الثلاثاء، يونيو 09، 2009

العوالم الافتراضية

تعرف العوالم الافتراضية على أنها برامج تمثل بيئات تخيلية ثلاثية الأبعاد يستطيع المستخدم لهذه العوالم ابتكار شخصيات افتراضية تجسده تسمى (avatars) وأيضا بناء وتصميم المباني والمجسمات والقيام بمختلف أنواع الأنشطة والتعرف والتواصل مع أشخاص آخرين من مختلف بقاع العالم.
وفي آخر إحصائية قام بها موقع (Association of Virtual Worlds) وموقعه هو (http://www.associationofvirtualworlds.com/) في شهر مايو الماضي من عام 2008م تبين أن هناك أكثر من 115 عالما افتراضيا مخصصا للكبار والأطفال والمراهقين.
يمكن تصنيف العوالم الافتراضية إلى ثلاثة أنواع هي: 1. بيئة ألعاب واسعة متعددة اللاعبينMassively multiplayer online role play games (MMORPG)
2. الميتافيرس (metaverses) 3. بيئة تعلمية واسعة متعددة المتعلمينmassively multilearner online learning environments (MMOLE)
ففي بيئة (MMORPG) يقوم اللاعب بدور معين للوصول لهدف ما، وخلال تحقيقه للهدف يجني اللاعب النقاط لينتقل من مرحلة لأخرى. يتمثل اللاعبون في هذه البيئة بشخصيات مختلفة وبقدرات معينة، ويعملون في مجموعات أو عشائر ويقومون بمغامرات للوصول للهدف المحدد. ويواجه اللاعبون خلال مغامراتهم مجموعة من الأعداء عليهم مواجهتهم والتخلص منهم، وفي الغالب هؤلاء الأعداء هم عبارة عن شخصيات مبرمجة مسبقاً تعمل بأدوار محددة.
من أشهر مثل هذه البيئات بيئة World of Warcraft وموقعه على الإنترنت هو (www.worldofwarcraft.com/bc-splash.htm) التي استخدمتها بعض كليات الاقتصاد لتدريب الطلبة على المفاهيم الاقتصادية مثل البيع والشراء والمقايضة وغيرها.
أما بيئة الميتافيرس فهي عبارة عن بيئة ثلاثية الأبعاد تسكنها شخصيات تدعى «أفتار (Avatar)» يتحكم بها أشخاص حقيقيون عن طريق لوحة المفاتيح والفأرة. يمكن تشكيل الافتار بالطريقة التي يرغبها صاحبها فليس هنالك حدود للتحكم بالشخصية وتغيير هيئتها. وتختلف بيئة الميتافيرس عن سابقتها بأنه لا يوجد فيها أهداف يسعى اللاعبون لتحقيقها، بل يستطيع أي مستخدم لهذه البيئة عمل الأهداف الخاصة به. يعني ذلك أنه لا توجد في مثل هذه البيئات تنافس أو حروب للوصول لهدف معين. كما أن بيئة الميتافيرس توفر للاعبين إمكانية تشكيل وعمل الأجسام المختلفة وبرمجتها وبيعها على لاعبين آخرين. ومن أشهر بيئات الميتافيرس هي بيئة الحياة الافتراضية (Second life).
آخر نوع من أنواع العوالم الافتراضية هي بيئة (MMOLE) حيث تعتبر هذه البيئة من أحدث البيئات من ناحية الفكرة فهي مخصصة للتعليم. وتعمل كامتداد لنظم إدارة التعلم (Learning Management Systems) ولكن في بيئة ثلاثية الأبعاد. الهدف الأساسي من مثل هذه البيئات هو التعلم، فنجد أن البيئة المحيطة تمثل أحيانا على شكل بيئة فصل دراسي مما يسمح للمعلم التحكم بالمحتوى المعروض والمتعلم من التفاعل مع البيئة المحيطة والتواصل مع أقرانه. وكمثال على مثل هذه البيئات فإن بيئة ProtoSphere وموقعها على الإنترنت هو (http://www.protonmedia.com/) يمكن تخصيصها للعمل مع أنظمة إدارة التعلم أو ربطها مع المحتوى الإلكتروني. عالم الحياة الافتراضية (Second Life) تصنف كنوع من أنواع العوالم الافتراضية وقد ابتكرتها معامل ليندن الإلكترونية “Linden Research” عام 2003م. تدور فكرة هذا العالم في تحميل برنامج على الجهاز ويتطلب تركيب البرنامج مواصفات معينة لابد من توافرها في جهاز الحاسب ليعمل البرنامج بكفاءة للاطلاع على المواصفات المثالية ويمكن التوجه لموقع الحياة الافتراضية http://www.secondlife.com/ لمعرفة المواصفات، كما يتطلب البرنامج اتصال سريع بالانترنت، والتسجيل في الخدمة ومن ثم تصنيع شخصيتك أو ما تسمى بالافتار (avatar) والدخول في العالم الافتراضي الذي هيئتها الشركة المنتجة. حيث يمكن التجول في هذا العالم وبناء أجسام من دون الحاجة لكتابة أو تعلم لغة برمجية معينة، كما يمكن خلق صداقات افتراضية جديدة في هذا العالم. ويمتلك اللاعبون في هذا العالم الحقوق الكاملة لممتلكاتهم التي أوجدوها ويمكن بيع أو شراء أي شيء في هذا العالم. لذا فإن العملة المستخدمة في هذه اللعبة تسمى (Linden) ويمكن تحويلها للدولار الأمريكي فعلياً أو شراؤها.
تجارب عربية وعالمية في استخدام الحياة الافتراضية في التعليم والتدريب عالمياً، فقد تنوع استخدام عالم الحياة الافتراضية بين تمثيل للجامعات من مختلف دول العالم من الولايات المتحدة مثل جامعة هارفرد وستانفورد ومن بريطانيا مثل جامعة Hull وأدنبره ومن إيطاليا وفرنسا وكندا وغيرها، أو توفير خدمات أكاديمية لطلبة وزوار هذه الجامعات في عالم الحياة الافتراضية وهذا ما قامت به كلية الدراسات العليا «يو 21 غلوبال». فقد قامت الكلية بإنشاء جزيرة افتراضية تدعى (U21Global Island») تقدم تعليماً عالياً لخدمة ما يربو على 9 ملايين مقيم رقمي. وتتمثل أحد المعالم المهمة في الجزيرة في «نهر المعرفة»، حيث يستطيع الزوار القيام ببحث افتراضي على جميع المقالات والأبحاث المبرمجة والتي ألفها المدرسون في كلية يو21 غلوبال. كما أن هناك ميزة أخرى على الجزيرة وهو وجود منطقة تدعى «صندوق الرمل» (Sandbox)، والتي تم تخصيصها للراغبين في إنشاء وعرض إبداعاتهم. أما الهدف من تصميم مثل هذه المزايا فيتمثل في بث روح مبتكرة في العملية التعليمية والتعلمية والإبداعية (من موقع البوابة العربية).
كما يمكن استخدام عالم الحياة الافتراضية في التعليم عن بعد. فقد قام (Ritzema and Harris, 2008) بتصميم معمل لمقرر تصميم الدوائر الرقمية وذلك بتجسيد بعض الدوائر مثل المجمع (adder) وآلة ميلي (Mealy Machine) والطلب من الطلبة القيام بعمل واجباتهم داخل هذا المعمل. في نهاية الفصل الدراسي قام الباحثون بعمل استبيان لمعرفة مدى استفادة الطلبة من المعمل الافتراضي في الحياة الافتراضية لتسهيل فهم عمل الدوائر الرقمية، وكانت النتيجة إيجابية ومشجعة خصوصا أن الدوائر الرقمية التي تم تمثيلها في المعمل الافتراضي سهلت على الطلبة فهم عمل هذه الدوائر وعززت من قدرتهم على التعامل معها.
في تجربة مشابهه قام كل من (Seng and Edirisinghe 2007) من جامعة (Temasek Polytechnic) في سنغافورة بمحاكاة للمفاهيم الصعبة في مادة تراكيب البيانات والخوارزميات مثل مفهوم المصفوفات والحلقات التكرارية. وقد خصصت ساعة من وقت المعمل للدخول على عالم الحياة الافتراضية والقيام بعمل النشاطات المصاحبة لما تم شرحه. وقد أظهرت نتائج اللقاءات مع الطلبة مدى رضاهم من استخدام هذه التقنية في توضيح مفاهيم المادة. كما يمكن استخدام الحياة الافتراضية في التدريب وتنمية المهارات كما فعلت شركة تومسون نت جي (Thomson Netg)، حيث قامت بتشييد معامل للتدريب على شبكات سيسكو ومايكروسوفت وأخرى لعقد دورات في المهارات مثل مهارة التعامل مع الزبائن ومهارة البيع. أو في تعليم اللغات، حيث قامت مدرسة تعليم اللغات Avatar Languages الافتراضية باستخدام نهج في تعليم اللغات أسمته ( مهام سريالية). «تجمع هذه المهام بين تعليم اللغات عبر الحياة الافتراضية والحياة الواقعية ومصادر تعلّم إلكتروني غنية بالوسائط المرئية والمسموعة وذلك عبر دمج مناهج اتصالية وقائمة على أداء المهام». وبالمثل تأتي فكرة موقع تعليم اللغة الانجليزية www.languagelab.com/en. كما أن إضافة عالم الحياة الافتراضية لمميزات صوتية تسمح لأعضائها بالحديث بعضهم مع بعض بشكل مباشر مكن المعلمين من توفير دروس أكثر تفاعلية.
بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام الحياة الافتراضية لإقامة المعارض والمتاحف وعقد المؤتمرات والاجتماعات، فالمعارض والمتاحف قد تكون فنية أو طبية أو علمية أو خيالية مثل متحف الرحلات الفضائية الدولية (The International Spaceflight Museum) ومعرض مرضى الزهايمر وغيرها العشرات من المعارض والمتاحف. وأيضا استخدام الحياة الافتراضية لتمثيل المناطق التاريخية مثل مدينة روما ومعبد ايزيس (Temple of Isis) وغيرها.
أيضاً بالإمكان استخدام الحياة الافتراضية لتشييد المباني والتصميم الداخلي. فقد قام طلاب تخصص التصميم الداخلي في معهد GippsTAFE Victoria http://www.gippstafe.vic.edu.au/news/2006/december/virtualworlds.html في استراليا بعمل مشاريع تصميمية لمنازل سكان الحياة الافتراضية. حيث تم تخصيص لكل طالب مهمة إعادة تصميم غرف منزل زبون في الحياة الافتراضية.وبالمثل يمكن استخدام عالم الحياة الافتراضية في عمل نماذج لتصاميم معمارية وهذا ما قامت به جامعة (Montana State University) مع طلبة قسم العمارة، حيث طلب منهم استخدام عالم الحياة الافتراضية في تجسيد تصاميمهم واختبارها.
أما في مجال المحاكاة فقد قام مدرس باستخدام قدرات عالم الحياة الافتراضية البرمجية لمحاكاة عالم النمل وذلك ببرمجة مملكة نمل افتراضية لتحاكي تصرف النمل في الطبيعة عند البحث عن الطعام. وكل نملة افتراضية مزودة ببرنامج ذكاء اصطناعي تساعدها من تتبع أثرها والبحث عن الطعام وإيصاله للعش. إلى غير ذلك من الاستخدامات المتنوعة والمبتكرة للحياة الافتراضية في مجالات الطب والعلوم الطبيعية والاقتصاد والقانون وإدارة الموارد والعقارات والسياحة والإعاقة وتعلم اللغات وغيرها.