الاثنين، فبراير 08، 2010

حقائف

حرب دائرة وطويلة بين الشرق والغرب، أو أوروبا المسيحية وأمريكا ذات الديانة مع الإسلام فقد ظهرت موجة جديدة تنشر الرعب في أوساط تلك المجتمعات من أن هناك تغيراً (ديموغرافياً) سوف يحول القارتين إلى دول في عربة القطار الإسلامي خلال نصف قرن من الآن.
الإحصائيات جاءت غير دقيقة وغير موثقة، وبتهويل الأمر، إذ هناك بضعة ملايين لا يتجاوزون في أمريكا السبعة من مجموع السكان الذين قالت آخر الإحصائيات إنهم تجاوزوا المائتين وسبعين مليوناً، وفي الاتحاد الأوروبي ما بين ١٣ إلى ١٥ مليون مسلم وسط ثلاثمائة مليون أغلبهم مسيحيون وديانات أخرى..
الغريب أن هناك جنسيات آسيوية وأفريقية، ولاتينية غير مسلمة تفوق عدد المسلمين لا ينظر إليها بنفس المخاطر، لأن دمجها سهل، وهو صحيح طالما هناك تمييز وإعلام بخلفيات تاريخية، وبؤس متعمد يقع على هذه الأقلية المسلمة، ثم إن الإعلان عن هذا العدد الخطير في نظرهم، لم يفرق بين المهاجر والمواطن الأصلي الذي اعتنق هذه الديانة وخاصة من أفارقة أمريكا السود، ولو كان هذا الخطر مرعباً لتسبب في هجرة معاكسة من إسرائيل للبلدان التي قدم منها اليهود، ولتحول الرعب في روسيا والهند والصين إلى كابوس وخاصة إسرائيل المحاطة بأكبر بحر من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وديانته.
هذا الخوف يذكّرنا بالكيفية التي لجأ خلالها المنبوذون في الهند والذين يعاملهم الهندوس كطائفة قذرة تأتي في السلّم الأخير بين الطبقات، إلى المسلمين ليحرروهم من هذا الظلم، وهنا انتبهت الدولة إلى خطورة هذا العمل بأن بادرت بإلغاء أي فصل عنصري أو تفضيل جنسي وطبقي، وتحسين شامل للدساتير والقوانين، ومع ذلك لا توجد الآن مخاوف من مسلم ضد سيخي، أو هندوسي طالما الحقوق متساوية..
«الفوبيا» من الإسلام مرجعه إلى سلسلة من الوقائع والتواريخ وكأحد مفاصل الصراع القديم، والمتجدد، ومن هنا جاء التهويل من أن انتشاره وتوالد تابعيه بزيادات في المواليد تفوق الأوروبيين والأمريكيين الشماليين جعلا النسب في تصاعد بدون قاعدة رياضية حقيقية، وبالتالي ربما كان الباعث الأساسي هو قطع الطريق على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والتي يُعد سكانها سبعين مليوناً، وإذا ما أضيفوا للمسلمين بالقارة، فقد تصل نسبة تعداد المسلمين إلى ١٥٪ وهي مرجحة في اتخاذ القرارات واحتلال الوظائف، وتقاسم المصالح، مع أن الإسلام في تركيا لا يصنف متشدداً بل وسطياً، ودولتها علمانية بدساتيرها وقوانينها وأقرب للنظم الأوروبية من الدول الإسلامية الأخرى التي تجعل الإسلام هو دينها ومصدر تشريعاتها..
الغريب في الأمر ليس التوافق في نشر هذه الإحصائيات وتحليلها والحملات الإعلامية التي رافقتها، وإنما من بعض وسائل النشر الإسلامية، وبعض المسلمين من أصحاب النوايا الحسنة الذين صدقوا هذا الانتشار الهائل، فرحين بهذا التطور الذي اعترف به الأوروبيون والأمريكان، في حين أن الأمر لا يعدو خدعة إعلامية ليس لأن الإسلام لا ينتشر هناك بل ليس بهذه المضاعفات العددية.