إلا أن شرعيتهم - إلى حين إجراء انتخابات أخرى - لا يجوز أن تكون محل نزاع ؛ وإلا كنا - في حقيقتنا - معترضين على الديمقراطية من الأساس .
اليوم ، كل عشرة ، أو حتى خمسة أو ثلاثة ، تراهم يجتمعون (وربما في موقع إلكتروني افتراضي) ليكوّنوا ائتلاف ثورة ، وليصبح كل واحد منهم : (عضو ائتلاف الثورة) ، بحيث يظهر على الإعلام بهذه الصفة ، ويتحدث بكل الثقة الثورية الممكنة ، وكأنه يتحدث بلسان الملايين من ورائه ، حتى أصبحت الائتلافات بالآلاف ، والأعضاء المتحدثون بعشرات الألوف ، سواء مَن استطاع منهم الوصول إلى الإعلام ، أو من قعد به حظه ؛ فلا يجد غير الصخب في الميدان .
طبعاً ، ليس هذا اعتراضاً على حق من يريد التعبير عن رأيه ؛ من حيث هو مبدأ ديمقراطي مكفول للجميع ، وإنما هو اعتراض على من يريد (فرض) رأيه بضغط التهديد بالشغب على النظام العام ، بل على الإرادة العامة التي أنتجها الواقع الديمقراطي .
ليست المشكلة في حرية التعبير ، وإنما المشكلة (التي تتفاقم اليوم في ميادين مصر) أن كل مُعترض يمارس حقه في الاعتراض السلمي ، لا يتصور الفرق الكبير بين العرض، والفرض ، بين عرض رأيه في مساحات الحرية ، وبين محاولة فرضه ، فضلًا عن تصوره لحجم التحديات التي تعكسها تعقيدات الواقع من جهة ، وتراكم الفساد لعقود ، بل لقرون ، من جهة أخرى ، والتي هي بدورها تجعل تصحيح كلّ الأخطاء المركبة بضربة واحدة قاضية في حكم المُحال .

الأربعاء، فبراير 01، 2012

التيارات الدينميه و السياسه

في مصر يبدو المشهد السياسي متناسقا بين مسارين كنا نظن أنهما متناقضين خلال العقود الماضية، فمع تقارب حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين مع الغرب تبرز أسئلة كثيرة مهمة عن المستقبل السياسي المحتمل لحزب الحرية والعدالة وغيره من الأحزاب ذات الطابع الأيديولوجي.
هذا ليس نقدا لهذا الاتجاه أو لحركة الإخوان المسلمين فهم من حقهم أن يجربوا حظهم الديمقراطي، كما يجرب غيرهم من الأحزاب في العالم فمثلا الشيوعيون أو الاشتراكيون يجربون حظهم في دول غربية ديمقراطية رأسمالية، ولكنه إثبات للناخبين في العالم العربي بأن الديمقراطية لها متطلبات كثيرة كي تقفز الحواجز الفكرية والأيديولوجية بما في ذلك تغيير الكثير من الخطوط الحمراء من اجل التكيف مع عيون السياسة الساحرة، فهل يمكن فهم وتفسير السبب في مقدار التضييق في الهوة التي كانت تفصل بين خطاب الإخوان المسلمين في مصر وبين الغرب..؟.
من الملاحظات الشديدة على النهج السياسي لتلك الأحزاب هو تخليها عن مفهوم أن لديها الحلول الكاملة وهي شعارات روجت لها خلال السنوات التي سبقت سقوط الأنظمة في دول الثورات العربية، هذا بالإضافة إلى تقاربها الشديد مع دول غربية
بجواب بسيط تبدو السياسة وعيونها سببا رئيسا في ذلك المنحنى الخطير فالمرحلة القادمة في الدول التي تخطتها الثورات هي مرحلة اهتزاز حقيقي لأساسات قد تبدو ثابتة، ولكن المرحلة الجديدة سوف تجعل من هذه الأساسات مسألة فيها نظر، وليس المقصود الأساسات العقدية، ولكنها الأساسات الاجتهادية ذات التفسيرات الخاصة حول فهم الدين للسياسة وعلاقته بالحياة السياسية.
هذه النظرة حول السياسة القادمة لدول الثورات العربية تثبت كل يوم أن متطلبات السياسة أكثر سطوة من متطلبات الايدولوجيا، فقبل أيام قليلة تخلى الحزب السلفي وهو ما يطلق عليه (حزب النور) عن كل اتهام له حول رغبته في إقامة شعيرة الأمر بالمعروف التي أنشأتها كما تقول المصادر جماعة مصرية، ولكن حزب النور نفى انتماءها إليه واعتبر ذلك محاولة للنيل منه ومن مشروعه السياسي، وجاء في نص التصريح المنسوب إلى حزب النور " أن ربط الحزب بهذه الجماعة هو محاولة لتشويه صورة الحزب لأغراض انتخابية".
الثورات العربية خلقت ظرفا تاريخيا مختلفا فيما يخص بالعلاقة مع أحزاب الإسلام السياسي ومجتمعاتها فقد أتت بمتطلبات جديدة أعقبت مرحلة تسلط الدول ممثلة بأنظمتها التي سقطت في تونس وليبيا ومصر وفي سوريا قريبا، وقد كان هذا التسلط الذي مارسته الأنظمة الراحلة ضبابيا في مدلوله الفكري مراوغا في وضوح صيغة الدولة فلم تكن تلك الأنظمة ديمقراطية بمعنى الكلمة ولم تكن دولا ثيوقراطية دينية بمعنى الكلمة، وكان الوضوح ظاهرا في المدلول الأمني، حيث أحكمت القبضة على الشعوب بطرق ووسائل أنتجت هذا الكم الهائل من الثورات العربية.
اليوم وبعد تجربة يطلق عليها أنها ديمقراطية من حيث كلمة انتخابات وخاصة في مصر تتقدم الكتلة التي كانت تشكل كرة المقاومة المضادة للأنظمة السابقة، ومع تقدم هذه الكتل وخاصة الأحزاب ذات الطابع الإسلامي في تونس أو مصر أو حتى ليبيا أو المغرب، فنحن اليوم نشهد صراعا على كيفية صياغة حقيقية للسياسات التي سوف تنتهجها حركة الإخوان في مصر أو حركة النهضة في تونس.
من الملاحظات الشديدة على النهج السياسي لتلك الأحزاب هو تخليها عن مفهوم أن لديها الحلول الكاملة وهي شعارات روجت لها خلال السنوات التي سبقت سقوط الأنظمة في دول الثورات العربية، هذا بالإضافة إلى تقاربها الشديد مع دول غربية كانت ترى فيها عدوا شديد الوضوح من حيث التفاوت والتضاد الفكري والأيديولوجي، ولهذا يبرز السؤال الحقيقي.
هل ستنجح الحركات الإسلامية في دول الثورات العربية في تجربتها السياسية وكيف..؟ هذا سؤال جوهري ومع نه سابق لأوانه من حيث الجزم على النجاح أو الفشل، ولكن هذا لا يعفينا من رؤية مؤشرات النجاح من عدمه، من وجهة نظري ستخوض الأحزاب الإسلامية في دول الثورات العربية تجربتها وفقا لثلاث فرضيات سبق وان تحدثت عنها، ولكني أعيدها مرة أخرى وبشكل أكثر وضوحا. الفرضية الأولى: أن تنقلب تلك الأحزاب على الديمقراطية وتعلنها خلافة بمجرد وصولها وتمكنها من السلطة، وهذا مستبعد بعض الشئ ولا تدل عليها المواقف التي تتخذها تلك الأحزاب اليوم، والسبب في إبعاد هذه الفرضية أن التنوع في مجتمعات دول الثورات العربية والتباين الديموجرافي والفكري والطائفي والعرقي يسقط هذا الاحتمال ولا يستبعده وخاصة إذا ما تمكنت تلك الأحزاب من السيطرة على الجيوش في تلك الدول فقد تلجأ إلى حرب إبادة ومواجهة للمخالفين والمختلفي،ن ولكن كل ذلك غير مطروح على هذه الفرضية حاليا مع انه ممكن الحدوث ففي سوريا وتحت سيطرة حزب البعث يقتل الجيش السوري الشعب السوري.
الفرضية الثانية: أن تنقلب تلك الأحزاب على تابعيها والذين وصلت بهم إلى مقاعد البرلمانات من حيث الوعود بتطبيق التعاليم الأيديولوجية، حيث لن يكمن الحل في الإسلام كما تعد تلك الأحزاب قبل وصولها إلى السلطة وإنما سوف يكمن الحل في السياسة ومتطلباتها ومصالحها، هذه الفرضية قريبة جدا من الحدوث ولكن السؤال هل سوف يتسامح الناخب المؤدلج الذي أوصل تلك الأحزاب إلى السلطة مع تراجع وعود تلك الأحزاب أم سوف ينقلب هو الأخر على نفسه..؟ هذه الفرضية لو تحققت سوف تفتح الفرصة وبشكل كبير لمزيد من التعددية السياسية لان الناخب حتى لو كان مؤدلجا سوف يجرب غير تلك الأحزاب التي كان يعتقد بقدرتها السياسية في الفرص الانتخابية القادمة.
الفرضية الثالثة: وهي من وجهة نظري هي الأقرب للتحقق أن تمضي تلك الأحزاب وتستمر باقية في السلطة لسنوات طويلة تماثل سنوات من سبقها من الأنظمة تحت ذريعة أنها تحاول التوازن بين الماضي والحاضر وسوف تستهلك الوقت والجهد في سبيل التكيف مع الحداثة والتاريخ في سبيل إرضاء طرفين متناقضين الأيديولوجيات وأتباعها من الناخبين والعولمة والحداثة وأتباعها من الغربيين.
إن الصورة المثالية والوردية التي سبقت تلك الأحزاب قبل الانتخابات لن تكون سوى سراب حقيقي وخاصة إذا فهمنا أن متطلبات السياسة أكثر تعقيدا من متطلبات العمل الخيري أو تطبيق العبادات، وكل ما نتمناه حقيقة أن يساهم وصول تلك الأحزاب إلى السلطة إلى إعادة تشكيل وعيها ووعي ناخبيها حول السياسة ومتطلباتها وان التاريخ وما يعد به ليس شرطا أن يكون حقيقة مسلّمة لان الواقع عبر التاريخ يفرض ما يريد ولا ينتظر الماضي ليقرر بدلا عنه.